مايو 12, 2024 6:31 ص
أخبار عاجلة
الرئيسية / تحقيقات وحوارات / رياح الحوثيين وعاصفة الحزم

رياح الحوثيين وعاصفة الحزم

أ

طلقت الحركة الحوثية- المعروفة حاليا بأنصار الله – مطلع عام 2014 من معقلها بمحافظة صعدة شمالي اليمن حملة عسكرية على محافظة عمران المجاورة،  بدا أن المقصود منها ضمان أكبر قدر لها ضمن الكيان الاتحادي الذي توافق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني.

لكن الحوثيين فاجؤوا الجميع بمد سيطرتهم إلى صنعاء، واستيلائهم عليها في سبتمبر/أيلول 2014 بتعاون غير معلن مع علي عبد الله صالح، الرئيس الذي خيضت في عهده ضدهم ست حروب.

وبعد استيلائهم على مخزونات الجيش بدأ الحوثيون خطوات تدريجية لقضم ما تبقى من مؤسسات الدولة وسلطتها. فضيقوا الخناق على حكومة خالد بحاح، وحالوا دون إقرار مسودة الدستور الاتحادي، ودفعوا الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الاستقالة ثم وضعوه تحت الإقامة الجبرية.

 ثم قاموا بحل البرلمان وأصدروا إعلانا دستوريا ينص على إنشاء مجلس انتقالي وآخر رئاسي، وأعطوا أولوية في التعامل مع إيران، وهو ما عزز الشكوك حيال موالاتهم لها، وأثار مشاعر القلق لدى جيران اليمن.

لكن فرار هادي إلى عدن وعودته عن الاستقالة -التي كان مجلس النواب قد رفضها- غيّر قواعد اللعبة. أمام هذا المأزق لم يجد الحوثيون بدا من العمل على إسقاطه في معقله الجديد بالتعاون مع وحدات في الجيش حافظت على ولائها لصالح، وكادوا أن ينالوا مبتغاهم مع سقوط تعز في أيديهم، واقترابهم من عدن، وهو ما دفع الأخير -وهو الرئيس الشرعي لليمن- إلى طلب النجدة من دول مجلس التعاون الخليجي.

 عملية “عاصفة الحزم” التي أطلقتها السعودية -برعاية غربية ومشاركة عربية وإسلامية- جاءت ردا على رياح الشمال التي أطلقها الحوثيون من صعدة مطلع العام الماضي.وقد أعلنت الدول المشاركة فيها أن هدفها إعادة السلطة الشرعية في اليمن و”حماية المنطقة من تداعيات انقلاب الحوثيين”.

التغطية التالية تعرف بالحوثيين، وبأطراف الصراع اليمني، وبعملية عاصفة الحزم وآفاقها، وبالردود الإيرانية الأولية عليها، وباحتمالات تطورها إلى هجوم بري، كما تلقي ضوءا على الأهمية الإستراتيجية لباب المندب الذي وقع مدخله بقبضة الحوثيين.

الحوثيون من هم؟

الحوثيون من هم؟ يؤكد الحوثيون انتماءهم لإرث أئمة الممالك الزيدية التي حكمت شمالي اليمن لألف عام(الفرنسية)

قفز الحوثيون إلى واجهة المشهد السياسي والعسكري اليمني منذ 2004 عندما خاضوا أولى جولاتها من الحرب التي امتدت لست جولات مع الدولة اليمنية برئاسة علي عبد الله صالح.

ولكن من هم الحوثيون؟
هم حركة سياسية دينية اجتماعية مسلحة أسست عام 1992 وباتت تتخذ رسميا اسم “أنصار الله”. وتمت تسميتهم بالحوثيين نسبة إلى مؤسسهم حسين الحوثي الذي قتل في 2004 ووالده المرشد الروحي للحركة بدرالدين الحوثي.

خاض الحوثيون -الذين يتخذون من محافظة صعدة (شمال غرب) معقلا لهم- ست حروب مع نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح بين 2004 و2010، إلا أن صالح بات حليفهم الرئيسي اليوم ويعد القوة الحقيقية خلف صعودهم المثير منذ 2014.

“ينتمي الحوثيون إلى الطائفة الزيدية الشيعية القريبة من المذهب السني والتي يشكل أتباعها أغلبية في شمالي اليمن وأكثر من ثلث سكان البلاد. إلا أنهم متهمون بالتقارب عقائديا مع المذهب الشيعي الاثني عشري المنتشر في إيران والعراق ولبنان، “

ينتمي الحوثيون إلى الطائفة الزيدية الشيعية القريبة من المذهب السني والتي يشكل أتباعها أغلبية في شمالي اليمن وأكثر من ثلث سكان البلاد. إلا أنهم متهمون بالتقارب عقائديا مع المذهب الشيعي الاثني عشري المنتشر في إيران والعراق ولبنان، وذلك مع حصولهم على رعاية من إيران.

وبدأ الحوثيون في 2014 حملة توسعية وضعوا يدهم خلالها على معظم معاقل النفوذ للقوى التقليدية في شمالي اليمن، ولا سيما آل الأحمر -زعماء قبائل حاشد النافذة- وسيطروا على صنعاء في الـ21 من سبتمبر/أيلول مستفيدين من عدم مقاومة الجيش الموالي بنسبة كبيرة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، كما سيطروا على دار الرئاسة في يناير/كانون الثاني وحلوا البرلمان ومؤسسات الدولة في فبراير/شباط 2015 وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تمكن من الفرار إلى مدينة عدن الجنوبية وأعلنها عاصمة مؤقتة.

وأتى التدخل العسكري الذي تقوده السعودية بينما كان الحوثيون قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على عدن ما كان ليعتبر انتصارا كبيرا لإيران عند الخاصرة الجنوبية للمملكة.

أهداف الحوثيين
تعيد الظاهرة الحوثية شبح الماضي المتمثل بالإمامة الزيدية مع تأكيد آل الحوثي انتماءهم إلى آل البيت وانتسابهم إلى إرث أئمة الممالك الزيدية التي حكمت شمالي اليمن طوال ألف عام تقريبا حتى العام 1962 حين أطاحت بالإمام البدر ثورة وطنية.

“كان يعتقد في السابق أن حملتهم العسكرية في الشمال عام 2014 تهدف إلى ضمان أكبر قدر من الأراضي لهم في اليمن الاتحادي الذي يفترض أن ينشأ بموجب قرارات الحوار الوطني، إلا أن تمددهم لسائر أنحاء البلاد عزز المخاوف من سعيهم للسيطرة على سائر البلاد “

ويُتهم الحوثيون من قبل خصومهم عموما بالسعي إلى عودة الإمامة الزيدية ولو أن ذلك لا يشكل جزءا من خطابهم السياسي المرتكز على تمكين “إرادة الشعب” و”محاربة الفساد والمفسدين” ومحاربة “التكفيريين”.

وكان يعتقد في السابق أن حملتهم العسكرية في الشمال عام 2014 تهدف إلى ضمان أكبر قدر من الأراضي لهم في اليمن الاتحادي الذي يفترض أن ينشأ بموجب قرارات الحوار الوطني، إلا أن تمددهم لسائر أنحاء البلاد عزز المخاوف من سعيهم للسيطرة على سائر البلاد بما يصب خصوصا في مصلحة حليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي ما زال لاعبا كبيرا في السياسة اليمنية.

رد الحوثيين

عدا عن تعزيز مواقعهم في المناطق الموالية لهم في الشمال، قد يحاول الحوثيون -بحسب المراقبين- استفزاز السعودية على حدودها الجنوبية، فهم سبق أن تسللوا إلى أراضيها في 2010. إلا أن السعودية حشدت 150 ألف رجل لعملية “عاصفة الحزم” ولا سيما على الحدود وأعلنت القوات المسلحة الخميس الماضي أنها تعاملت مع محاولة حوثية لإثارة مشاكل على الحدود. وليس من المتوقع أن تتدخل إيران مباشرة إلى جانب الحوثيين لأن ذلك يفتح باب جهنم في المنطقة.

علاقتهم بإيران

يختلف المراقبون بشأن مدى ارتباط الحوثيين بإيران في الأساس، إذ تملك الحركة الحوثية جذورا حقيقية في المجتمع اليمني، لكن الأكيد أن ارتباطهم بطهران ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

ومع سحب الدول الكبرى ودول الخليج سفاراتها من صنعاء، رد الحوثيون على العزلة الدولية بفتح جسر جوي مباشر مع إيران التي تعهدت بدورها بتأمين الوقود لمناطقهم وبناء محطات كهرباء، فضلا عن دعمهم في التصريحات الرسمية في الإعلام التابع لهم ووصف انقلابهم بـ”ثورة شعبية” يمنية داخلية.

