مارس 29, 2024 11:40 ص
أخبار عاجلة
الرئيسية / الاسلام دين ومنهج / الإسلام منهج شامل ومتكامل

الإسلام منهج شامل ومتكامل

جاء الإسلام – ولله الحمد – منهجا متكاملا للحياة، وبمصادر ثابتة وواضحة لا تقبل التحريف أو التبديل يقول الله تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ “[1] حيث أرسل الله نبيه محمدا – صلى الله عليه وسلم – بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية الشريفة وما أن قرب أجل النبي– صلى الله عليه وسلم – حتى نزلت الآية الكريمة: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا “[2] إعلانا لاكتمال الدين؛ وبالتالي اكتمال النعمة.

    وجاء الإسلام ذو المنهج الكامل للناس جميعا، باختلاف مشاربهم يقول الله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”[3]، وبالتالي ضمن الإسلام في منهجه جميع الملل والنحل، فما من أمة وما من ملة إلا وتجد نفسها في هذا الدين العظيم، فهؤلاء هم اليهود الذين أسلموا يتلون آيات كثيرة عن موسى – عليه السلام ـ ومنها قول الله تعالى: “وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ”[4]، وكذلك النصارى الذين أسلموا يجدون القرآن كثيرا ما يتحدث عن عيسى ـ عليه السلام ـ ومن ذلك قول الله تعالى: “وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا “[5]

    ولم يقتصر الأمر على الرسالات السماوية، بل شمل حتى الذين يدينون بالباطل إذ أرسل الله لهم الرسائل الخاصة بهم؛ ليتخلوا عن دينهم الباطل، وينضموا للواء الحق، ومن ذلك قول الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: “إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ “[6]

    وهكذا جاء الإسلام مخاطبا وداعيا جميع أنواع البشر بوسائل مختلفة لغاية واحدة، هي الانتماء لهذا الدين العظيم، وأصبح الناس يلتفون حول هذه الوسائل للوصول للغاية المنشودة، ومن هؤلاء العلماء يقول الله تعالى: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”[7]، وأهل القانون والقضاء يقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ، وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[8]، بل وعلماء الفلك يقفون عند قول الله تعالى:”فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ، كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُون[9] فالصعود إلى السماء فيه من المعلومات الفلكية ما تشير إليه الآية الكريمة بعمق. وقس على ذلك في جميع مجالات المعرفة، حيث يقول الله تعالى: “وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ[10].

وماذا عن الفلاسفة؟ فهم كذلك وجدوا ضالتهم في الإسلام، فهم ينظرون إلى الإسلام باعتباره الدين الذي قدر العقل وجعل العبادة منوطة ومرتبطة بهذا العقل، وليس مجرد اتباع أعمى، بل ذم أولئك الذين يتبعون آباءهم يقول الله تعالى: “وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ[11] كما أن الإسلام ذكر لهؤلاء الفلاسفة الأفكار الفاسدة التي يتشبث بها بعضهم، ومنها قول الله تعالى: “وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ[12]

فمن يبحث ويرجو الحق بصدق، سوف يوظف ـ بإذن الله – جميع المعطيات التي يحملها توظيفا صحيحا، فالحق يدعمه والباطل يرفضه، والضابط في كل ذلك قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا”[13]، كما أن أهل الباطل هم أكثر الناس معرفة بهذا الباطل، كيف لا وأول من أسلم بموسى هم السحرة، إذ إنهم أدركوا أن ما جاء به موسى ليس بسحر يقول الله تعالى: “فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى”[14].

          نجد في هذا السرد الذي تقدم، أن الله سبحانه وتعالى أفسح للناس الهدى حسب ما أودعه فيهم من قدرات ومواهب، فكل صاحب موهبة وتوجه يجد نفسه في هذا الدين، فإن كان خيرا، وجد الإسلام يحث عليه، وإن كان غير ذلك وجد أن الإسلام يقف موقفا واضحا منه، وهذه الميزة الخاصة أشار إليها القرآن في قوله تعالى: “أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ[15] فالهدهد في الآية الكريمة لم ينظر إلى خلق السموات والأرض، ولا إلى خلق الليل والنهار، وإنما نظر إلى خلق عظمة الله في الأمر الذي يخصه، ويهتم به وهو خروج المخبوء من الأرض.

فإذا كنت تريد أن تكون قريبا من الله سبحانه وتعالى، ومن هذا الدين العظيم، فانظر إلى ما أودعه الله فيك من مواهب، فسوف تجد كأن هذا الدين نزل إليك وحدك، ولا لأحد سواك فتتفاعل معه بكل كلياته وجزيئاته.

شاهد أيضاً

تفسير الشعراوي للآية 36 من سورة الأنفال

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ …