مايو 14, 2024 10:33 م
أخبار عاجلة
الرئيسية / عاصفة الحزم ( إعادة الأمل ) / علي عبد الله صالح قتل الحمدي وأخيه والغشمي وأستفرد بالسلطة وقتل اليمنيين بدون رحمة

علي عبد الله صالح قتل الحمدي وأخيه والغشمي وأستفرد بالسلطة وقتل اليمنيين بدون رحمة

نتيجة بحث الصور عن الحمدي

 

نتيجة بحث الصور عن الحمدي
نتيجة بحث الصور عن الحمدي
تيس سنحان
نتيجة بحث الصور عن الحمدي
الوطن علي عبدالله صالح و تفضح جرائمه ابتداءاً من قتله للرئيس إبراهيم الحمدي و إلى يومنا هذا

كانت “الوطن” قد نشرت سابقا وثائق وحقائق تدين المخلوع بمقتل الرئيسين الأسبقين إبراهيم الحمدي وأحمد الغشمي مشيرة إلى أنه بعد مقتل الأول الذي كان يتمتع بشعبية جارفة كان عدد كبير من مشايخ تعز ومواطنيها يطالبون كغيرهم من اليمنيين بالكشف عن قاتله والقصاص منه وكانوا يعلمون أن نائب الرئيس اليمني الأسبق القائد عبدالله عبدالعالم كان من أقرب الناس للحمدي وأخلصهم له وأحد المطالبين بالقصاص من قتلته وكان ثمة خلافات حينئذ بين الغشمي و عبدالعالم حول مقتل الحمدي و لذا غادر عبدالله عبدالعالم من صنعاء إلى تعز طلبا حماية شيوخها وطلبا للقصاص من قتلة الحمدي.
وكان المخلوع يعلم أن مشايخ تعز يطالبون بنفس الطلب ولذا ضرب عصفورين بحجر واحد متخلصا من عبدالله عبدالعالم والمشايخ في آن واحد خصوصا أن مشايخ تعز كانوا يعيقون مشروعه السلطوي حيث كان يرى أن الطريق نحو الرئاسة لابد أن تمر بالتخلص من القيادات البارزة في تعز ومن ضمنهم مشايخ مؤتمر الروضة الذين ساندوا الحمدي ضد مشايخ مؤتمر خمر عام 1977.
ولجأ المخلوع للحيلة فذهب إلى مشايخ تعز وأقنعهم بالتدخل والوساطة عند عبدالله عبدالعالم لإقناعه بالعودة إلى صنعاء ومقابلة الغشمي وحين وافق المشايخ نصب لهم كمينا في الطريق وقتل أكثر من 30 منهم ما دفع عبدالعالم للانتقال إلى عدن ومنها إلى خارج اليمن حيث استقر في سورية منذ قرابة الـ30 عاما ليستغل المخلوع الأمر ويلصق تهمة اغتيال المشايخ بعبدالعالم .
بداية القصة
…………………
بعد اغتيال الحمدي كان عبدالعالم في صدام شديد مع الغشمي استمر قرابة 7 أشهر حيث كان عبدالله عبدالعالم يطالب بفتح تحقيق عاجل وفوري حول مقتل الحمدي وبعد ذلك غادر عبدالعالم صنعاء متوجها إلى تعز برتل عسكري قوامه 100 فرد مع بعض الأسلحة وعند وصوله مشارف تعز طلب منه المخلوع الذي كان قائد أمن اللواء في المحافظة ألا يدخل المدينة وأبلغه أن عليه التوجه إلى عدن عبر طريق الحوبان الراهدة لكن عبدالعالم رفض الطلب وكسر أوامر صالح ومر بقواته وسط المدينة حتى وصل إلى التربة وهنا اتخذ المخلوع عهدا بأنه سوف “يربي” عبدالعالم ويرد له الصاع صاعين وبدأ التخطيط لكسر شوكة عبدالعالم حتى لا تعيق طموحه الرئاسي واستغل خلافات هذا الأخير مع الغشمي وأفشل محاولات حل الأزمة بينهما واختار الحل العسكري كخيار وحيد للحسم.
