أبريل 28, 2024 9:48 م
أخبار عاجلة
الرئيسية / الرأي / العمامة عوضا عن القبعة..!!؟؟

العمامة عوضا عن القبعة..!!؟؟

طلال صالح بنان
يقول كارل ماركس في استعراض نظريته الشهيرة للحركة التقدمية لمسيرة التاريخ: التاريخ لا يعيد نفسه، وإن حدث وأعاد نفسه، فإنه في الأولى تكون مأساة وفي الثانية تكون مهزلة. سياسة الغرب تجاه المنطقة، بريادة بريطانيا العظمى، وخاصة بين أطرافها الإقليمية الرئيسية (العرب والفرس) تعود إلى بداية القرن الماضي، عندما أعطت بريطانيا إطلالة لإيران على شط العرب والخليج العربي، على حساب الإمارات العربية على جانبي ضفة الخليج وتركت العراق بإطلالة ضيقة وضحلة على الخليج العربي!

ثم إن بريطانيا نفسها ما كان لها أن تترك محمياتها في الخليج العربي، بداية سبعينيات القرن الماضي، إلا بعد تقسيمها، لصالح سيطرة إيران على مضيق هرمز بتحكم طهران كليا في ضفته الشرقية، وطرف ضفته الغربية أعطيت لعمان (شبه جزيرة مسندم) بعيدا عن حدودها الإقليمية لتلتقي حدود عمان مع الإمارات العربية المتحدة عن طريق حدود إمارة رأس الخيمة الشمالية الغربية! ولولا وقوف الجامعة العربية بزعامة الرياض والقاهرة لألحقت البحرين بإيران. وحفاظا على ماء وجه الشاه آنذاك، الذي كانت تعده القوى الكونية الجديدة (الولايات المتحدة) للهيمنة الإقليمية على المنطقة، سمح لإيران أن تتواجد في «حلق» الخليج العربي قرب مضيق هرمز في جزر أبي موسى وطمب الكبرى والصغرى، التابعة لإمارة رأس الخيمة!

تلك الترتيبات الإقليمية على الأرض، التي بدأتها بريطانيا منذ بداية القرن الماضي لدعم مستقبل إيران الاستراتيجي في المنطقة وتزامنت مع خطط تقسيم المشرق العربي بموجب اتفاقيات سايكس بيكو ومغامرة زرع إسرائيل في المنطقة، وما تبعها من تقسيم العالم بين معسكرين رأسمالي واشتراكي، في مؤتمري طهران نوفمبر ١٩٤٣ ويالطا في فبراير ١٩٤٥، جميعها تتلاقى ضمن ترتيبات إمبريالية أخرى، ثنائية هذه المرة، للاستلام والتسلم التي جرت بين بريطانيا والولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية لزعامة ما يطلقون عليه العالم الحر، بينما في الحقيقة من أجل هيمنة كونية أمريكية جديدة. باختصار: العالم الرأسمالي الغربي يعتمد في سيطرته على أهم منطقة في العالم، التي يطلق عليها الاستراتيجيون الجدد (قلب العالم) على ترتيبات إقليمية ثنائية على شكل كماشة. أولا: دعم موقع إيران الاستراتيجي في شرق العالم العربي (منطقة الخليج العربي). ثانيا: ضمان ما يسميه الغرب أمن إسرائيل، قلب المشرق العربي غربا.

إيران وإسرائيل، من الناحية الاستراتيجية، بالنسبة للغرب والولايات المتحدة، على وجه خاص، يعدان، إذن، مرتكزين استراتيجيين لا غنى عنهما في المشروع الإمبريالي الواسع للهيمنة الكونية. فمن يسيطر على قلب العالم يتحكم في تدفق النفط عبر شرايين الاقتصاد العالمي، ومن ثم في إحكام السيطرة الفعلية على العالم. تكتيكيا: من المحتمل بل والمتوقع، أن تحدث اختلافات، بل حتى مشاحنات بين من دق الوتد وبين الوتد نفسه… المهم، بالنسبة للجالس في وسط الخيمة، ألا يقع عمود الخيمة أو ينقلع وتدا الخيمة أو أحدهما ويبقى في العراء فريسة لقوى كونية تنتظر لحظة تاريخية مواتية للانقضاض على قلب العالم.

في حالة إسرائيل، قد يحدث أن تتجاوز إسرائيل في تعنتها لتضر بما تعده واشنطن مصالح وأمن «أصدقائها العرب»، مع ما قد يسببه ذلك من احتكاك في علاقات البلدين، لكنه احتكاك لا يولد شررا ليحرق أو يضعف العلاقات الاستراتيجية بينهما، كما هو الحال بالنسبة للخلاف حول تعامل إسرائيل مع ملف الأراضي العربية التي تحتلها. في المقابل بالنسبة لإيران، واشنطن تبدي هذه الأيام ما تسميه «انزعاجها» من التوسع الإقليمي القاري لإيران في الأراضي العربية، إلا إننا نرى – في الوقت نفسه – إدارة أوباما نفسها تحارب معركة سياسية شرسة مع الكونجرس، لتسويق اتفاق متوقع مع طهران تؤجل بموجبه إيران «طموحاتها النووية»… الأمر الذي يصب في مشروع جعل إيران قوة إقليمية مهيمنة، لتصبح هذه المرة – بعد التعديل – قوة إقليمية نووية، على حساب أمن ومصالح من تعدهم واشنطن «أصدقائها العرب»!

في النهاية لا يهم واشنطن من يحكم في طهران سواء من كان يلبس «القبعة الإفرنجية»، مثل الشاه أم كان يلبس «العمامة الخمينية» مثل ملالي قم. المهم أن تبقى طهران ضمن المشروع الإمبريالي الغربي للهيمنة على العالم، عن طريق إحكام السيطرة على قلب العالم. فشلت تجربة «قبعة الشاه» العلمانية الليبرالية.. الآن تحاول واشنطن إعادة عقارب التاريخ إلى الوراء لتجربة «عمامة التيوقراطيين» من ملالي قم!؟ فهل تحدث هذه المرة المأساة، طبقا لمقولة أن التاريخ لا يعيد نفسه. ولو حدثت المأساة، هل يكون للتاريخ فرصة أخرى لإعادة نفسه، لتحدث المهزلة!!؟؟

شاهد أيضاً

كيف ستنعكس زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى كوريا على التبادل التجاري والعسكري؟

شدد خبير أمني ومحلل سياسي على أهمية زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى …