أكتوبر 15, 2024 1:11 م
أخبار عاجلة
الرئيسية / الرأي / أحمد بن عبد العزيز قطان – سفير الملوك والأخلاق

أحمد بن عبد العزيز قطان – سفير الملوك والأخلاق

أحمد بن عبد العزيز قطان
سفير الملوك والأخلاق
القاهرة في 1 شعبان 1435

د . موسى بن محمد آل هجاد الزهراني

بسم الله الرحمن الرحيم


في مجتمعنا اليوم أمور تذهب العقل ! ، يسارع الناس إلى تطبيق مبدأ ( إذا طاح الجمل … ) عندما يترك صاحب المنصب منصبه ،بناء على أي طلب .. منه أو من غيره ..
فإذا ما استحق الثناء فأثني عليه قامت قيامة من يحلو له الكلام ﻷجل الكلام فحسب .. لم تثني على فلان ؟ إذن فأنت متزلف .. ومن الغريب حقا أنك تجد من يقول هذا الكلام يصدر كلامه في مناقشته لرسائله الماجستير والدكتوراه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس )
وكان آخر ضحايهم الدكتور : عبدالله الربيعة وزير الصحة ، للأسف فإن أخلاقنا ساءت وبعدت عن الإنصاف ، وننسى في خضم الاعتداد بالنفس الأمارة بالسوء أن أصحاب المناصب العليا هم من أبناء أبينا آدم !!
لم هذا الكلام ؟!