وكان الغشمي يعرض حينئذ على عبدالعالم اختيار أي بلد لتعيينه سفيرا فيه وعندما علم صالح بإرسال عبدالعزيز عبدالغني مبعوثا من الغشمي إلى عبدالعالم في تعز للوساطة اعترض المخلوع طريقه في الحوبان وطلب منه إيقاف أي مساع للحل والعودة إلى صنعاء وبدأ المخلوع في محاصرة عبدالعالم في الحجرية.
ورغم رفضه كل الوساطات بين الغشمي و عبدالعالم إلا أنه عاد إلى المشايخ وجمعهم وطلب منهم الذهاب إلى عبدالله عبدالعالم في الحجرية وألح على ضرورة مشاركة الجميع تحت طائلة تهديد الرافض بالقتل ولم ينج إلا الشيخ أحمد سيف الشرجبي الذي حاول صالح إقناعه بمرافقة البقية لكنه رفض وقد تمت معاقبته على ذلك وجرى اغتياله في العام التالي.
تقدم بعض مشايخ تعز بفكرة إزالة سيطرة قوات المظلات على الحجرية بأيدي أبناء تعز عن طريق جمع أفراد مسلحين من المحافظة لكن صالح رفض الفكرة لأنه كان يرى أن أمرا كهذا سيؤدي إلى نشوء قوة جديدة مضادة لطموحاته خصوصا وأن بين هؤلاء المشايخ من يتهمه بقتل الحمدي.
تحرك المشايخ بحراسة مرافقين وعسكريين ومسؤولين وفي وسط الطريق أوقف هؤلاء المرافقين والمسؤولين قافلة اللجنة وأبلغوهم أن مكالمة وصلت تفيد أن عبدالعالم تحرك نحو الوازعية وطلبوا من القافلة التحرك نحو الوازعية لإتمام الوساطة وهناك حيث المساحات الترابية الخالية من السكان انزلوهم بحجة تناول الغداء والراحة ثم قاموا بتصفيتهم.
التاريخ يعيد نفسه
…………………….
يقول الشيخ محمد المري من مشايخ البيضاء إن صالح “غدار كبير وله أيد خفية ويخرج من جرائمه كشعرة من العجين والمشكلة إن اليمنيين صفقوا له أكثر من 33 سنة حتى استفحل الفساد والإجرام في عهده”.
وأضاف “المشايخ الذين قتلوا في البيضاء كانوا مسالمين، حضر إليهم المتمردون وأخذوا 22 من مشايخ مديرية ذي ناعم بحجة عقد صلح معهم ولكنهم طلبوا منهم تعهدا بعدم إيذاء المقاومة لهم وقد صدقهم المشايخ وذهبوا إلى السوادي “معسكر الحرس الجمهوري سابقا” وتحدثوا معهم قرابة الساعتين وعملوا مسودة وقالوا لهم: “اذهبوا ونحن سنطبع المسودة ونرسلها لكم للتوقيع والمسافة بين السوادي وذي ناعم قرابة 40 كلم وعاد المشايخ وفي اليوم التالي حضر المتمردون وأخذوا 4 مشايخ بحجة توقيع الاتفاق وتوقع هؤلاء الأربعة أن البقية سيذهبون للتوقيع معهم وعند وصولهم طلب منهم ترك أسلحتهم بحجة عدم جواز مقابلة القائد بالأسلحة وبعد تجريدهم منها قتلوهم”.
وتابع “صالح هو المجرم الكبير وهو خبير هذه المؤامرات، وكثيرون كشفوا الآن ملفات غدره، بما فيها جريمة اغتيال مشايخ تعز التي نسبها إلى عبدالله عبدالعالم”.