ويحاول القائد الشاب لحركة أنصار الله عبد الملك الحوثي تقليد زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، من حيث الطريقة في التعبير أو في مضمون الخطاب الذي يركز على محاربة الفساد والعداء للغرب ولإسرائيل.

الحروب : 6+1

الفاعلون في المشهد

أبرز المحطات

أبرز المحطاتاستولى الحوثيون على صنعاء ومنها بدؤوا تمددهم جنوبا(الفرنسية)

– 21 سبتمبر/أيلول 2014: الحوثيون يستولون على مقر الحكومة في صنعاء بتواطؤ من أجهزة الدولة ووحدات في الجيش.

22 سبتمبر/أيلول 2014: الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوقع اتفاق “السلم والشراكة الوطنية” برعاية المندوب الأممي جمال بن عمر وممثلي الأطراف السياسية بمن فيهم “أنصار الله” (الحوثيون).

14 أكتوبر/تشرين الثاني 2014: الحوثيون يسيطرون بسهولة على مرفأ الحديدة.

20 يناير/كانون الثاني 2015: الحوثيون يستولون على القصر الرئاسي ويحاصرون مقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح.

6 فبراير/شباط 2015: الحوثيون يصدرون بالتعاون مع وزيري الداخلية والدفاع في حكومة بحاح إعلانا دستوريا يقضي بحل البرلمان وتشكيل مجلس انتقالي يتولى إدارة شؤون البلاد.

21 فبراير/شباط 2015: الرئيس يفر من صنعاء ويلجأ إلى عدن.

  23 – فبراير/شباط 2015: الرئيس اليمني عبد ربه منصور يتراجع عن استقالته ويبدأ ممارسة مهامه رئيسا شرعيا للبلاد بعد اعتباره عدن عاصمة مؤقتة.

13 مارس/آذار 2015: استعراض حوثي للقوة عبر مناورة عسكرية قرب الحدود السعودية.

19 مارس/آذار 2015: القوات الموالية لهادي تستعيد السيطرة على عدن بعد معارك عنيفة ضد المتمردين، وتعليق الرحلات في مطار عدن.

22 مارس/آذار 2015: الحوثيون يتقدمون إلى تعز ثالث مدينة في البلاد والمؤدية إلى عدن.

25 مارس/آذار 2015: نقل الرئيس هادي إلى “مكان آمن”، فيما بات التمرد الحوثي على بعد ثلاثين كلم من عدن، واستولى على قاعدة العند الجوية.

25 مارس/آذار 2015: الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يطالب مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية بالتدخل العسكري لوقف زحف مقاتلي الحوثيين إلى مدينة عدن.

26 مارس/آذار 2015: تحالف عسكري بقيادة السعودية يتدخل في اليمن ويشن غارات على مواقع الحوثيين، تشارك في التحالف قوات من بلدان الخليج ومصر والأردن والسودان، والولايات المتحدة تعلن تقديم دعم لوجستي واستخباري للتحالف.

قراءات في التحرك الحوثي

 

تباينت قراءات الخبراء لأسباب الأزمة الراهنة ، تاليا ما قاله خمسة أكاديميين في الشق الداخلي من أزمة اليمن :

 

“عاصفة الحزم”المسمى والحصيلة

 "عاصفة الحزم"المسمى والحصيلةدار الرئاسة بصنعاء ومنزل صالح استهدفت بعاصفة الحزم(الجزيرة)

كان لافتا تسمية العملية العسكرية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن بـ”عاصفة الحزم”، وأثارت هذه التسمية تساؤلات وتحليلات كثيرة عن أسباب اختيارها من قبل القائمين على الحملة.

وكشف رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن أن أسباب هذه التسمية تعود لمقولة شهيرة لمؤسس المملكة الملك عبد العزيز.

وقال المغردون إن المقولة الشهيرة للملك كانت “​الحزم أبو العزم أبو الظفرات، والترك أبو الفرك أبو الحسرات”.

هذه العملية التي انطلقت فجر الخميس في 26 مارس/آذار 2015 أكد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أنها “لن تتوقف حتى تتحقق أهداف العملية وينعم الشعب اليمني بالأمان”.

وكان بيان مشترك صادر عن كل من السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت أعلن أن عملية “عاصفة الحزم” العسكرية تأتي “لردع الحوثيين والحيلولة دون استيلائهم على عدن” واستجابة لما تضمنته رسالة الرئيس عبد ربه منصور هادي.