* * *

التحقت بدراسة الماجستير في جامعة القاهرة ،في كلية دار العلوم عام 2004 م ، وناقشت الدكتوراه عام 2012 م .. زمن في عمر الزمن يذهب من حياة الإنسان ..
كنا نتحدث .. نحن رفاق الدراسة .. الذين منهم اليوم من تقلد المناصب العليا في بلده .. نتحدث عن دور سفارات البلدان في حياة الطلاب المغتربين .
كم كانت دهشتنا كبيرة عندما تذاكرنا قصصا لسفارات المملكة في كثير من البلدان وأنها أشبه ما تكون بغرفة المدير في المدرسة الابتدائية في القرن الماضي !! وكيف أن السفير لا تتمكن من مقابلته إلا أتيحت لك مقابلة ملك الموت بعد عمر طويل ! ، ولا تعرفه إلا في شاشات التفلزيون .. بأنه قال وفعل من أجل سواد عيون الرعايا السعوديين في الخارج ، وبعد أن تغوص أصابعك في شعر رأسك لتحك شعرك مفكرا ، تكتشف أنك أحد هؤلاء الرعايا الذين شملهم هذا السفير الأثير بقوله وفعله ! ثم لا ترى شيئا يقال ويفعل ! .
ومن المؤلم أن بعضنا كان يلجأ لسفارات بعض دول الخليج في القاهرة ليجد لديهم التعامل الراقي وحسن الخلق والخدمة الإنسانية العاجلة … فيكاد يتميز من الغيظ إذا قارن كل هذا بتصرف حراس السفارة وموظفيها ومن فيها حتى يكاد يلعن القدمين اللتين أخذتاه إلى هذا المكان .
وأكثر ما يلعن المرء قدميه المظلومتين إذا أراد أن يطأ بهما عتبة الملحقية الثقافية ، الله يجيرك من تعامل بعضهم معنا نحن الفقراء إلى الله طلاب الدراسات العليا التي ما شعرنا بعلوها أبدا كلما زرنا الملحقية . هل تغير الحال الآن ؟! الجواب : لا أعلم ! أسألوا الملحق الثقافي .. وبقية الطلاب في مصر .
لم أكن أتصور أن يأتي علي زمان أكتب هذا الكلام ،لكن للضرورة أحكام . عندما صدر أمر خادم الحرمين الشريفين بتعيين الأستاذ : أحمد بن عبد العزيز قطان سفيرا له في مصر ، سمعت الثناء عليه من كثير من الزملاء ..بل من بعض أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة . وللحق فإني لم أكن قد سمعت به من قبل .
أحداث كثيرة توالت من ساعة قيام الثورة المزعومة 2011 م .. فرأيت السفير قطان يقف كالجبل الشامخ يصارع العواصف والأعاصير ، ويتنقل من قناة إلى أخرى ليدافع عن المبادئ ويرفض المساومات ، بل ويتخذ القرارات ولا يهمه أحدا . ولعلكم تذكرون تركه لطاولة حوار الأستاذ : داود الشريان في برنامجه المثير عام 2012 م .
كنت أتابعه وأسمع من ثناء الناس عليه ما يجعلني أشعر بالفخر .. قال لي مرة أستاذ كبير في جامعة القاهرة ( يابني ياموسى .. أحمد قطان ده هو عبارة عن مجموعة وزراء وسفراء في شخص رجل واحد .. ربنا يحميه )
كدت أبكي .. لا ﻷني أتزلف .. فما فادني شيء منذ سنتين وقد رأيت فيهما مالا عين رأت .. ورزقي على الله .
كان من أمري .. أنني طبعت بطاقة خاصة لدعوة السفير لحضور مناقشة رسالتي في موضوع ( الفكر الاثنا عشري في القرنين التاسع والعاشر الهجريين . دراسة تحليلية نقدية ) في كلية دار العلوم .. أحب كلية إلى قلبي!.
كان ذلك قبل المناقشة بشهر .. وحدث ما لم يكن في الحسبان ، توالت الإساءات إلى المملكة من فئات عجيبة في مصر ، وتتابعت الاعتداءات على السفارة ، وتناثرت صور الحرائق والتكسير في كل الفضائيات . كنت وقتها بصحبة زوجتي في الاسكندرية نستجم قبل المناقشة .. وفي يوم 28/4/2012 عدنا من مطعم الفندق إلى غرفتنا لنستعد للخروج للنزهة في عروس البحر الأبيض المتوسط .. فشعرت برغبة في تقصي الأخبار .. ففتحت التلفزيون على قناة العربية .. فصعقت مما قرأت على الشاشة ( اغلاق السفارة السعودية في مصر واستدعاء السفير) .. قعدت على الكنب مفكرا .. هل تأزمت الأمور بيننا وبين مصر إلى أجل غير مسمى ؟ هل ضاعت مني مناقشة الدكتوراه ؟ هل فقدت فرصة حضور السفير ؟.. فكانت (الهل) الأخيرة هي الواقعة !.
نظرت إلي زوحتي وقالت : سحابة صيف .. ستمر سريعا .