ويلجأ صالح إلى القتل الجماعي عندما يتعلق الأمر بالمشايخ لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.
وأكمل المري “يدعم المخلوع المشايخ الذين يخضعون لأوامره ورغباته بالأموال والسلاح ويصفي مخالفيه منهم بطرق خبيثة وينفذ جرائمه عبر عملاء يخضعون لأوامره ويوفر لهم الحماية وهناك حوادث كثيرة جدا انكشفت خيوطها وأثبتت أنه يمارس الغدر والطعن في الظهر والقتل وإثارة الفتن وضرب الأطراف الأخرى بعضها ببعض لتصفية حساباته”.
خيانة المشايخ
…………………
اعترف أحد مشايخ البيضاء أن هناك مشايخ خونة ربطتهم بالمخلوع في الماضي والحاضر علاقات عدة وقد اشتراهم المخلوع بأمواله وقال “اشترى المخلوع ذمم بعض المشايخ الكبار الخونة وهو يقدم لهم المال ويقدمهم في الوظائف وهم من خانوا ورتبوا لعملية اغتيال المشايخ الأربعة وهناك مشايخ رفضوا توجهات المخلوع والمتمردين الحوثيين ومنهم العمري والحميقاني والمشقلي والقيفي ورفضوا الترسيم والرشوات لذا تم استهداف البيضاء ومشايخها المعارضين لمشروع الحوثي وصالح”.
ممارسة الغيلة
………………….
أبرز مشايخ الرضمة وإب وأحد أبرز المقربين للمخلوع سابقا اللواء عبدالواحد الدعام قال لـ”الوطن”: “ما حدث لمشايخ البيضاء جريمة شنعاء ومن نفذها مجرمون وقد سبق للمخلوع أن نفذ جريمة مشابهة في تعز فقد قتل مشايخ تعز بكمين حيث دأب على تصفية مخالفيه بطرق غريبة وحشية كما أنه يوجه تهم القتل لآخرين لإثارة الفتن وتصفية خصومه فيما بينهم ولديه أعوان يساعدونه في عملياته وما قام به المتمردون تجاه مشايخ البيضاء هو الغيلة وخيانة المستأمن وسفك دمه وجاءت الجريمة بعد عقد المجلس السياسي في صنعاء ما يكشف أن المخلوع هو العقل المدبر لتلك العمليات”.
بدوره يقول رئيس التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة اللواء محسن خصروف إن مشايخ تعز قُتلوا في عهد الرئيس الغشمي والقاتل هو المخلوع صالح الذي كان قائدا للواء تعز وقد قتل هؤلاء كجزء من مخططه للوصول إلى السلطة.
مخاوف المخلوع من الوحدة
………………………………..
يؤكد الدكتور عبده سعيد المغلس وهو أحد أقارب مشايخ تعز المغدور بهم أن المخلوع بدأ التفكير مبكرا بتأسيس حكم قبلي يستمر طويلا وذلك منذ كان قائدا للواء تعز وقد سافر من تعز إلى إثيوبيا لترتيب الصفقة مع أجهزة استخبارات دولية.
وكان على المخلوع حتى يصل إلى الحكم أن يتخلص من قيادات 13 يونيو فبدأ بقتل عبدالله الحمدي وأخيه الرئيس إبراهيم الحمدي ومن يوالونه بالانقلاب الذي أوصل الرئيس حسين الغشمي لسدة الرئاسة وكان صالح اليد المنفذة لذلك ولم يتبق سوى العقبة الناجية من مجزرة قتل قيادات حركة 13 يونيو الرائد عبدالله عبدالعالم قائد المظلات ونائب الرئيس الحمدي الذي كان يتجنب حضور الولائم والذي غادر صنعاء مع بعض مرافقيه إلى مسقط رأسه في الحجرية تمهيدا لمغادرة اليمن عن طريق عدن بعد أن سيطر رجال الغشمي وصالح على مقاليد الأمور وتم قتل كل مؤيدي إبراهيم الحمدي في القوات المسلحة والأمن.
