“ابني المصاب قادني لهذا التحدي”.. هكذا عبرت السيدة السعودية عن سبب وصولها لأعلى قمة في العالم، في رحلة استغرقت 9 أيام متواصلة، تحدت فيها الصعاب وسط الثلوج، وإصابتها أثناء المهمة بوعكة نتيجة قلة الأكسجين وارتفاعها عن مستوى البحر، رغم كثافة التدريبات الاستباقية لمدة 3 شهور كل ذلك لدعم جمعية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، “افتا” ورفع اسمها في أعلى قمة “أفرست”.

طبيبة الأسنان السعودية أوضحت صعوبة هذه التجربة منذ البداية، بالتدريب عليها من ديسمبر الماضي واكتساب المهارات اللازمة لتسلق قمة “إفرست”، حيث بدأت رحلتها في الخامس من أبريل متجاوزة 4220 مترا فوق سطح البحر, ومكثت الحقيل يومين في “acclimatization” كي يتأقلم جسمها تدريجيا على الارتفاعات العالية، وإعطاء مجال كاف لتكاثر كريات دم حمراء، وزيادة نسبة الهيموجلوبين المسؤول عن حمل ونقل الأكسجين في الجسم؛ لارتفاعه العالي عن مستوى البحر ثم استمرت بالمشي 6 ساعات يوميا للوصول إلى الهدف.

وأشادت الدكتورة الحقيل بتفاعل المجتمع مع مبادرتها التي تهدف إلى تعريف المجتمع بذوي الافتا، وتقديم العمل الخيري بالمساهمة في نهضة المجتمع ومنع الآثار السلبية للاضطراب، كما تهدف إلى رفع مستوى الحياة للمصابين من خلال رفع الوعي وتحسين الخدمات، حيث يصيب اضطراب افتا حوالي 15% من أطفال المملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من وجود هذا العدد الكبير من الأطفال الذين هم في حاجة للتشخيص والعلاج إلا أن الخدمة التشخيصية العلاجية العالية الجودة نادرة الوجود بالمملكة، وتمنت الدكتورة نسرين أن تصل رسالتها للمجتمعات وتقديم ما يخدم هذه الفئة الغالية على قلوبنا.

في بداية حديثها أكدت الدكتورة نسرين الحقيل أن هذه الفكرة راودتها منذ نحو عام، وسببها الرئيسي ابنها طلال الأوسط المصاب باضطراب في فرط الحركة، قائلة: لما سمحت الفرصة لي أخذتها من دون تردد مع وضع هدف معين لرحلتي، وليست فقط مغامرة عابثة, فجاءت جمعية افتا الخيرية في مقدمة الجهات التي رغبت بإيصال رسالتها، “لأني أتمنى أن تصل للقمة على أرض الواقع، ونحقق جميعا الأهداف التي كتبناها في أسرع وقت ممكن, حيث تحدثت مع سعاد يماني ورحبت بالفكرة كثيرا”.

بداية التنسيق لهذه التجربة كان من قبل دولية للتعاون وكان الفريق المشارك 12 شخصا، بالإضافة إلى طبيب وقائد المسيرة في صعود الجبل و5 أشخاص من الجنسية النيبالية مختصين في أخذ السياح الراغبين في الوصول إلى قمة افرست لمساعدتهم.

وأضافت نسرين أن تدريبها لتخطي هذه المرحلة كان في نهاية شهر ديسمبر لمدة 5 إلى 6 أيام أسبوعيا يتخللها يوما مشي لمدة ثلاث ساعات، وكان المشي بالحذاء المخصص لصعود “قمة افرست”, وكنت أحمل في التدريب حقيبة وزنها 10 كيلوغرامات , بالإضافة إلى مدربة خاصة كانت معي مرتين في الأسبوع لتمارين رياضية مختلفة وتقوية العضلات .

وبينت الحقيل أنها واجهت مشكلة بسبب نقص نسبة الأكسجين بعد الارتفاع عن مستوى البحر في آخر ثلاثة أيام مع اشتداد البرد وصداع مستمر وأعراض أخرى بسيطة, لكن إصراري أنساني هذا العارض وركزت على الهدف وواصلت المسير.
وأضافت “عند وصولنا إلى القمة كان هنالك استقبال ضخم والاحتفال بي في معسكر السلام أعلى قمة افرست بعد تحقيقي هذا الإنجاز والهدف الذي رسمته, وكان هنالك أشخاص من مجموعات مختلفة بأهداف مختلفة وتم إبلاغهم بجمعية افتا الخيرية وأعمالها في مجال الإنسانية”.

وأشارت إلى أن الشخص الذي وقف معي ودعمني هو زوجي راكان الذي كان متخوفاً لصعوبة هذه التجربة”، لكني أثبت نفسي بتحقيق هذا الإنجاز وكانت هنالك وقفة صادقة من والدي خاصة وأقاربي بمتابعتهم الدائمة وتشجيعهم لي ومباركتهم لي بعد إنجاز الهدف, وقدموا الشكر لترك الأثر الإيجابي في نفوس المجتمع وتحقيق المستحيل وأتمنى تحقيق أماني الأطفال المصابين بدعمهم بكافة الطرق وهذا بحد ذاته إنجاز”.

وتمنت الحقيل في ختام حديثها لـ” العربية.نت” إيصال رسالتها للمجتمع ونشر الوعي بين الأسر لدعم هذه الفئة الغالية, فجمعية “افتا” تمتلك برامج عديدة ومن أهدافها افتتاح فروع في كافة مناطق المملكة، وأن تكون الجمعية هي الداعم الرئيسي للمصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المملكة، وأن تقدم لهم أفضل الخدمات البحثية والعلاجية للمصابين، وأن تكون الجهة المسؤولة عن رفع مستوى الوعي عن الاضطراب وتحسين الخدمات المقدمة لهذه الفئة.