مايو 19, 2024 11:07 م
أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار الباحة / الباحة مدينة العرعر .. ماهو وما فوائده .. نبات ينتظر الباحثين !

الباحة مدينة العرعر .. ماهو وما فوائده .. نبات ينتظر الباحثين !

نتيجة بحث الصور عن العرعر

العرعر : وهو احد اهم واكثر الاشجار نموء وإنتشار في منطقة الباحة ويكسو الغابات والمزارع والمساحات الخضراء بنموء طبيعي وتعايش كثيف مع الأرض الجبلية الباردة، ولم يأخذ العرعر في منطقة الباحة مساحة كافية من البحث العلمي والدراسة، ولعله يكون في طريق العناية الاكاديمية من خلال تخصيص كرسي علمي في جامعة الباحة التي بدأت الأكثر أهتماماً بالدراسات البحثة المتخصصة في انواع النباتات الأكثر إنتشاء في البقعة الزراعية والخضراء .
والعرعر : إحدى النباتات المعمرة ودائمة الخضرة، ينمو العرعر في المناطق الباردة تتميّز برائحتها المنعشة؛ لاحتوائه على الكثير من الزيوت الطيّارة، يشبه السرو إلى حدٍ كبير، له استنخدامات عديدة، ويتم استخراج منه زيت رائع له العديد من الاستعمالات الطبيّة المختلفة، وسوف نتعرف في هذا لامقال على أهمّ فوائد نبات العرعر.فوائد نبات العرعر يستخدم مغلي العرعر في علاج الأمراض الجلديّة المزمنة مثل: الصدفية، والأكزيما، والبثور، والدمامل، حيث يمكن شرب ثلاثة إلى أربعة أكواب من مغلي العرعر في اليوم. يستعمل مغلي العرعر أيضاً في علاج عسر البول، والتخليص من حصوات المجاري البوليّة. يستعمل في علاج الاستسقاء. حبّ العرعر يستخدم في علاج رائحة الفم الكريهة وثقل المعدة أيضاً، حيث يجب على الشخص تناول من ستّ إلى عشر حبات. يفيد حبّ العرعر في علاج الشهقة حيث يتمّ طحن خمس وعشرين حبة وتذويبهم في لتر من الماء مع القليل من السكر للتحلية. يفيد في التخفيف من الإصابة بأمراض القلب في الطب القديم، وخاصّة في الوصفات الفرعونيّة. يستعمل العرعر في تصنيع القطران الأسود وزيته والذي يطلق عليه اسم الصفوة، ويستعمل القطران الأسود في طلاء الأبواب والنوافذ، كما يتمّ استعماله كمضاد للبكتيريا. يسعمل لتسكين آلام الأسنان، وقروح اللثة، ويشد اللثة المرتخية عن طريق الغرغرة بمائه. مفيد في علاج السعال المزمن، وخاصّة إذا تمّ مزجه مع العسل. يمنع تساقط الشعر ويعمل على زيادة اسوداد الشعر، ويمنع ظهور الشيب وذلك عن طريق نقع ثمار العرعر في الماء والخلّ، ثمّ طبخه ووضعه على الشعر. يعمل على جبر الكسور ورضّ المفصل، كما يعمل على علاج ضعف المفصل. يعالج الآلام الصدرية والغازات المعوية. يفيد في حالة ضيق الرحم عند النساء. يعالج مرض البرص والربو. يعالج الفتق إذا تمّ أكله أو عمل ضمادات به على مكان الفتق. مدرّ للبول وقاتل للبكتيريا ويستعمل كمطهّر عام. مدرّ للطمث، كما أنّه طارد للغازات، وفاتح للشهية. يعالج زيت العرعر الروماتيزم وآلام المفاصل، وعرق النسا، والحروق، والجروح. طارد للديدان الشريطية. يفيد زيت العرعر في علاج مرض النقرس. مغلي العرعر يعالج الصفار، ونزلات البرد، واحتقان الجيوب الأنفية، كما يفيد في حالات الاضطرابات المعوية.
