قبل 5 سنوات، وفي تصرف اليائس احتجاجا على القمع في الذي واجهه في تونس، أقدم البائع المتجول الخضار بوعزيزي على حرق نفسه، وأثار موته احتجاجات في مدينته سيدي بوزيد، وامتدت إلى مدن تونسية أخرى أدت في نهاية المطاف إلى فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وامتدت شعلة الاحتجاجات في تونس إلى دول عربية أخرى، مثل مصر وليبيا واليمن وسوريا.

وفي تقرير نشرته صحيفة “غارديان” البريطانية، يتحدث بعض من ساهموا في الثورة الشعبية في تونس عن تجربتهم، وعبروا على ما يشبه الندم عن إقدامهم على المشاركة في إطلاقها.

ففي مدينة القصرين في تونس، تحدث حسني قالايا عن أسباب وكيفية أقدامه على إشعال النار في جسده ليثير مزيدا من الغضب في الشارع، بعدما كان محمد بوعزيزي، من مدينة بوزيد، قد سبقه إلى ذلك، فأطلقت هاتين الحادثتين شرارة الثورة الشعبية في تونس.

وقال حسني إن كل ما كان يريده هو زوجة وأطفالا ومنزلا وعملا خاصا من دون الحاجة إلى العون من أشخاص آخرين، مشيرا إلى أن أحلامه كانت بسيطة للغاية ولم تتعدى الحصول على عمل خاص به.

وأشار إلى أنه اعتاد على تشجيع الناس على الإعراب عن رأيهم بصوت عال، والمطالبة بحقوقهم.

وقال إنه كانت لديه مشكلة مع رئيس قسم الشرطة، الذي ضربه بعصاه وركله، وهدده بفعل ذلك ثانية إذا شاهده مرة أخرى.

وقال حسني “لذلك ذهبت إلى مركز الشرطة وأشعلت النار في جسدي.. لم يكن لدي شيئا أخسره.. لم يكن بإمكاني أن أضربه، ولم يكن بإمكاني أن أفعل أي شيء آخر.. ليس سهلا أن تشعل النار في جسدك، فأنت تواجه الموت.. في تلك اللحظة فقدت الوعي”.

وأضاف أن البوعزيزي “قلب عالمنا رأسا على عقب، غير أن الحقيقة هي أن الناس كانت تنتظر شخصا للقيام بعمل ما”.

أشار إلى أنه في 7 يناير، عندما أحرق نفسه “لم أكن أتصور أن الأحداث ستتوالى وأن كثيرين من أصدقائي سيقتلون، إذ قتل العشرات وأصيب المئات في الأيام التالية.. واندلعت أحداث عنف في مناطق أخرى ما أدى إلى فرار الرئيس بن علي”.

وقال الشاب حسني عمري، وهو شاب آخر ممن ساهموا في الاحتجاجات في تونس “لقد هرب بن علي ولم تحقق احتجاجاتنا في الشارع أي شيء.. فلم نحصل على وظائف أو أعمال، ولو توفرت فرص عمل لنا لعملنا، لكن العمل غير موجود.. ولهذا السبب تركت الدراسة وتوجهت للفن”.

وقالت زينا سيهاي، والدة حسني قالايا، إنها كانت تتوقع أن الثورة ستجلب العمل والوظائف لأبنائها وبناتها، مشيرة إلى أنها كانت تعتقد كذلك أن الظلم قد زال عنهم بعد انتهاء نظام بن علي.

وأوضحت “لكن دعني أقول لك وليسمع العالم أجمع.. إننا نادمون على فعل ذلك.. نجن نأسف لاندلاع الثورة”.

واشارت إلى أنه قبل الثورة كانت الدنانير الخمسة تشتري الكثير من الخضار وينام الإنسان سعيدا، أما الآن فخمسين دينارا لا تكفي لشراء كميات بسيطة من الطعام.

وأضافت أن ابنها الثاني ضائع أكثر مما مضى، في حين مات شقيقه الأصغر (صابر) في الأحداث.

وقال حسني قالايا إنه دمر أسرته بفعلته هذه ، وحمل نفسه مسؤولية وفاة شقيقه، لأنه حاول أن يتبع خطاه نظرا لكونه الأكبر سنا.

وأوضحت والدته أن أكثر ما يرغب فيه شباب القصرين هي الحصول على وظائف بسبب البطالة المتفشية.

من ناحيته، قال حسني عمري إن ما يدفع الشباب إلى التطرف والالتحاق بالتنظيمات المتطرفة هو الفقر والعوز، خصوصا أنهم لا يجدون مالا حتى لشراء فنجان من القهوة.

وقال إن من ينضم إلى المتطرفين أصبح معهم الأموال الكثيرة.