والآن مع انطلاقة عاصفة الحزم نرى مرة أخرى ما يعبر عنه المواطن من مشاعر خالصة صادقة، وبما أن وسائل التواصل أصبحت منبرا للرأي وساحة للتعبير فقد استطعنا هذه المرة معرفة مشاعر الناس بشكل أكبر وأشمل من ذي قبل، ورغم أن هذه الوسائل تتيح لمن أراد التخفي تحت اسم مستعار قد يرفع عنه الحرج في قول رأيه مهما كان، إلا أننا رأينا الأغلبية الساحقة من أصحاب الأسماء الحقيقية والمستعارة تقف بقوة مع قرار الدولة وترفع عقيرتها بمشاعر الحب للوطن والاستعداد للذود عنه، في حالة إجماع استثنائية لا نراها في الظروف العادية.
اتفق الكل أننا ننتقد ونغضب، وقد نحتد أو حتى نسخط أحيانا من أداء بعض الأجهزة والإجراءات، ونطالب بكثير من الأشياء ونستعجلها، ونرى أن هناك استحقاقات تنموية ومجتمعية تأخرت ولا يجب أن تتأخر أكثر. نمارس ما يمارسه أي شعب في علاقته مع الدولة في أي مكان آخر، ولكن كل ذلك ممكن في الأوقات العادية، أما عندما يحل ظرف له علاقة بأمن الوطن فإن كل تلك الملفات يجب أن تنحى جانبا، وكل الاختلافات في الأفكار والرؤى حيال بقية القضايا يجب نسيانها، ليبقى الإجماع حول الوطن، والوطن فقط.
هذا الملمح المبهج نشاهده مستمرا وبشكل عفوي في كل مكان في الوطن، ما يؤكد أن المجتمع السعودي أصبح على قدر كبير من الوعي بمفهوم الوطن لا سيما خلال هذه المرحلة التي تحولت فيها بلدان كثيرة حولنا إلى أشلاء يصعب تجميعها لأسباب كثيرة من أهمها اختراق الجبهة الوطنية الموحدة وضرب مكوناتها ببعضها ليخسر الجميع في النهاية.