إلى أن نبات العرعر يجب أن لا يتم تناوله من قبل مرضى الكلى كما أن المرأة الحامل يجب أن تبتعد عن تناوله مطلقاً؛ لأنّه يساعد على توسيع الرحم وبالتالي يمكن أن يؤدّي إلى الإجهاض.المحتويات الكيميائية للعرعر:
يحتوي العرعر على زيت طيار وانيولين ومواد سكرية وراتنجية وصمغية وشمعية طعمها مر وقد قام الدكتور جابر سالم القحطاني وزملاؤه بقسم العقاقير بجامعة الملك سعود بدراسة الزيت الطيار لنبات العرعر فوجدوا انه يحتوي على مركبات كثيرة تصل إلى 80مركباً وكان أهمها باينين، بايونيك أسد، كامفين، سدرال، سيدرين، وسيسكوتربين كما وجدوا قلويدات وجلوكوزيدات قلبية واحماض عضوية بالاضافة إلى املاح من اهمها الكالسيوم، ومن أهم المركبات المفصولة والتي اعطت تأثيراً مضاداً للبكتريا وخاصة البكتريا الخاصة بالسل الرئوي فصل مركبان قورنت بالمضادات التي تعطى لعلاج السل ووجد ان هذين المركبين اقوى من تلك المستحضرات.

يوجد عدة انواع من العرعر اهمها: J.phoenicea وJuniperus Procera والنوع الاول هو الأكثر والمعروف لدى عامة الناس وله ثمار عنبية ذات لون أزرق إلى بنفسجي بينما النوع الثاني له لون بني واصغر عادة في الحجم من النوع الاول، وثمار العرعر لها طعم حلو تتلوه مرارة مع قبض يسير. تفرز اغصان وجذوع اشجار العرعر مادة راتنجية على هيئة دموع صغيرة تشبه في شكلها المصطكي إلا ان لونها أغمق.

ولقد ورد ذكر العرعر في وصفات فرعونية في بردية “هيرست” و”ايبرز” كوصفات علاجية لتسكين الآلام وامراض القلب والصرع ولعلاج التهابات المسالك البولية ولادرار البول ولتسكين المغص الكلوي وضد حالات الحمى ولادرار الطمث ولازالة آلام المفاصل والروماتيزم. موضعياً لعلاج الحروق، وصنع الفراعنة من ثمار العرعر شراباً ضد الدودة الشريطية ولعلاج النزلات المعوية ولعلاج السعال والربو، ومما هو جدير بالذكر ان العرعر جاء في عشرين وصفة معظمها لادرار البول ولمنع الشيب في الرأس، وقال ابن سينا عن العرعر: “العرعر مسخن وملطف جيد لشدخ العضل واوجاع الصدر والسعال، ينقي ويفتح السدد فيها، وهو للمعدة شراباً، جيد لضيق الرحم واوجاعه”، وقال ابن البيطار: “العرعر مسخن ملطف لرفع ضرر لسع الهوام وطرد الهوام والذباب تدخيناً” وقال داود الانطاكي: “العرعر حار في الاول وعوده بارد وثمره حار في الثانية وكله يابس في الثالثة يلحم الجراح ويحبس الدم ملطفاً، ويخفف القروح حيث كانت ويحلل الاورام ويجلو الابخار وخصوصاً البرص طلاءً وشرباً. الغرغرة بطبخه يسكن اوجاع الاسنان وقروح اللثة ويشد رخاوتها، وثمره طرياً يشد ويلحم الفتق أكلا وضماداً وان عجن بالعسل ولعق ابرأ السعال المزمن. ثمره بالماء والخل وطبخه بالدهن لدهان الشعر يسوده ويمنع سقوطه، وكذا يجبر الكسر ورض المفصل وضعف العصب.

العَرْعَـر

قال أبو حنيفة : (( العَرْعَر، والواحدة عَرْعَرَة، وبها سُمِّي الرجل عَرْعَرَة، وهو شجر عظام من شجر الجبال. قال بِشْر بن أبي خازم، وذكر جبلاً :
وصَعَبٌ تَزِلُّ العُصْمُ عن قَذَفاتِهِ بأرجائِهِ بانٌ طُوَالٌ وعَرْعَرُ
وأخبرني أعرابيّ من أهل السَّراة، وهم أصحاب العَرْعَر، قال : العَرْعَر هو الأَبْهَل، وقد عرفته ببلدي، ثم رأيته ببلاد قزوين يُحتطب من جبالها، في حدود الدَّيْلَم، فعلمتُ أنه قد أثبته معرفة؛ لأن تلك الجبال منابت الأبهل، وهوالذي يقال له بالفارسية ( الأبرس ) ( ) ولطول شجره وغلظ سوقه قال عمرو بن الأهتم :
تَعْدُو على مُكْرِبات في ضَفَائرها كأنهنَّ صُقُوب العَرْعَرِ السُّحُقِ
صُقُوبها: سوقها، والصَّقْب: العمود . ومن العَرْعَر يُتخذ أجود قطران أرض العرب. قال المرار الفقعسيّ:
تَفَصَّد ذِفْراهُ بجَوْنٍ كأنَّه سِمامُ جَرادٍ أو عُصارةُ عَرعرِ
شبه عَرَقه لسواده ببصاق الجراد أو القطران، وهو عصارة العَرْعَر. وللعَرْعَر وَرْس تُصبغ به الثياب . وأخبرني السَّرويَّ أن للعرعر ثمراً أمثال النبق الناضم، أي الكبار، يبدأ أخضر ثم يبيض ثم يسودّ حتى يكون كالحُمم، ويحلو فيؤكل، ويطبخ بالماء وهو رطب، ثم يصفّى ماؤه ويُعاد طبخه حتى يعقد فيكون رُبّا يُؤكل ويُشرب، ويتداوى به أيضاً )) ( ) .
وقال : (( فأما القطران فإن الذي يُتخذ منه بأرض العرب يُتخذ من ثلاث شجرات، وهي العَرْعَر والعُتُم والتَّألَب، ولا أعلم يُتخذ هناك من غيرها، وإنما يُتخذ من عروق هذه الشجر وأعجازها فقط، ويُستخرج منها بالحَنْذ؛ يُشوى شيئا يُعمد إليه فيُقشر ويُشقق رطباً بالفؤوس ثم ينضدها دَرِبٌ في محانذ أمثال التَّنَانير، وفي أسفل المحنذ صفاة في سعته، ثم تغطى رؤوس المحانذ حتى لا يخرج منها شيء من البخار، ثم يوقد على تلك المحانذ من ظاهر بالحطب وبفحم ما قد شُوِي من العرعر من قبل، فإذا حمي العَرْعَر في المحْنَذ رَشَحَ وانحدر ذلك فصار على الصَّفاة، وللمحنذ مَثْعَب يخرج منه ذلك الرشح، فيبدأ فيخرج أولا شيء رقيق كأنه دهن البان قليل السواد خفيف الرائحة يخالطه ماء، ثم يجيء بعده القطران الذي يسمى الخَضْخاض، وهو أفضل القطران وأرقّه … فإذا انقطع القطران جاء شيء شديد السواد ثخين، وهو الزِّفت، وقد يهنأ به كله . وأخبرني بعض الأعراب أن قطران العرعر أجوده، وهو يشفي العَرَّ ويليّن الجلد )) ( ).
وقال الأزهري: (( قال ابن الأعرابي: العَرْعَر شجر يقال له: السَّاسَم، ويقال له: الشَّيْزَى . ويقال: هو شجر يُعمل منه القطران )) ( ).
قلت: العَرْعَرة شجرة ضخمة معمرة، تعيش نحو ألف سنة أو يزيد . وهي دائمة الخضرة، كثيفة الأوراق، وارفة الظلال، تنبت في مجموعات كبيرة، فيكون منها غابات وأجمات كثيفة، وأكثر منابتها قمم السَّراة الباردة المطلة مباشرة على سهل تهامة، وهي تلك القمم التي ترتوي برطوبة الضباب أياماً كثيرة من شهور السنة، وذلك على ارتفاع 1500 – 3000 م . وقل أن تنبت على القمم التي تقع إلى الشرق من جبال السَّراة، ولو وصلت إلى ارتفاعات شاهقة؛ تضارع الارتفاع المذكور؛ لأنها لا تنال، في الغالب، كمية كافية من تلك الرطوبة التي تساعد، بإذن الله، على نموها .
