أبوليناريا يعقوبوفا.. ثائرة شابة أسرت لب الزعيم الماركسي لينين واختلفت معه بعنف في اجتماعات الحزب. وصفتها زوجة لينين بأنها ذات عيون بنية براقة، رائحتها كرائحة المروج النضرة. تساءل المؤرخون وبحثوا عن وجه يعقوبوفا لأجيال وأجيال حتى تحقق حلمهم أمس الجمعة بنشر أول صورة لها.

تعتبر قصة يعقوبوفا من الأحداث التي لطالما أثارت الفضول في حياة لينين، حيث كانت تلك الشابة مليئة بالحماس للأفكار الشيوعية والاشتراكية.

تاريخ يعقوبوفا الحزبي وسجالاتها النارية مع أعضاء الحزب وخاصة لينين موثقة بشكل مفصل، إلا أن ما كان مفقودا لدى المؤرخين هو وجهها، الذي ظل لغزا حتى البارحة عندما نشرت صحيفة كامدين نيو جورنال صورتها.

وتقول صحيفة ذي إندبندنت البريطانية إن الصورة كانت ثمرة جهد دؤوب للمؤرخ البريطاني المتخصص في التاريخ الروسي الدكتور روبرت هندرسون.

سافر هندرسون الذي يعمل أستاذا في جامعة كوين ماري البريطانية إلى العاصمة الروسية موسكو، وبدأ رحلة بحث مضنية في الأرشيف الروسي القديم قادته إلى سراديب وأقبية مظلمة ومنسية.

ولكن المفاجأة تجلت في العثور على صورة يعقوبوفا بينما لم تكن الشخصية التي كان هندرسون يبحث عنها في دهاليز الأرشيف الروسي الرسمي، بل كان يبحث في تاريخ ثائر اشتراكي آخر ولكنه فوجئ بها مندسة في كومة أوراق قديمة.

يعتقد المؤرخون أن لينين لم يشف من صدمة فقدان يعقوبوفا ورفضها له (غيتي)

يعلق هندرسون على الصورة بأنها “ذات جمال أخاذ” وأنها تمتعت بمجموعة من الصفات جعلت “من الصعب على أعتى العتاة مقاومة سحرها”.

دخلت يعقوبوفا المعتقل في سيبيريا حيث يعتقل الناشطون السياسيون، وهو معتقل في أبرد منطقة في الأرض وأكثرها عزلة لمنع المعتقلين من الهروب، لكنها تمكنت من الهروب وسافرت آلاف الأميال في رحلة مضنية إلى العاصمة البريطانية لندن حيث التقت لينين عندما كانت في أواخر العشرينات من عمرها.

كان لينين يناديها باسم “ليروتشكا” ورغم أن المؤرخين يقولون إنها كانت الحب الحقيقي للينين، فإن الاثنين كانا على خلاف سياسي عميق.

كانت يعقوبوفا تناضل من أجل ما سمته “الديمقراطية المنظمة” حيث للطبقة العاملة انخراط أكبر بالحزب (الشيوعي) لكن لينين كان عراب ما يعرف في القاموس السياسي باسم “المركزية” أي أن ينحصر كل شيء بيد حكومة مركزية ترسم الخطط وتشرع، وجميع المكونات الأخرى ما هي إلا أدوات تنفيذية.

ومن الحقائق الثابتة أن لينين طلب يد رفيقته للزواج ولكنها رفضت، ويعتقد المؤرخون أن لينين لم يشفَ أبدا من أحزان ذلك الرفض حتى مماته.

ولم يعرف ما آل إليه مصير الناشطة الشابة، وهي ليست الوحيدة من ناشطي الماركسية الذين مسح اسمهم من سجلات التاريخ. يعتقد أنها فارقت الحياة بين الأعوام 1913 و1917.

آخر ذكر لها كان عام 1924 عندما وصفها منسق الحزب الشيوعي كونستانتين تاختاريف بالكلمات التالية: صديقتي الصدوقة التي كرست نفسها للآخرين والتي ضحت بحياتها بشهامة من أجل تحرير الطبقة العاملة.

المصدر : الصحافة البريطانية