وهنا برزت قضية لم تكن بالحسبان لمخطط صالح في السيطرة على السلطة وهو عبدالعالم الذي لم يتوقع نجاته ووصوله للحجرية وكونه كان نائبا للرئيس الحمدي وامتدادا لشرعيته ما جعل صالح يدرك أن مخططه سيذهب أدراج الرياح إن لم يقتل عبدالله عبدالعالم وبدأ التخطيط للقضاء عليه في الحجرية لكن واجهته عقبة مشايخ الحجرية ففكر بقتلهم وإلصاق التهمة بعبدالعالم.
أدرك صالح أن ما يعيق وصوله للرئاسة هي حركة 13 يونيو وقادتها وحين بدأ الرئيس إبراهيم الحمدي التفاوض والاتفاق مع سالم ربيع علي “سالمين” لتحقيق الوحدة وكان طبيعيا أن يتولى سالمين منصب نائب الرئيس أدرك صالح أن حلمه بأن يكون رئيسا لليمن ستذروه الرياح فأسرع بقتل الحمدي في منزل أحمد حسين الغشمي الذي أصبح رئيسا وصار صالح نائبا له وحين لم ينفذ الغشمي ما تم الاتفاق عليه قام بالتنسيق مع محمد خميس مدير الأمن السياسي حينها واتفقا على قتل الغشمي بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية في عدن وبعد أن أصبح صالح رئيسا تخلص من محمد خميس.
التخطيط والتنفيذ لجريمة الحجرية
…………………………………………
عمل الغشمي بعد أن استقر له الأمر على تلطيف الأجواء بينه وبين عبدالعالم وفكر بأن يعينه سفيرا في الخارج فأرسل له من صنعاء وساطة برئاسة عبدالعزيز عبدالغني لكن صالح وجد أن هذه الوساطة ستعرقل مخططه فعمد إلى منعها واحتجز عبدالغني ومن معه في تعز وأعادهم إلى صنعاء مطلقا إشاعة أن عبدالعالم رفض مقابلتهم.
وواصل صالح مخططه المكون من شقين الأول تجهيز حملة عسكرية للتوجه للحجرية وحصارها وهذا ما بدأ في 27 أبريل 1978 وانتهى في 22 مايو 1978
والثاني تجميع مشايخ الحجرية لإرسالهم كوساطة لعبدالعالم لإقناعه بالعودة وتجنيب الحجرية الحرب والتدمير على أمل إحضاره للتخلص منه وقد غدر علي عبدالله صالح بالشيوخ ولم ينج منهم غير الشيخ أحمد سيف الشرجبي الذي رفض الذهاب معهم لكنه قتل بعد عام في كمين في الطريق الذي يربط التربة بتعز.
تبني الرواية
……………..
يضيف المغلس أن السلطة تبنت رواية صالح التي تقول إن عبدالعالم قتل المشايخ في منزل الشيخ سعيد الأصبحي.
والحقيقة تشير إلى أن وفد مشايخ تعز الذي غادر كلجنة للوساطة كانت ترافقه حراسة من قيادة تعز وكانت مسؤولة عن حمايته وفي وسط الطريق تم إبلاغ المشايخ من قبل الحراسة المرافقة بأن عبدالعالم غادر التربة إلى الوازعية وعليهم التوجه إلى هناك لمقابلته وهناك في الطريق تم قتلهم ولم ينج من المذبحة غير الشيخ حزام مغلس وأحمد الوزير اللذين سلما ومن كان معهم من المرافقين بعد أن منحوا الجنابي والمال الذي معهم مقابل إطلاق سراحهم.
ويشير المغلس إلى أن قتل الوسطاء كان منهجية عند صالح وهي عملية تكررت بقتل مشايخ الحجرية ومع وسطاء اللواء علي محسن من مشايخ جبال الروس وبني بهلول عندما قام بمهاجمتهم وقتل عددا كبيرا منهم وجنود الفرقة الأولى مدرع في منطقة مذبح وكذلك فعل بالوساطة التي بعثها للشيخ صادق الأحمر بقيادة غالب القمش حيث هاجمهم بالصواريخ وقتل عددا منهم وضيوف وحراسة الشيخ صادق الأحمر. ومما يدلل على مخطط قتله لمشايخ الحجرية هو منع وساطة صنعاء من الوصول للحجرية.
شاهد عدل
……………..
وبين المفلس أن اللواء علي محسن الأحمر “الفريق ونائب رئيس الجمهورية حاليا” يعد رجل السلطة الأقوى والثاني بعد صالح وهو الذي حافظ على النظام طوال الفترات السابقة حتى اللحظة التي اختار فيها الانضمام لثورة الشباب عام 2011 وقد قدم شهادته مثبتا أن من قتل مشايخ الحجرية هو صالح بقوله في 22 مايو 2011 إن “من حاك دسائس الحجرية وقتل مشايخ الحجرية وتعز هو علي عبدالله صالح.
مذبحة مشايخ الحجرية قضية إنسانية وجريمة حرب ما حدث في الحجرية من حملة عسكرية وقتل للمشايخ يعد قضية من قضايا حقوق الإنسان وجريمة من جرائم الحرب التي ارتكبها المجرم علي عبدالله صالح .

====================

لاول مرة تابع اسرار خطيرة تنشر شهادة ضابط رفيع عن مقتل إبراهيم الحمدي و أخيه عبدالله

( اليوم الأول )
يوم مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي و أخيه عبدالله , كنت في مقر عملي في قيادة الشرطة العسكرية ( و كانت في العرضي ) , وفي حوالي الساعة الثانية و النصف من بعد ظهر ذاك اليوم أمرني قايد الشرطة العسكرية محسن فلاح أنا و معي ضابط من الزملاء أن اصطحب سيارتين عسكريتين ( طقمين ) , و أن أتوجه إلى المستشفى العسكري ( كان يطلق عليه مستشفى الحوادث) , في الوقت نفسه وجه القايد فلاح طقمين آخرين إلى مستشفى الكويت .
سألت القايد عن التعليمات فأجابني بأنه سيوافينا بها عند وصولنا إلى المستشفى لأن الأمر كان في غاية السرية , و عند وصولى إلى المستشفى و جدت حراسة المستشفى و هم من زملائي في الشرطة, فاستعلمتهم عن الوضع فقالوا إنه كالمعتاد , ثم ناداني زميل لأجيب الهاتف , كان على الخط القايد الذي أمرني أن استلم الجثتين اللتين سيجلبهما المقدم محسن اليوسفي ( وكان وزيراً للداخلية في ذلك الوقت و لا يزال على قيد الحياة) , و حذرني أن يقترب من الجثتين أحد أو أن يراهما أو أن يصورهما .
بعد عشر دقايق تقريباً ( حوالي الثالثة و النصف عصراً ) , و صلت المستشفى سيارتان ,الأولى سيارة إسعاف روسية الصنع تحمل لوحة حكومية لكن لم يكن عليها كتابة تدل على المستشفى الذي تتبعه , و الثانية سيارة نوع حبة و ربع , في الأولى كان الوزير محسن اليوسفي و سايق الإسعاف و حدهما , و أما الثانية فقد كانت مكتظة بالجنود .
