يظل الوفاء في النادي الأهلي صفة (خالدة) تتوارثها الأجيال، وهذا ما حظي به (العم عمران)، الذي رافق الأمير خالد بن عبدالله ليلة تتويج الأهلي بكأس الدوري في منصة التتويج، وحتى خلال جولته في الملعب لرد التحية للجماهير الحاضرة، إذ تواجد داخل أسوار النادي منذ أكثر من 40 عاما عاصر أكثر من 20 رئيسا، وكان شاهدا على الإنجازات كافة التي تحققت منذ أن كان مقر النادي في حي (الكندرة)، كما عاصر أجيال أربعة عقود مرت على الأهلي من لاعبين وإداريين ومدربين؛ البعض منهم من وافته المنية والبعض الآخر اعتزل ممارسة اللعبة، إلا أنه ظل وحيدا يغرد خارج السرب، أجمع الكل على دماثة خلق هذا الرجل وطيبة قلبه التي جعلت منه خطا أحمر لدى الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي اعتبره «الرجل الوفي» لكل من عمل في النادي والأب والأخ والصديق له منذ سنوات طويلة عاش فيها كل لحظات الفرح والأحزان.

• الكثير من عشاق الأهلي يتساءل عنك، هل لنا معرفة اسمك الحقيقي؟

•• اسمي محفوظ عمر عبيد، ولقبت بـ(العم عمران) منذ زمن طويل، توارثت الأجيال هذا اللقب حتى يومنا هذا، وأعتقد أن هناك الكثير لا يعرفني سوى بـ(العم عمران).

• وماهي قصة ظهورك المفاجئ في ليلة تتويج الأهلي؟

•• الكل يعرف (وفاء) الأمير خالد، إذ إنه يرتبط بالأشخاص ولا يفارقهم وهذه الصفة لا تجدها إلا فيه، ففي اجتماع أعضاء الشرف التقاني في قاعة (الملكي) فهمس في أذني قائلا: «لا بد من تواجدك يوم تتويج الأهلي بأمر مني»، وحاولت الاعتذار إلا أنه أصر على تواجدي وحضرت في المنصة رغم أنني لم أدخل الملاعب منذ زمن طويل، فرفض الأمير تواجدي في المنصة وأصر أن أجلس إلى جواره، وعقب نهاية اللقاء أخذ بيدي وأنزلني إلى أرض الملعب لتحية الجمهور، وهذا الشعور -حقيقة- لا يوصف، حيث غمرني الأمير خالد بعطفه ووفائه وهذا غير مستغرب منه حيث تعودنا عليه.

• ماهي إذن سر هذه العلاقة؟

•• هذه ليست علاقة وإنما هذا (وفاء الملوك) فعلاقتي بالأمير خالد تمتد لسنوات طويلة منذ أن بدأ الأمير خالد مسيرته الرياضية بالنادي (لاعبا) ومن ثم إداريا إلى أن تربع على كرسي الرئاسة، حتى تاريخ اليوم، واللحظات التي عشتها في تلك الفترة لا يمكن نسيانها منذ أن كان يتكفل بأطقم المباريات، وهنا كانت البداية حيث استمر في ممارسة كرة القدم سنتين وتوقف بعد ذلك. وفي عام 1395هـ، ترأس النادي وفي ذلك الوقت كان يتحدث كثيرا معي عن حياتي الخاصة وسبب عدم زيارتي لبلدي (اليمن) منذ أكثر من ثماني سنوات، فقلت له فقدت كل إثباتاتي الشخصية ومن الصعب استخراجها.. فأمر بمساعدتي باستخراج جواز سفر وإقامة وعلى ضوء ذلك سهل لي السفر إلى حضرموت والزواج فيها قبل عودتي مجددا إلى جدة لإكمال مسيرة عملي في النادي.

• لماذا طوال الفترة الماضية لم تظهر؟

•• فضلت العمل في صمت؛ وفاء لهذا الرجل، إذ كنت أعمل ليل نهار بلا كلل ولا ملل وكنت أقوم بتحضير مستلزمات الفرق بعيدا عن حضور الاجتماعات أو حتى سماع أخبار النادي، لأنني سخرت نفسي لخدمة هذا الكيان وللأمير خالد الذي مهما عملت لن أوفيه حقه، وبفضل الله لم يسبق لي أن اختلفت مع أي شخص في النادي طوال فترة عملي سواء من مجلس إدارة أو جهاز فني أو لاعبين أو حتى مشجعين.