تقوم العَرْعَرة على جذع بني مغبر، يميل إلى السواد أحيانا، يكسوه لحاء خشن ذو شقوق طولية، يبلغ محيطة في العرعرة الضخمة المعمرة نحو 3 – 5 م . أوراقها هدبية كثيفة، شديدة الخضرة، لها أطراف مدببة حادة غير مؤذية، والأزهار صغيرة بنية مصفرة، يعلوها شيء كغبار الطلع، لا يقع عليها النحل . أما الثمار فهي – كما وصف السروي – في حجم النبقة، أو أصغر قليلاً، تظهر خضراء، عليها نتوءات صغيرة، ثم تزرق مع بياض يسير، فإذا بلغت تمام النضج اسود لونها، أو تحول إلى البُني القاتم، وصار بها حلاوة يسيرة، فربما أكلها بعض الناس، وتأكلها أنواع من الطيور، وفي نهاية فصل الخريف تجتمع عليه أسراب من طيور اليَحْموم ( الضوعي، الصُّفَيّة ) فتأكله بشراهة بالغة .
يتراوح طول العرعرة، في العادة، ما بين 5 – 10م، وربما زاد طولها على ثلاثين متراً إن نبتت حول مجاري السيول في خوانق الشعاب وبطون الأودية، أو في أطراف الحقول الزراعية الخصبة، إذ تنبت من تلقاء نفسها أو تقتلع من منبتها الطبيعي ويُعاد زراعتها .
وكانت شجرة العرعر تمثل ثروة حقيقية للرجل السروي إن هي نبتت في أرضه، فكان يهذب أغصانها ويدرأ عنها، حتى تتضخم وتسمق عالية شماء، فيبيع عودها بقيمة مجزية، أو يستعمله في شؤونه الخاصة . وربما اتخذ بعض أهل السَّراة من قطع أشجار العرعر وبيعها حرفة وتجارة . وأما الأوراق الجافة المتساقطة فيستعملها في تسميد أرضه، فتخصب منها الأرض جداً، ويتضاعف محصولها إلى ثلاث مرات أو يزيد .
وللعرعر استعمالات كثيرة عند أهل السَّراة، فمن أخشابه كانوا يسقفون منازلهم، ويصنعون النوافذ والأبواب والمَرَازح، والمقاصب، وعُرُش الأعناب، والجسور المعلقة فوق مهاوي الجبال. ويستعملون الأغصان الصغيرة في التسقيف أيضاً، إذ كانوا يصفونها معترضة فوق الأخشاب الكبيرة، ويصنعون منها كذلك الحوائط العازلة داخل المنازل، للفصل بين الغرف. وربما اتخذوا من جذوع العرعر الخلايا، وقليل ذلك؛ لصلابة عوده .
وعود العرعرة قوي جداً يقاوم الاهتراء والحشرات الثاقبة؛ فيغالب الزمن أمدا طويلا، حيا وميتا، وربما اكتشفوا آبارا قديمة دُفنت من عهود غابرة، فيجدونها قد سُقفت بأخشاب العرعر التي ما زالت قوية سليمة من الآفات كأنما قطعت من قريب .
ووقوده جيد للطبخ والتدفئة يدوم اشتعاله، ودخانه طيب الرائحة، تُبخّر به المنازل، ويستنشقه بعض الناس، ولاسيما دخان أوراقه وأعواده الغضة، للاستشفاء من أمراض الزكام والرشح والتهاب الحلق . ويبخرون بلحائه الرطب موضع الختان من الأطفال الذكور، حين كانوا يؤخرون ختانهم إلى سن العاشرة، فلا يتلوث الجرح، ويبرأ على عجل . وأخبرني رجل من بجيلة ( بني مالك ) وآخر عسيري من بني مُغيد أنهم يستاكون بأعواده الطرية لعلاج حموضة المعدة الزائدة .
