محمد بن سلمان وبلومبيرغ: العقل ثروة سيادية !
بكل ثقة وتحد ورؤى واضحة أجاب الأمير في اللقاء العاصف الذي استمر لنحو 5 ساعات متواصلة عن أهم الأسئلة العالقة في أذهان الاقتصاديين حول العالم بخصوص مستقبل بلاده.. قال لهم بشكل غير مباشر «نحن هنا اليوم لصناعة الغد وما بعده ونعرف جيدا ملامح وجه اقتصادنا بعد عقود ولا حاجة لنا بالاستماع لترهات التنجيم الاقتصادي».
لم يقدم الأمير تنظيرا عاما مفتوحا على الاحتمالات كلها لعلمه بأن التخطيط الاستراتيجي لا يترك أبوابا مفتوحة للتنبؤات.. قدم خطة العمل كما هي لتتحدث عن نفسها.. صندوق سيادي تريليوني هو الأكبر على سطح هذا الكوكب سوف يكون مصدر عائدات الدولة خلال سنوات معدودة، ما يعني فعليا أن السعودية ستصبح مالكا مشاركا في أعظم مصادر الثروات العصرية حول العالم..
«ليس طموحنا أن نعيد ابتكار العجلة بل أن نكون من ملاك أكبر مصانعها ونجني الأرباح منها» هذه هي النظرية الاقتصادية العقلانية التي تقفز على كل المعوقات الكلاسيكية وتوفر الجهد والوقت لصناعة المستقبل.
«شركة أبل» تصنع التكنولوجيا للبشرية وتجني أرباحا تتجاوز ميزانيات دول كبرى.. حسنا سنكون من ملاكها وسنجني منها أرباحا تنعكس على تنمية بلادنا ورفاهية مواطنيها بدلا من أن نكون من مستهلكي منتجاتها أو من مجرد مصدر من مصادر دخلها.
لم يسعفنا الوقت كدولة حديثة التأسيس نسبيا لإنشاء شركات تقنية كبرى تنافس «مايكروسوفت» وتمتد يدها لجني الأموال من كافة مستخدمي التقنية على سطح الأرض، وسنحتاج لمائة سنة على الأقل إن فكرنا في ذلك والاحتمال الأكبر أننا لن ننجح.. حسنا سنكون من ملاك مايكروسوفت ونجني الأموال من خلالها بكل بساطة ونوفر الوقت والجهد والأحلام السلحفائية.
اقتصاد العالم اليوم أسقط الحدود التقليدية.. عبارات مثل «دولة صناعية كبرى» أصبحت حكاية من الماضي، «المصنع وسيلة وليس هدفا.. الهدف هو الإيرادات والربح» وطالما أنك شريك في الربح بوسيلة أكثر ذكاء فقد غدوت منافسا حقيقيا لمن أسس وصنع وسوق واستهلك موارده وطاقاته بأقصى ما يمكن من جهد، دون أن تستهلك جل مواردك وطاقاتك في تأسيس مصانع قد تتحول عبئا عليك.
إجمالا يمكنني أن أقول باختصار وبكل راحة ضمير إن حديث الأمير الملهم لبلومبيرغ وضع النقاط وحركات التشكيل أيضا على الحروف في مجلد تاريخي مستقبلي عظيم عنوانه: «السعودية الجديدة».