واعتبر البيان أن “التهديد لا يقتصر على أمن اليمن واستقراره وسيادته فحسب بل صار تهديدا شاملا لأمن المنطقة والأمن والسلم الدولي”.

أما عن المدة التي قد تستغرقها هذه العملية فأعلن دبلوماسيون خليجيون أن “عاصفة الحزم” يمكن أن تستمر لفترة تصل إلى ستة أشهر.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول خليجي أن السعودية وحلفاءها يراهنون على حملة جوية تستمر شهرا، لكن “ذلك يمكن أن يستمر من خمسة إلى ستة أشهر”.

أما أبرز الأهداف التي ضربت فهي:

–         مخازن ومقرات للحوثيين بصعدة

–         منزل عبد الملك الحوثي بصعدة

–         دار الرئاسة في صنعاء

–         منزل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في صنعاء

–         مقر الفرقة الأولى (مدرع) في صنعاء

–         مطار صنعاء الدولي

–         قاعدة الديلمي العسكرية في صنعاء

–         معسكر ريمة حميد بمنطقة سنحان جنوب صنعاء

–         معسكر الصباحة غرب صنعاء

–         قاعدة الحديدة الجوية

–         قاعدة العند في لحج

–         محيط القصر الرئاسي في عدن.

طهران.. وعاصفة الحزم

التدخل البري بميزان الخبراء

التدخل البري بميزان الخبراءخبير أميريكي : حجم القوة السعودية يشير إلى عملية طويلة الأمد

ينقسم الخبراء في تقديرهم لنطاق العمليات العسكرية السعودية في اليمن، بعضهم يرى أنها ستشمل التدخل البري، بينما يستبعد آخرون ذلك. ويحذر خبراء من وصول النزاع إلى السعودية نفسها ما يعني اتساع الحرب إلى كل الشرق الأوسط.

“المحلل الاسترالي جون مكارثي “السعودية تخشى من أن يصبح اليمن وكيلا لإيران وهي تراقب ما تحققه طهران من تقدم في العراق، وأنها تجد نفسها تحت ضغط من دولة تعتبرها منافسها الرئيسي على الهيمنة الإقليمية. ولن أندهش إذا شهدنا دعما بريا سعوديا في مرحلة ما”

وكانت السعودية قد أعلنت أنها بدأت بالتعاون مع حلفاء من عشر دول عمليات عسكرية في اليمن تحت اسم “عاصفة الحزم” بهدف هزيمة قوات الحوثيين التي تحاصر مدينة عدن في جنوب البلاد والتي لجأ إليها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. غير أن هذه العمليات تحمل في طياتها مجازفة تهدد باتساع نطاقها إلى حرب بالوكالة ضد إيران التي تدعم الحوثيين، بينما تدعم السعودية ودول أخرى في المنطقة الرئيس هادي.

طويل الأمد
حول أبرز خلفيات العملية، يرى محلل الشؤون العسكرية لدى شبكة “سي إن إن” العقيد الأميركي المتقاعد ريك فرانكونا أن حجم قوات المملكة السعودية المشاركة في الهجوم يدل على تحرك عسكري واسع وطويل الأمد، ويرى أن المملكة لا يمكن أن تقبل تمدد إيران على حدودها الجنوبية كما يحدث على حدودها الشمالية في العراق. وتوقع أن يكون هذا التحالف يجري الإعداد له منذ فترة طويلة. وأضاف “هذه الغارات مجرد البداية، والأمر سيستمر”.

ويؤيد رئيس معهد أستراليا للشؤون الدولية جون مكارثي، رأى فرانكونا، معتبرا أن “السعودية تخشى من أن يصبح اليمن وكيلا لإيران وهي تراقب ما تحققه طهران من تقدم في العراق، وأنها تجد نفسها تحت ضغط من دولة تعتبرها منافسها الرئيسي على الهيمنة الإقليمية. ولن أندهش إذا شهدنا دعما بريا سعوديا في مرحلة ما. ففي غياب الأميركيين الذين تركوا الساحة بصفة مؤقتة سيحسب السعوديون أنه ليس أمامهم خيار سوى الدخول بقوة. وسنشهد إعادة رسم للمنطقة”.

غير أن رودغر شانهان الأستاذ المساعد وزميل الأبحاث بمعهد لوي يستبعد أن سيصل الأمر إلى تدخل بري “سأندهش إذا التزم السعوديون بعملية برية واسعة النطاق لأن اليمن مجتمع ذو تركيبة معقدة. وآخر مرة تصدى فيها السعوديون للحوثيين الأقل قوة لم يكن أداء قواتهم البرية جيدا على وجه الخصوص”. وفي السياق نفسه يقول سوزان دالجرين الأستاذ المساعد الزائر للأبحاث بمعهد الشرق الأوسط في الجامعة الوطنية بسنغافورة إن السعودية استخدمت قواتها الجوية ضد الحوثيين عام 2009، غير أنها لم تنتصر. وعليه فإن على السعوديين وفق دالجرين “أن يكونوا أكثر حرصا. حتى الآن لم يقصفوا المناطق المزدحمة بالسكان. وأرجو أن يظلوا على هذا المنوال لفترة طويلة. فمن الضروري أن تقبل أغلبية الشعب اليمني التدخل العسكري”.

العملية العسكرية التي بدأت السعودية بشنها في اليمن قالت إنها تتم بالتنسيق مع تحالف يضم عشر دول بهدف التصدي للمقاتلين الحوثيين الذين وصلوا إلى مشارف عدن (جنوب) التي لجأ إليها الرئيس هادي. العملية أطلق عليها “عاصفة الحزم” وتشكل أحدث تطور في صراع النفوذ مع إيران.

” المحلل الياباني نوروهيتو فوجيتو:”أرجو فقط ألا تبالغ إيران في رد الفعل. وإذا أصبحت حرب بالوكالة حربا حقيقية فستلتهم الشرق الأوسط كله رغم أنني لا أرجح ذلك.””

مخاطر اقتصادية
وتحمل الحرب في اليمن في طياتها مخاطر اقتصادية جمة نظرا إلى الأهمية الإستراتيجية لمضيق باب المندب الذي تمر عبره شحنات النفط الخليجي إلى أوروبا وحوض المتوسط. مدير المخاطر بشركة ميتسوبيشي العالمية توني نونان يرى أن المواجهة بين إيران والسعودية تزيد من حجم المخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، والتي أصبحت مزمنة وفق تعبيره.

غير أن ماساكي سويماتسو، مدير وحدة الطاقة بشركة نيو إيدغ اليابان للوساطة المالية في طوكيو، فيخشى من وصول النزاع إلى السعودية مضيفا “إذا تعرضت منشآت النفط السعودية للهجوم سيكون الأثر هائلا”.

أما نوريهيرو فوجيتو، محلل الاستثمار بشركة ميتسوبيشي -يو إف جيه مورغان ستانلي للأوراق المالية، فيعتقد أن التركيز سيكون في الوقت الحالي على رد الفعل الإيراني، مضيفا “أرجو فقط ألا تبالغ إيران في رد الفعل. وإذا أصبحت حرب بالوكالة حربا حقيقية فستلتهم الشرق الأوسط كله رغم أنني لا أرجح ذلك.”

في السياق نفسه، يتساءل جانغ جي هيانغ، مدير مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد آسان للدراسات السياسات في سول عن سبب توقيت التدخل السعودي الآن، ويجيب “السعودية مستاءة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة التي يبدو أنها تحرز تقدما. لكن من غير المرجح أن ترد إيران على العملية السعودية في اليمن لأنها لا تريد أن تصبح طرفا صانعا للمشاكل بالتورط في صراعات في الوقت الذي يظل فيه الاتفاق النووي معلقا”.(دوتشه فيله)

أبعاد السيطرة على باب المندب

أبعاد السيطرة على باب المندب مصير باب المندب مصدر قلق لمصر وإسرائيل والدول الكبرى

باب المندب هو مضيق مائي يفصل شبه الجزيرة العربية عن أفريقيا، ويقع مدخله قبالة ميناء المخا (80 كيلومترا غرب مدينة تعز) الذي سيطر عليه الحوثيون قبل أيام، وباتوا بالنتيجة يطلون على هذا المضيق الإستراتيجي، وهو ما أعطى الأزمة الحالية في اليمن بعدا دوليا إلى جانب بعدها الإقليمي.