وأخبرني رجل علكمي مُعمر من أهل السودة أنهم كانوا يطبخون ثمر العرعر، ثم يصفّى ماؤه ويُعاد طبخه حتى يعقد فيكون رُبّا، تماما كما رواه أبو حنيفة. قال : وندعك به الجلد بعد دبغه، فيسد المسام، ونستعمله لعلاج أمراض البطن والصدر، يرون أنه لا يفوقه شيء في علاج التهاب الرئة الدموي . وأخبرني آخر من سراة بني عمر أنهم كانوا يعالجون بورق العرعر الغض المغص الشديد؛ إذ يبادرون إلى قطفه قبل أن تظهر عليه الشمس، فيهرسونه ويضيفون إليه قليلا من الماء، ثم يُسقى المريض صفوته، فيقف المغص من فوره . ويستعملون لحاء العرعرة مهروسا وضمادا؛ لعلاج الدمامل والخراجات بأنواعها . ويستخرجون من اللُّب الذي في بطن عود العرعرة إذا يبس وطال عليه الأمد قطعا حمراء اللون على هيئة مكعبات، فتسحق، حتى تصير كالدقيق، ويضمد بها الجروح، وسمعت أهل السراة من بني عمر يسمونها ( البُنْك ) و ( البَنَك ) بالتحريك . وأخبرني رجل غامدي من أهل الرهوة بأنهم كانوا يغلون قدر تلقيمة الشاي من أوراق العرعر وبذوره مع قليل من أوراق العُتُم لعلاج سلس البول الناتج عن التهاب البروستاتا وتضخمها، فتبرأ على عجل . قال : وقد جربت ذلك، فشفيت، بإذن الله تعالى. بعد معاناة طويلة مع المرض لم تنفع معه العقاقير الكيماوية .
ولا يزال بعضهم يستخرج من أعواده القطران، بالطريقة نفسها التي ذكرها أبو حنيفة، ولكن يصنفونه في درجة متأخرة بعد قطران العُتُم والغُراب والمَظِّ , والخَضْاض المذكور هو المُهْل الذي سبق ذكره في رسم العُتُم .
وتفرز العرعرة صمغاً يظهر على اللحاء في شكل حبيبات صغيرة صفراء مائلة إلى البياض يسميها بعض أهل السَّراة ( المَصْطَكَى ) فتجمع وتمضغ علكاً، وتوضع على الجمر فينبعث منها دخان طيب الرائحة، تبخر به البيوت .
وتتخذ النساء السَّرويات من أغصانه الصغيرة المورقة، وهي لا تزال خضراء رطبة، مكانس، يُسفرن بها باحات المنازل وسوحها، وكذلك مراح البهائم وحظائرها . ويستعملنها أيضاً في تغطية الجلود عند دباغتها .
وذكر لي أحد أرباب النحل من سراة بني عمر أن لحاء العرعر هو أفضل ما تُدخَّن به الخلايا، وأنهم يُدخّنون به الخلايا عند فتحها لاشتيار العسل أو نحوه ، وكذلك يُدخَّن به في البرد القارس، فيجد منه النحل صحة ونشاطا.
وعلى قمة جبل شدا وفوق جبال السودة أعلى قمم السَّراة رأيت على أشجار العرعر نباتا غريبا يتدلى كخصل الشعر المرسلة، لونه أخضر مغبر، يسميه أهل تلك الجبال ( العَلا ) لأنه يعلو أشجار العرعر، وهو يتكون من اتحاد فطر وطحلب يسمى علميا بالأُشْن أو الحَزَاز ( Cladonia portentosa ) . وله مع أشجار العرعر معيشة تكافلية؛ فالأشجار ترفعه لخفته ورخاوته للشمس والهواء، وهو في الوقت نفسه يزيد من كمية الماء التي يحصل عليها العرعر من الضباب . وأخبرني رجل علكمي من أهل السودة أنهم كانوا يعلفونه في أزمنة الجدب للبقر، ويتخذون منه مكانس يجمعون بها بقايا الدقيق المتساقط حول محيط الرحى حين كانت تستعمل في زمن مضى .
والعَرْعَر هو الاسم الشائع لهذا النوع في جبال السَّراة، وفي سراة بني عمر يسمون العرعرة الواحدة ( الجَفْن ) والجميع ( الجُفُون ) ولا يجهلون الاسم الشائع ؛ فلعلهم سموها بذلك لأنهم كانوا يصنعون منها الجِفان، وهي القصاع الكبيرة . وسمعت أهل جبل صَبِر يسمون العرعر ( فِرْوَش ) ولا يجهلون، اسمه الشائع أيضا.
وذُكر قديما أن بين العَرْعَر والنَّخْل عداوة، كما جاء في ( مسالك الأبصار ) لابن فضل الله العمري عن قوم من أهل السَّراة، أنهم قالوا : (( كنا إذا أقبلنا من السَّراة نريد تَبَالة، فتَّشونا قبل أن نصل إلى النخيل، فإن وجدوا معنا شيئا من خشب العَرْعَر ولو عصا، أخذوها مِنَّا، ومنعونا أن ندخل بها إليهم لما بين النخل والعرعر من العداوة والإضرار به )) ( ) .
كما أن هذه الشجرة، ولاسيما الباسق المعمر منها، من أكثر أشجار السَّراة عرضة للصواعق فتحرقها أو تشطرها إلى نصفين . وقد شاهدت ذلك مرارا .
ومن العرعر نوع آخر، هو العرعر الفينيقي ( j. phoenicea ) تبدأ منابت هذا النوع من الجبال الواقعة غرب وشمال الطائف، ثم ينتشر شمالا فينبت في معظم جبال الحجاز العالية غرب المدينة المنورة حتى جبال مدين غرب منطقة تبوك . وأهل الجبال غرب المدينة المنورة يسمونه العرعركذلك، وسمعت أهل جبال رضوى والكويرة من جهينة يسمونه أيضاً ( مُبِيرِيْم ) دون الجهل باسمه الشائع، وليس من تعليل لهذه التسمية، إلا أن تكون مأخوذة من شكل ورقه المبروم، ثم صغروه على مبيريم، وسموا به الشجرة نفسها على التغليب. ورأيته في جبل رضوى بأعداد طيبة يكسو السفوح تحت قمم الشُّفَيَّة والقَنَعة وأم الأكَنَان والنِّسْر . ورأيته في جبال الفقرة غرب المدينة المنورة يبدأ في الظهور مع الشَّثِّ من على ارتفاع 1100م، وهي منابت منخفضة مقارنة بمنابت النوع الأول .
وشاهدت هذا النوع ينبت بأعداد كبيرة مع النوع الأول ( العرعر السَّرويّ ) في منطقة الهَدَة شمال غرب الطائف، وينحدر حتى ارتفاع 1200م، ثم يأخذ في التناقص التدريجي كلما اتجهنا جنوبا حتى يتلاشي تقريبا في أشفية بني سفيان غرب الطائف، الأمر الذي يجعل من هذه المنطقة هي الحد الفاصل لمنابت النوعين في سلسلة جبال السَّراة والحجاز .
وأهل الأشفية من بني سفيان والطلحات من هذيل غرب الطائف يسمون هذا النوع من العرعر ( العُرِيْعِر ) والحساسنة من هذيل وسكان الهَدَة من الأشراف شمال غرب الطائف يعكسون التسمية فيسمونه العرعر، وأما النوع الأول فيسمونه ( العُرِيْعِر أو العُرِيْعِران ) .
وهذا النوع لا يختلف كثيراً عن النوع الأول، إذ الفروق بينهما يسيرة. وعند المقارنة نجد من تلك الفروق أن أوراق هذا أكثر سماكة وكثافة، وأذكى رائحة، يعلوها غبرة يسيرة، وليس لها نهايات حادة. وتظهر ثماره بلون أخضر مصفر، عليها نتوءات قليلة خشنة، وعند النضج يصير لونها بنياً فاتحاً، ثم غامقاً، ولا تزرقّ، كحال النوع السروي. كما أنه أصبر على الجفاف الطويل . وبالرغم من هذا، فلا يكاد يميز بينهما إلا الناظر البصير .
وأخبرني رجل من أهل جبال قدس أنهم كانوا يأكلون ثمر هذا النوع إذا حلا، ويسمونه ( البَرْوَش )، وكذا يسمى في سائر جبال الحجاز إلى جبال مدين، مع ملاحظة التقارب اللفظي بين اسمه عند هولاء واسم العرعر في جبل صَبِر باليمن . قال : وكان الناس في أزمنة الجوع الخالية يتفرعون قمم الجبال العالية كجبلي قدس وجبل ورقان وغيرها حيث منابت العرعر، فيمكثون تحت أشجاره الأيام الطوال لا يطعمون شيئاً سوى ثمره ؛ فكان يورث لكثير من آكليه الإمساك الشديد . قال دليلي من أهل ورقان: ويؤرخ الناس عندنا بـ ( سنة البَرْوَش ) وهي سنة المجاعة التي لم يكن للناس فيها طعام سوى ذلك الثمر . وكانوا يأكلونه مطبوخاً ونيئاً. قال دليلي إلى جبل رضوى: ومن البروش ما طعمه حلو، ولكنه قليل نادر، وأكثره مر الطعم، فكنا نطبخه حتى يصير كالعصيدة، فنسترطه ولا نمضغة تحاشيًا لمرارته .
أخبرني رجل من بني كلب وآخر من أهل جبال الفقرة أنهم كانوا يدبغون الجلود بالعَرْعَر مخلوطاً بالشَّثِّ والعِرْن ( العَرَنْتُن ) فيطهر الجلد وتطيب رائحته ولونه، ولا يرون مزية للجلد المدبوغ ما لم يجمعوا في دباغته بين الشجرات الثلاث .
وكانت أعواده تستعمل في كثير من بوادي الحجاز في بناء البيوت من الشعر، وجذوعه في تسقيف البيوت المبنية باللَّبِن .
ورأيت هذا النوع من أكثر الأشجار انتشارا في الجبل الأخضر شمال عمان، وسمعت أهل هذا الجبل يسمونه ( العُلْعُلان ) ويستعملونه في معظم شؤون حياتهم، كأهل السراة والحجاز . ويستعملون صمغه لعلاج العيون الملتهبة بعد أن يسحق ويذاب في الماء .
وبعد هذا، فقد شاهدت كثيراً من أشجار العرعر في جبال الحجاز، صارت، مع بالغ الأسف، حطاما يابساً، ولاسيما ما نبت منها في مضاحي الشمس، فلا ترى إلا جذوعها الضخمة اليابسة التي تدل على أنها قد نمت وازدهرت فوق هذه الجبال منذ أزمنة بعيدة مضت قبل مئات أو ربما آلاف السنين ؛ وفي العقدين الأخيرين خاصة أخذت تنقرض من هذه الجبال على نحو سريع؛ ولعل ذلك بسبب توالي سنوات القحط والجفاف، وتراجع كميات الرطوبة التي كان يحصل عليها العرعر من تكوّن الضباب على قمم تلك الجبال، والذي كان يستمر لفترات زمنية طويلة، تناقصت في السنوات الآخيرة بصورة كبيرة، كما أخبرني غير واحد من أهل تلك الجبال . الأمر الذي يهدد ما تبقى منها بالفناء العاجل . ويزيد الأمر سوءا أنك لا تشاهد لها نشواً صغاراً يعوّض ما قضى إلا النـزر اليسير، تشاهده، فقط، حيث مسايل الماء في بعض بطون الشعاب العالية كجبلي ورقان وقدس . وأخبرني رجل من أهل جبل قدس أن الثلج الذي سقط بكميات كبيرة فوق جبال الحجاز عام 1413هـ واستمر نحو ثلاثة أسابيع، ومنها جبل قدس هذا، كان من أسباب موت عدد كبير من أشجار العرعر على ذلك الجبل . وأقول : ربما كان ذلك أحد الأسباب، ولكن ليس هو السبب الرئيس؛ لأن العرعر يتحمل البرودة الشديدة، وقد رأيت أشجارا كثيرة مع العرعر سليمة مزدهرة لم يؤثر فيها الثلج . وقد انقرض فعلاً من منابته في جبال الوَرْد من ديار بلي شمال الحجاز، وأخبرني رجل بلوي من أهل تلك الجبال أنه كان يغطي مساحات شاسعة من جبالهم تلك، فأتت عليه سنوات عجاف دام فيها انقطاع المطر، قال: ولم يبق منه سوى شجرتين عرفتهما على وشك الزوال . وشاهدته بأعداد قليلة جدا في جبال اللوز والقلَّوم والشَّاطي من جبال مَدْين ، وقد كان ينبت في هذه الجبال بكثافة كبيرة أيضاً، ولكن أكثره زال، يشهد على ذلك بقاياه الميتة في سفوح تلك الجبال، والذي بقي منه أعداد قليلة، شاهدتها في بطون الشعاب، في حالة بائسة، وموشكة هي أيضاً على الفناء . وربما زال بسبب مرض أو أمر مجهول غير الجفاف،ورأيت أشجار العرعر من النوع الأول في جبال الريث، والقَهْر، والحَشْر، وفيفا، والعبادل، وآل حبس وثَهْران، ومُنْجد، وطَلاَّن شرق منطقة جازان، فرأيت معظمها أعواداً يابسة لا حياة فيها، وكثير منها بدأ موته من القمة، ولم يكن ذلك بسبب الجفاف؛ لأنك تراها يابسة وسط غابة خضراء كثيفة النَّبات، وأكثر نباتها أقل مقاومة للجفاف من العرعر . إلا إذا عزونا ذلك إلى تناقص كميات الضباب التي يحصل منها العرعر خاصة على كميات وافرة من الماء . وفي سنة 1424هـ أخبرني رجل معمر من أهل جبل القهر، وقد مات كل العرعر في قمة ذلك الجبل إلا النزر اليسير ، أخبر بأن ظاهرة موته بدأت من نحو خمس سنوات، قال: وفي أزمنة خلت مر سنوات أشد جفافا من هذه الأخيرة، ولم يمت فيها العرعر، كما هو حاصل الآن . وفي أوائل سنة 1423هـ مات فجأة ولأسباب غير معروفة أيضاً أعداد كبيرة من أشجار العرعر في أشفية قرية حزنة والأبناء والقَمِع وخثعم من قرى بالجرشي . وفي ربيع الأول من عام 1424هـ شاهدت العرعر في أشفية بالأسمر ( بنو الأسمر ) يكاد أن يكون كله ميتا . وكذلك شاهدته في شعف سان من سراة هذيل غرب الطائف، وذلك في نهاية شهر ذي الحجة من تلك السنة أيضاً. وهي كارثة بئية ماحقة، تستدعي دراسة علمية دقيقة بمبادرة عاجلة من أصحاب الاختصاص، ومتابعة جادة من المسؤولين في وزارة الزراعة وحماية البيئة ؛ لكشف حقيقة تلك المأساة وعلاجها.
وقد امتدت المأساة بهذا النوع إلى كثير من جبال اليمن، حيث شاهدت العرعر بأعداد قليلة جداً، فوق قمم جبل صَبِر، وعلمت أنه كان يكثر فوق تلك القمم وغيرها من قمم اليمن العالية، ثم انقرض إلا القليل بسبب القطع الجائر، أو بأسباب أخرى لا تزال مجهولة أيضاً .

نتيجة بحث الصور عن العرعر
نتيجة بحث الصور عن العرعر
نتيجة بحث الصور
نتيجة بحث الصور
نتيجة بحث الصور
نتيجة بحث الصور

شاهد أيضاً

أمير الباحة يعتمد خطة استئناف عمل موظفي الإمارة ومحافظاتها

أمير الباحة يعتمد خطة استئناف عمل موظفي الإمارة ومحافظاتها الأمير حسام بن سعود واس – …