يشهد مهرجان جدة “كنا كدا3” الذي تقام فعالياته على مدار عشرة أيام، تحت شعار “فجر جديد”، إقبالا متزايداً من قبل الزوار الذين توافدوا من مختلف مناطق المملكة لحضور هذا الحدث السنوي الكبير ومشاهدة محتوياته المتنوعة الحاملة في طياتها أصالة الماضي وعراقة التراث الحجازي القديم.

تفاصيل كثيرة وجماليات فاتنة تحدث عنها زوار المهرجان وشدت انتباههم بل أجبرت الكثير منهم على الوقوف طويلاً لمشاهدة مجسم الحارة القديمة “كنا كدا” ببيوتها الضاربة القدم “أبوابها ونوافذها وفوانيسها”، يستذكرون أصالة الزمن الجميل، وعلى بوابتها رجل مضياف من أبناء البلد يرحب بالزوار والضيوف الكرام بكل حفاوة وبشاشة.

لحظات من الذهول تنتاب الزائرين منذ أن تطأ أقدامهم بوابة مجسم سور الحارة القديمة يتمعنون بمكوناتها وأدواتها القديمة، التي تضم في زواياها الفوال بجرته العتيقة وبائع اللبن الذي لا يمل من الدوران في شوارعها، والمكوجي ومزين الحارة بشفرته التقليدية وسقاء الماء الذي يتجول في شوارعها ليروي ظمأ المارة.

وفي زاوية أخرى من المكان يقف الحاضرون على أبواب الفكهاني والبقال بحصيرتهما البسيطة والحداد وهو يسن السكاكين بآلته المتآكلة التي يديرها بأرجله الحافية، ومُصلح دوافير الجاز الباحث عن رزقه بين أزقة الحارة وبيوتها العتيقة، ودكان صاحب البليلة وطاحون المدينة الذي يعمل بحركة اليد، ويعتمد عليه كل أبناء الحارة.

تفاصيل دقيقة تشاهدها في “حارة كنا كدا” لم تغفل أن يكون لمجنونها حضور في حياة الناس وكيف كان يلقى معاملة طيبة من أبناء حارته، ولا يقطع لحظات تأملك غير صوت حارسها الليلي وهو يحاول ترهيب العابثين بأمن أهلها وساكنيها بصراخه المتعالي في شوارعها وأزقتها المتعرجة.

“حارة كنا كدا” مجسم مصغر صُمم بإشراف الفنان إحسان برهان يحوي كل تفاصيل حارة قديمة تضم ستة دكاكين و15 فعالية بمساحة 4 آلاف و500 متر واستخدمت فيه مادة استايراوفوم، داوم على إنجازه 300 شخص خلال 35 يوما بمعدل 1008 ساعات متواصلة ليظهر بشكله النهائي الذي لاقى استحسان الحضور.

وتعد فكرة المجسم خطوة في طريق إعادة احياء تراث المنطقة القديمة تستحق الاهتمام والإشادة كونها تسلط الضوء أمام الملاك والزوار ورجال الأعمال للعمل على ترميم حاراتها وأحيائها وبث الروح في تعرجاتها التي تختزل روح الانسان وتراث المكان وأصالته.