دعاني الوزير باسمي قائلاً : أأنت النقيب فلان ؟ قلت : نعم , فأمرني باستدعاء من يحمل الجثة من سيارة الاسعاف , فجاء صـِحـِيـَّان و معهما نقالة , فأخرجا جثةً ملفوفة في بطانية عسكرية مبتلة بالدّم , لم أتمكن من رؤية الجثة , و مشيت أنا والوزير معها و سألته أنضع الجثة في الثلاجة , فقال : لا , نشتي مكاناً آمناً , و حضر أحد الأطباء _ لا أذكر اسمه _ فوضعوا الجثة في غرفة العزْل عند بوابة المستشفى و طلب الوزير قفلاً فغلّق الباب وسلمني المفاتيح , ثم انتحى بي جانباً وقال : هذه جثة عبدالله الحمدي , و حذرني أن يراها أحد أو أن يصورها و إلا فسأتحمل المسئولية كاملة , عندئذ طلبت منه أن أرى الجثة , فدخلنا و كشف عنها , كان عبدالله الحمدي و عليه ملابس مدنية : قميص مموّه و سروال أسود , و فيه ثلاث أو أربع طلقات رصاص في جبهته و رأسه و أسفل عينه , و طلقتين في الصدر , ثم انصرف الوزير مع مرافقيه .
بعد نصف ساعة تقريباً , رجع الوزير مرة ثانية بالسيارتين و المرافقين أنفسهم , فأنزل الصِّحـِّيان جثةً أخرى مغطاة بخرقة سوداء و وضعاها على النقالة و مشينا بها و كان الدّم يقطر من النقالة على الأرض , أدخلنا الجثة في قسم الكلى بمعزل عن جثة عبدالله الحمدي , و قال لي الوزير : هذه الجثة لإبراهيم ( هكذا و لم يقل الرئيس ) .
طُرِحَت الجثة أرضاً على البلاط , و نـُزِعَت عنها تلك الخرقة السوداء , فرأيت الرئيس و عليه ثوب كحلي اللون ( أبو رقبة ) من تلك الثياب التي كانت تستورد من الصين و يلبسها عامة الناس , و رأيت في جسده طلقات عدة , فوق قلبه , و قبل أن يغادر الوزير اليوسفي توقف ليرى موضع الرصاص من صدر الحمدي و سألني : أهذا مدخل الطلقة ؟ فأجبت : لا أدري أهو مدخلها أم مخرجها ..ثم غادر .
في الساعة السادسة مساءً , جاء إلى المستشفى القايد محسن فلاح و مال بي جانباً و سألني : هل استلمت الجثث ؟ قلت : نعم , قال : جثث من ؟ قلت : جثة الرئيس إبراهيم الحمدي و جثة أخيه عبدالله , ثم دخلت أنا و هو _ وحدنا _ ليرى جثة إبراهيم , فقلبها ليرى عدد الطلقات و الباب مغلق ثم انتقلنا سريعا لأريه جثة عبدالله , كان فلاح في حالة من الذعر و حذرني من أن يشاهدهما أو يصورهما أحد و إلا فسأتحمل المسئولية و غادر فأمرت بتشديد الحراسة على الجثتين و على بوابات المستشفى .
و بعد انصراف فلاح بقليل جاءت سيار ( تاكسي ) فيها رجلان يسألان عن عدد الجثث , فأجاب الحراس بقولهم : لا ندري .
في الساعة العاشرة ليلا , جاءني مدير المستشفى ( أو قايد المستشفى كما كان يقال ) و أظنه المقدم حسين السكري , و كان على علم بصاحبي الجثتين و قد أراد أن يعدهما و يكفنهما ليضعهما في ثلاجة المستشفى عند البوابة , فرفضت لعدم و جود أوامر , لكن عند الحادية عشرة و النصف ليلاً هاتفني محسن فلاح يأمرني بالتعاون مع ( القايد ) السكري و بسرعة التكفين و وضع الجثتين في الثلاجة .
كان الذي تولى التكفين رجل عليه كوفية بيضاء و له لحية قد علاها الشيب ( ربما كان الموظف الموكل بالثلاجة ) , و قد كـُفـِّنتْ كل من الجثتين على حدة , كل في مكانها , و لم تغسلا , و قد تولى الموظف ذلك وحده غير أنه احتاج للعون في وضع الكفن فدخل أحد الزملاء ليعينه ( لا يزال الزميل حياً ) , و بعد الكفن نقلناهما معاً إلى الثلاجة بباب المستشفى .
كانت الحراسة مشددة و لم ننم حتى الصباح .
( اليوم الثاني )
في صباح اليوم الثاني كان الخبر قد انتشر بين الناس بمقتل الرئيس الحمدي , و عرفت ذلك من الناس الذين كانوا يأتون للسؤال عن الجثث لكن كان الحراس ينفون , و قد أبلغني الحراس أن أجنبيين ( غربيين ) كانا يستقلان سيارة ( هيئة سياسية ) حاولا التواصل معي بغرض تصوير الجثتين و لم يتمكنا من ذلك .
في الساعة التاسعة صباحا , جاءت سيارة فيها اثنان و كانت بأيديهما آلتا تصوير و قد زعما أنهما من التوجيه المعنوي للقوات المسلحة و كانا يريدان التقاط صور لجثتي الرئيس و أخيه فلم أسمح بذلك فحاولا إغرائي بالفلوس فرفضت ثم ذهبا .
ثم جاءني العقيد المرحوم صالح قوزع من حراسة أحمد الغشمي ( رئيس الأركان ) و كان معه طقم مسلح و سألني عن اسمي و كان على علم به ثم مضى يسألني عن الجثتين و إن كان قد رآهما أحد و عن التوجيهات بمنع الزيارة و .., فسألته عن اسمه فأخبرني فأخبرته أن لا وقت لدي للمناقشة مع أحد و إن كان يريد الحراسة فلينضم بعد إذن قايد الشرطة فمضى .
ما بين الساعة العاشرة و الساعة الحادية عشرة قبل الظهر , أتاني ثلاثة : رجل شايب و كان معه شابان , كانت أمارات الحزن الشديد بادية على و جوههم , عرفني الشايب بنفسه و أنه من آل الحمدي و طلب مني أن أريه جثتي إبراهيم و عبدالله فامتنعت , فألح علي و سألني بالله أن أمكنه من رؤيتهما فرفضت , كان بإحدى يديه كفن و بالأخرى كيس به توابع الكفن فلما يئس مني ناول أحد الصِّحـِّيين ما بيديه ليكفنهما و إن كانا قد كفنا فليهبهما لمن يستحق فأخذه الصحي و رجع الثلاثة . ( و قد حبس الصحي فيما بعد لذلك ) .
كان محسن فلاح يهاتفني كل ساعتين و ثلاث يستعلم عن الوضع عندي و ينبهني فكنت أخبره بمن جاء , و في حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً قبل الغداء جاء فلاح بنفسه فدخلنا ( هو و أنا ) إلى الثلاجة فشاهد الجثتين مكفنتين و أمرني بقبول الحراسة التي كانت قد جاءتني في حوالي التاسعة صباحاً من لدن رئيس الأركان بقيادة العقيد قوزع لتشاركنا الحراسة لكنه أمر بمراقبتهم و عدم السماح لهم أو لغيرهم بمشاهدة الجثتين ثم بعد هذا في الساعة الثانية بعد الظهر جاء قوزع و معه طقمان عسكريان ( حوالي ستة عشر فرداً ) , و قد بقيت قيادة الحراسة بيدي مع أن قوزع كان أعلى من رتبة , و قد تغدينا معاً و خزنا خارج المستشفى في الجهة الشرقية و قد أسندنا ظهورنا إلى سور المستشفى , خلال الخـِزَّان لم نقل كلمة عن الحادث أو الجثتين بل كان قوزع يلقي بعض الطُرَف و لم نسمح لأي مواطن بالاقتراب من المستشفى و كنا نردهم .