• ماهي أغلى البطولات التي عاصرتها؟

•• بطولة كأس الملك في عام 1399هـ، عندما فزنا على الاتحاد 4/0 فهي أغلى بطولة عايشتها لأنها صادفت ليلة زفاف الأمير خالد وقتها عاش الأمير خالد فرحتين الأولى بزواجه والثانية بتحقيق الأهلي البطولة التي كانت بمثابة أغلى هدية له في تلك الليلة.

• وكيف تقضي يومك؟

•• معظم أوقاتي أقضيها داخل أسوار النادي أكثر من التواجد في منزلي، إذ اعتبر الأهلي بيتي ومن الصعب التواجد خارجه، وفي كل يوم أبحث في جميع أركانه عن أي خلل لإشعار عمال الصيانة لإصلاحه، وأقضي 12 ساعة يوميا في النادي.

• ماهو الفرق بين الجيل الماضي والحالي الذين تعاقبوا عليك؟

•• في كثير من اللاعبين لا أتذكر أسماءهم حاليا، وكان السابقون يمتازون بالشدة والانضباط والروح العالية حتى على مستوى البنية الجسمانية، إذ كان النادي في السابق عبارة عن عمارة تستطيع مشاهدة الجميع في دقيقة، أما الوقت الحالي فأصبحت المنشأة كبيرة جدا وتمر الأيام لا نستطيع رؤية بعض.

• من هي الشخصيات التي ما زالت صورهم عالقة في ذهنك؟

•• كثير من الشخصيات لها مكانة خاصة في قلبي، لكن يظل الأمير الراحل عبدالله الفيصل والأمير خالد بن عبدالله، لهما مكانة خصة في حياتي لأفضالهما بعد الله التي لا تعد ولا تحصى، خصوصاً الأمير خالد الذي لن أنسى ولن تنسى عائلتي وقفاته معنا طوال العمر، إلى جانب الدكتور عبدالرزاق أبو داوود وأحمد المرزوقي وعبدالعزيز عبدالعال، الذين أعتبرهم من الرؤساء المقربين جدا لي، أم اللاعبون فتعتبر علاقتي بوحيد جوهر وصمدو وغازي سعد قوية، حيث سكنوا في نفس الحي الذي كنت أسكنه، ويوميا أسهر معهم، فيما الجيل الحالي اعتبرهم بمثابة أبنائي، لكن تيسير الجاسم وياسر المسيليم الأكثر قرباً لي لتواصلهم الدائم عني والجميع كما لا أنسى اللاعب أسامة هوساوي.

• وماهي أبرز المواقف التي ما زالت عالقة في ذاكرتك؟

•• طلب مني الدكتور عبدالرزاق أبو داوود في فترة من الفترات مراقبة اللاعبين في المعسكرات في غرفهم، ولم أنقل له الحقيقة كي لا أخسر الود الذي بيني وبين اللاعبين، أما الموقف الآخر فهو عندما حضر الأسطورة الأرجنتينية مارادونا للأهلي وقمت بتسليم طقم النادي له تصورت معه أثناء تسليمه طقم النادي فاحتفظت بها طويلا إلا أن أحد أقاربي قام بتمزيقها بحجة أن مارادونا ليس مسلما، والموقف الأخير والأبرز كنت أبعث بصور النادي الأهلي إلى أقاربي في حضرموت وبسبب ذلك أصبح لدى الأهلي قاعدة جماهيرية كبيرة هناك.

• لمن تقدم شكرك في نهاية الحوار؟

أقدم شكري لجميع الأهلاويين الذين عاصرتهم بداية بالأمير عبدالله الفيصل وابنه محمد العبدالله الفيصل اللذين قدما له وللأهلي الشيء الكثير، وكذلك الأمير خالد بن عبدالله الذي قدم لي شخصيا وللأهلي وللأهلاويين كل الجهد والمال من أجل إسعادهم، وأنا ممتن له طوال عمري وقمت بتسمية ابني خالد على اسمه لرد جزء من الجميل لهذا الأمير الإنسان.