يتمتع باب المندب بأهمية إستراتيجية بالنسبة لعدد من الدول مثل مصر وإسرائيل، إضافة إلى الدول الكبرى، وتملك الولايات المتحدة قاعدة في جيبوتي على الضفة الغربية لمضيق باب المندب، وتملك فرنسا أيضا حضورا عسكريا قديما في جيبوتي.

 يمثل باب المندب بالنسبة لمصر المدخل إلى قناة السويس التي تعتبرها “خطا أحمر” على حد قول السفير المصري في اليمن يوسف الشرفاوي. وقال السفير خلال لقاء له مع الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن قبل أيام إن “أكثر من 38% من الملاحة الدولية تمر عبر هذا المضيق”، وإن “الأمن القومي لليمن مرتبط بشكل وثيق بأمن البحر الأحمر والخليج وباب المندب”.

 وتشكل سيطرة الحوثيين على باب المندب مصدر قلق أيضا لإسرائيل المطلة على البحر الأحمر، ولا سيما عبر ميناء إيلات. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس الأميركي في الثالث من مارس/آذار الجاري إن “التهديدات” الإيرانية تعني “العالم بأسره”.

 وقال “فيما يأمل كثيرون أن تنضم إيران إلى المجتمع الدولي تقوم إيران بابتلاع دول علينا أن نتوحد لمواجهة التقدم المخيف لإيران”، مشيرا بشكل خاص إلى “المضيق الإستراتيجي عند مدخل البحر الأحمر”.

ومن شأن التحذير الذي أطلقه نتنياهو من واشنطن  قبل أسابيع أن يجد صداه في هذه الأيام لدى الدول الكبرى التي لا تستطيع أن تقبل بسيطرة مجموعة مرتبطة بإيران على مضيق باب المندب، خصوصا أن طهران تسيطر في الأساس على مضيق هرمز، وهو المضيق الإستراتيجي الآخر الذي يربط بين الخليج وبحر العرب.

ماذا بعد “عاصفة الحزم”؟

ماذا بعد "عاصفة الحزم"؟ مقاتل حوثي قرب سيارة مدمرة في منطقة سكنية على مقربة من مطار صنعاء(رويترز)

يبدو أن تداعيات عملية “عاصفة الحزم” ستغير وجه المنطقة وقد تدفعها إلى حرب إقليمية شاملة أو حرب بالوكالة، وخصوصا أن الخبراء يتوقعون أن يمتد أجل العملية لنحو ستة أشهر حتى تحقق أهدافها.

وأعلن دبلوماسيون خليجيون أن “عاصفة الحزم” قد تستمر لفترة تصل لستة أشهر”. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول خليجي قوله “إن السعودية وحلفاءها يراهنون على حملة جوية تستمر شهرا، لكن ذلك يمكن أن يستمر خمسة إلى ستة أشهر”.

“يرى المحلل في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن مايكل ستيفن أن “التدخل البري سيكون كارثيا من ناحية الثمن والخسائر البشرية حتى لو هزم الحوثيون”. وهناك إمكانية لقيام إيران أو وكلائها في المنطقة بعمليات انتقامية”

واعتبر محللون دوليون أن إطلاق عملية “عاصفة الحزم” قد تصبح حربا بالوكالة بين “إيران الشيعية التي تدعم الحوثيين، والسعودية والقوى السنية الأخرى في المنطقة التي تؤيد الرئيس هادي”.

وفي تقرير لوكالة رويترز نشرت فيه آراء عدد من خبراء السياسية والاقتصاد، حذروا من اتساع الحرب تدريجيا لتصبح صراعا إقليميا، إضافة إلى تأثيرها على الاقتصاد العالمي فيما لو تعرضت منشآت النفط السعودية للهجوم.

مواجهة مباشرة
وتقول صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية إن مخاطر المواجهة المباشرة بين السعودية وإيران باتت قريبة، وتشير إلى أنه مع توسع خطوط النزاع السني الشيعي، استمع القادة العرب في قمتهم، لدعوات متكررة للتدخل وهزيمة الحوثيين، الذين سيطروا على السلطة في اليمن. فالتنافس بين البلدين -حسب الصحيفة- يعطي تنظيم القاعدة في اليمن الفرصة، ويؤثر على جهود مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.

وتنقل الصحيفة عن سلطان بركات -من معهد بروكينغز الدوحة- قوله إنه “في حال واصلت السعودية الاعتماد على الغارات الجوية، وتزايد عدد القتلى فستخسر عمليتها، الدعم في وقت سريع”. ويرى أن “نزاعا طويلا سيضع السعودية أمام تحديات أكبر”.