مرت الأيام أثقل من الفقر على قلوب العباد ، وكانت المفاجأة أن عودة السفير تقرر أن تكون يوم الأحد 6/5/2012 أي في يوم مناقشة رسالتي ! ومن المستحيلات السبع -لا أعلم كم عددها بالتحديد في هذا الزمن – أن يحضر السفير مناقشة رسالة في هذا الجو الملبد بغيوم التوتر .
لم يتوقف السفير عن متابعة كل مايتعلق بالرعايا السعوديين في مصر متابعة شخصية ، وفي الحقيقة لم نعتد على مثل هذا الأسلوب فيما مضى ، وكان أحدنا إذا وقع في ورطة – وما أكثر الورطات في مصر !- واستطاع أن يسمع صوت موظف السفارة فإن عليه صلاة شكر يؤديها لله ! .. هل هناك صلاة شكر ؟.
عدت من بريطانيا في شهر 12 السنة المنصرمة 2013 .. في شدة البرد والعواصف وكانت الرحلة على القاهرة ، سأمضي فيها بضعة أيام .. ففوجئت بهم في المطار يتضاحكون وتقول الموظفة بعد أن رفعت سماعة الهاتف : عندي موسى ! ..
لست أعلم لماذا تخيلت نفسي فجأة : عمرو موسى ؟ الذي يتكلم ثلاث ساعات دون أن تفهم كلمة واحدة مما قال !.
أخذوني للتحقيق أربع ساعات ، أسئلة أتفه من التافه نفسه .. وبين كل سؤالين 🙁 تفضل استريح ) طبعا لمدة ساعة ، وهكذا مارسوا سياسة حرق الأعصاب ..
لم أكف عن الاتصال بالسفارة دون جدوى ، وفكرت بالاتصال بالملحقية ثم استغفرت الله !
قلت في نفسي وقد قاربت الساعة الحادية عشرة ليلا : لم يبق الا السفير .. فانصلت به فلم يجب ..
وبعد ثلاث دقائق بالضبط فوجئ به يتصل بي .. فشرحت له الموضوع وأنها المرة الأولى التي أتعرض فيها لمثل هذا الموقف .
فقال لي : انتظر دقائق . .
وبعد دقائق جاءني الضابط الذي لم لم بتوقف لحظة عن نفث التدخين في وجهي .. معتذرا وأنها تشابه أسماء !! بعد اكثر من عشر سنين أتردد فيها على مصر .. يقول تشابه أسماء .
شكرت السفير فغضب وقال : هذا واجبي !.
ياسلام ! .. صغار الموظفين تعتبر هذه الجملة من المحرمات في قواميسهم .. فواجبهم فقط هو التكشير في وجوه الخلق وادعاء أن علينا ضغوط عمل … الخ .
غادرت القاهرة بنفس حسيرة كسيرة .. ليست هذه القاهرة الساحرة التي عشنا فيها ..
قبل أسبوع .. اضطررت للعودة القاهرة لإنهاء أوراق في الملحقية – عدنا لها !-.. وفي جامعة القاهرة أيضا..
وفي المطار .. تكررت المأساة ، استيقاف .. لكن هذه المرة .. ما إن وضعت موظفة الجوازات جواز سفري جانبا حتى علمت .. فرفعت سماعة هاتفي على السفارة .. الرجل الأول غير مصدق أني دكتور ! وبعد تأكده مما سمع مني من قسم .. أعطاني رقم موظفا آخر .. وهو بدوره لم يجب !! ..
ليس لي إلا معالي السفير .. فاتصلت وكان الوقت لعد العصر بساعة .. أي وقت راحته .. فلم يجب.. وماهي الا سبع دقائق بالتمام حتى فوجئت باتصاله .. فأخبرته .. فطلب إعطاءه الضابط .. فأعطيته على تمنع من الضابط .. فلما أغلق السفير الهاتف اعتذر لي الضابط .. وأخذني معه فختم جوازي .. وصافحني .. طالبا ابلاغ السلام لمعالي السفير .
اتصلت بمعاليه .. وشكرته مرة أخرى .. فغضب .. وقال : لا داعي للشكر .. فأقسمت أن أزوره في مكتبه ﻷشكره من قريب ..
في مبنى الملحقية جردوني من هواتفي .. وفي مبنى السفارة الجديد .. رأيت العجب .. الإخوة ( ولم أقل الإخوان !!) الموظفون السعوديون في غاية اللطف والأدب فعلا .. سألوني فأخبرتهم برغبتي في زيارة السفير فطلبوا لي القهوة .. وجاء شاب اصطحبني لمكتب معاليه .. دخلت عليه فاستقبلني بابتسامة وحرارة .. فأهديته رسالتي للدكتوراه .. وفتح معي موضوع استيقافي المتكرر .. ووعد بحسم الأمر نهائيا .. فقلت : لم آتي لهذا .. جئت لكي أقول لك : (أنت مجموعة وزراء وسفراء في شخص رجل واحد .. ربنا يحميك ) كما قال أستاذي من قبل ..
شكرا لكم معالي السفير !!

شاهد أيضاً

كيف ستنعكس زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى كوريا على التبادل التجاري والعسكري؟

شدد خبير أمني ومحلل سياسي على أهمية زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى …