لم يجد حيدر العبادي بُدا من شد الرحال إلى موسكو في ظل وهن قواته بجبهات القتال وسقوط الرمادي والحديث عن خذلان واشنطن لبغداد، لكن ود الدب الروسي يتطلب دفع أموال لا تتوفر في خزائن العراق التي استنزفتها تداعيات الصراع.
وأكد العبادي من موسكو أن “العراق يعول على تطوير التعاون مع الاتحاد الروسي في مكافحة الإرهاب”، في وقت تشهد فيه علاقات الجانبين “حالة من الدفء والارتياح”.
من جانبه، لفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتينإلى أن “الشركات الروسية تعمل في العراق وتنفذ في أراضيه مشاريع كبيرة، ويدور الحديث عن استثمارات بقيمة مليارات الدولارات”، وقال “إننا نعزز العلاقات فيما يخص التعاون المدني والعسكري التقني”.
وكان العبادي قد توجه الأربعاء إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية، والتقى رؤساء ثلاث شركات كبرى للنفط والغاز.
وفي العراق، تباينت ردود الفعل على زيارة العبادي إلى روسيا وسعيه لتنويع مصادر التسليح.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب عبد العزيز حسن للجزيرة نت إن “أهمية هذه الزيارة تكمن في أنها تأتي في وقت يخوض فيه العراق حربا شرسة ضد الجماعات المسلحة ويحتاج إلى تنوع مصادر التسليح وعدم الاقتصار على دولة دون أخرى”.
وأشار حسن إلى أن لروسيا “دورا أساسيا في إدارة الأزمة التي تشهدها المنطقة”.
سيطرة تنظيم الدولة على الرمادي أربكت حسابات بغداد وواشنطن (الجزيرة) |
من جانبه، قال النائب عن اتحاد القوى عبد العظيم العجمان إن زيارة العبادي إلى روسيا تمثل ورقة ضغط على الإدارة الأميركية التي تنصلت من وعودها بتسليح العراق ومساعدته في حربه ضد تنظيم الدولة، وفق تقديره.
في المقابل، قلّل عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب حسن خلاطي من أهمية الأنباء التي أشارت إلى أن زيارة العبادي جاءت نتيجة تخلي الجانب الأميركي عن تنفيذ وعوده بتسليح العراق.
ولفت خلاطي للجزيرة نت إلى أن الحكومة العراقية تتحرك وفق إستراتيجية خاصة لضمان تنوع مصادر التسليح.
من جهته قال المحلل السياسي أحمد الأبيض إن العبادي يعتزم إبرام صفقة سلاح مع روسيا بمبلغ 4.5 مليارات دولار.
وأضاف الأبيض للجزيرة نت أن الصفقة التي يسعى العبادي لتفعيلها مع الجانب الروسي، تتعلق بمنظومة الدفاع الجوي، ومروحيات “صائد الليل”، وصواريخ، وقطع غيار، ودبابات ومدرعات، تحتاجها القوات العراقية في عملياتها “لدحر الإرهاب من البلاد”.
وأشار إلى أن “المشكلة في تسديد ثمن الصفقة بسبب أزمة مالية خانقة يمر بها العراق، بينما القوات الحكومية في حاجة ماسة إلى الأسلحة الروسية”.
ولفت الأبيض إلى أن 60% من أسلحة العراق روسية، وتوقّع أن يخسر العبادي بهذه الخطوة الدعم الأميركي “في القضاء على الإرهاب المتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية”.
وكان رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وقّع في أكتوبر/تشرين الأول 2012 صفقة أسلحة مع روسيا بقيمة 4.2 مليارات دولار.
وبموجب هذا الصفقة يتم تزويد العراق بثلاثين مروحية هجومية تستطيع الطيران في كل الأحوال الجوية من طراز “Mi-28NE night و50” ونظام دفاع جوي من طراز “بانستير” يحمل صواريخ قصيرة المدى.
لكن هذه الصفقة علقتها السلطات العراقية بعد أسابيع قليلة من التوقيع عليها بسبب شبهات فساد، وبدأ البرلمان عمليات تحقيق مع عدة مسؤولين يشتبه في أخذهم رشاوى مرتبطة بالصفقة.
ونفى المالكي حينها أن يكون الناطق السابق باسم الحكومة علي الدباغ أخبره بوجود شبهات فساد في صفقة السلاح مع الجانب الروسي.