ويرى المحلل في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن مايكل ستيفن أن “التدخل البري سيكون كارثيا من ناحية الثمن والخسائر البشرية حتى لو هزم الحوثيون”. وهناك إمكانية لقيام إيران أو وكلائها في المنطقة بعمليات انتقامية”.

“رأت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، أن الضربات الجوية تزيد من “ترسيخ حالة الانقسام بين السنة والشيعة” بما يخدم تنظيم الدولة في النهاية.”

وقارن مسؤول أوروبي الوضع في الشرق الأوسط بوضع أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى عام 1914، وقال: “أنظر إلى الخارطة وأتساءل من هو الدوق الذي سيتم اغتياله لإشعال الحرب”، في إشارة إلى اغتيال “فرانسيس فرديناند” -ولي عهد في الإمبراطورية النمساوية- في سراييفو، والذي شكل اغتياله شرارة الحرب العالمية الأولى.

ترسيخ الانقسام
وتشير “صنداي تايمز” إلى تحذير وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني السابق، الذي قال إن مصالح الغرب تتعرض للخطر في اليمن، وأضاف أن “اليمن يعني الكثير لعدة أطراف، وبالنسبة للغرب يتحول إلى دولة دون حكومة، وهو ما يهددنا في لندن، والناس في أنحاء العالم كله”.

في السياق رأت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، أن الضربات الجوية تزيد من “ترسيخ حالة الانقسام بين السنة والشيعة” بما يخدم تنظيم الدولة في النهاية.

وتوقعت أن “يمتد القصف الجوي ليشمل اجتياحا بريا”، واعتبرت أن الصراع في اليمن -كما هو الحال في العراق وأفغانستان- مرتبط بانقسام السلطة بين عدد من اللاعبين، الذين تستحيل هزيمتهم أو استرضاؤهم جميعا لفترة طويلة.

وشددت على أن “قيادة السعودية لتحالف سني ضد الحوثيين الزيديين الشيعة، من شأنه أن يدول الصراع اليمني ويعطي له بعدا مذهبيا، في حين أن واشنطن تتبع سياسة متناقضة بالشرق الأوسط، فهي تدعم القوى السنية وتعارض حلفاء إيران في اليمن، لكنها تفعل عكس ذلك في العراق”.

أما صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، فحذرت من انزلاق اليمن إلى حرب أهلية شاملة، وأشارت إلى تزايد التوترات في الشرق الأوسط بسبب أزمة اليمن.

في المقابل يؤكد الكاتب السعودي محمد آل الشيخ أن عملية “عاصفة الحزم” مُحكمة الإتقان وستعيد ترتيب أوراق القوى والنفوذ في المنطقة من جديد، فالمنطقة قبل 2015 ليست قطعاً هي ذاتها بعدها.

“اعتبر الخبير اللبناني هشام جابر أن اليمن سيكون “مستنقعا ورمالا متحركة تغرق فيها السعودية” وأضاف أن العلم العسكري يقول إن الجميع يعرف كيف ومتى تبدأ الحرب؟ ولكن أحدا لا يعرف كيف تنتهي؟”

وأضاف -في مقالة له- أن “الغول الإيراني المزعوم والمخيف تحوّل إلى خرافة، لا تختلف عن أي خرافة أو أسطورة خلقها الوهم، وروّج لها الرواة والقُصاص والمستفيدون من ترسيخها في أذهان الشعوب، وبخاصة الحمقى والمغفلون منهم. هذا ما تقوله نتائج (عاصفة الحزم) حتى الآن”.

الخبير العسكري اللبناني هشام جابر، يلفت إلى أنه إذا استمرت عملية “عاصفة الحزم” كضربات جوية فلن تتسع لحرب إقليمية، لكن الضربات لا تؤدي لحسم عسكري، واعتبر أن اليمن سيكون “مستنقعا ورمالا متحركة تغرق فيها السعودية” وأضاف أن العلم العسكري يقول إن الجميع يعرف كيف ومتى تبدأ الحرب؟ ولكن أحدا لا يعرف كيف تنتهي؟

الجزيرة

شاهد أيضاً

واتساب يحتفل بمرور 10 سنوات على إطلاقه

ظهر تطبيق الواتساب لأول مرة منذ 10 سنوات فى عام 2009 حيث تم إطلاقه لهواتف …