في حوالي الساعة السابعة مساء , و أنا داخل المستشفى أبلغني الجنود أن ناساً كثيرين على سياراتهم كانوا يسألون عن الرئيس الحمدى . بقينا هذه الليلة أيضاً ساهرين إلى الصباح .
( اليوم الثالث )
في الساعة الثامنة صباحاً , جاءت سيارتان عليهما رجال يسألون إن كان بين الجثث جثة المقدم علي قناف زهرة ( قايد اللواء السابع مدرع و كان مقره يومئذ في النهدين ) و جثة عبدالله الشمسي مدير مكتب الرئيس إبراهيم فأجبتهم أنا شخصيا أن لا وجود لدينا لأية جثث .
في الساعة الثامنة و الربع صباحا و صلت المستشفى سيارات عدة عليها محسن فلاح و محسن اليوسفي و عبدالعزيز الغشمي ( و هذا الأخير هو أخو أحمد الغشمي و جهزوا سيارتي إسعاف من داخل المستشفى و أخرجت السيارتان إلى البوابة الجنوبية و في خلال ذلك و صلت سيارة عسكرية و عليها ذلك الرجل الشايب الذي كان قد قال لي إنه من آل الحمدي و سبق أن طلب مني رؤية الجثتين ( عرفت فيما بعد أنه أخوهما و اسمه محمد ) , أمسك محسن اليوسفي بيده و صعدا إحدى سيارتي الإسعاف و رأيته بعيني و هو يريه إحدى الجثتين ثم قاده إلى سيارة الإسعاف الأخرى و أراه الجثة الأخرى فرأيت الدموع تنزل من عيني الأشيب وهو يردد : حسبي الله و نعم الوكيل , إنا لله و إنا إليه راجعون , ثم تحرك الموكب رسميا و كان الناس قد تجمعوا حول المستشفى .
رجعت إلى مقر قيادة الشرطة لكن ما لبثت أن كلفني القايد فلاح بالتوجه رأساً إلى مقبرة الشهداء ( الكائنة بجوار جامع الشهداء ) لتولي الحراسة فانطلقت و حين و صلنا و جدنا قدامنا قوات المظلات منتشرة في المقبرة و معهم قذايف آر بي جي ( كانت المظلات بقيادة الرايد عبدالله عبدالعالم ) , و قد منعونا أول الأمر من دخول المقبرة ثم بعد كلامٍ أخبرناهم أننا زملاؤهم فسمحوا لنا بالدخول .
كانت جموع غفيرة من الناس حول المقبرة و بالأخص عند البوابة الشرقية ( تواجه الآن فرزة صنعاء – تعز ) , كانوا يصيحون : أين الحمدي يا غشمي من هو القاتل يا غشمي , ثم وصل موكب من السيارات تتوسطه سيارة نوعها صالون ذات لونين بني – أبيض , كان فيها أحمد الغشمي ( قايد الأركان ) و بجنبه سالم ربيع على ( رئيس جنوب اليمن ) ( و كان سايق الصالون يدعى فلان الجمل ) , و بعد الدفن خرج الموكب من البوابة الشرقية نفسها و ما إن خرجت الصالون حتى شاهدنا وابلاً من الأحذية تقذف على الصالون و فيها الغشمي و سالم ربيع حتى لقد غطت الأحذية مقدمة الصالون و وقعت علينا نحن أيضا و كنا نحاول فض الجموع عن السيارات .
رجعت إلى مقر الشرطة العسكرية و كتبت تقريراً خطياً بكل ما كان و سلمته للقايد الرايد محسن فلاح .
عدت إلى البيت منهوك القوى بدنياً و روحياً
و أسلمت نفسي لنوم ثقيل ..ثقيل .”

شاهد أيضاً

عاجل : حدث تاريخي عظيم تشهده البيضاء الآن وسط تهليل وتكبير القبائل في ال عوض و ردمان

  قال مصدر محلي وقبلي في محافظة البيضاء اليوم الجمعة أن دعوة النكف الشعبي التى …