سبتمبر 10, 2024 5:04 م
أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار منوعة / كيف وصل الطعام العربي إلى حيدر آباد ؟

كيف وصل الطعام العربي إلى حيدر آباد ؟

تزايد شغف الهنود بأطباق الشرق الأوسط

 

الطعام في حيدر آباد

أصبح للمذاق العربي رواج كبير أخيرا في الهند، خاصة في مدينة حيدر آباد التي تقع في جنوب الهند؛ حيث حلت «الشاورما» التي يشتهر بها العرب، محل البيتزا والبرجر لدى شباب المدينة. ورغم حضور الكبسة والمندي، اللذين يحظيان بإقبال كبير، كان للشاورما النصيب الأكبر نظرا لكونها في متناول الجميع في كل الأوقات ولتوافرها بأشكال متنوعة. مع ذلك لا تباع في أكثر الأماكن إلا في المساء، حيث تصلح لأن تكون وجبة خفيفة بين الغداء والعشاء.

كذلك من السهل أن تجد الحلويات العربية مثل أم علي، والبسبوسة، والبقلاوة، والكنافة، وأيضا الفلافل، والحمص، والبابا غنوج. وازدادت شعبية المطبخ العربي، الذي عرف طريقه إلى البلاد منذ قرنين على أيدي العرب، خلال السنوات القليلة الماضية. وتشمل الأطباق العربية مزيجا من المطبخ اليمني، والفارسي، واللبناني، والتركي، والسعودي. ولطالما كان للشرق الأوسط تأثير كبير على المطبخ في حيدر آباد والذي يعرف بنكهاته وبهاراته المتميزة الفريدة؛ فالبرياني من تركيا والحليم من إيران. وأصبح أخيرا إضافة جديدة إلى كنوز حيدر آباد من طعام الشارع، وأخذ يشق طريقه ببطء نحو قلوب أهل حيدر آباد.

الشاورما

قدم مير قيصر كمال، صاحب مطعم للطعام العربي في توليتشوكي، الشاورما إلى حيدر آباد عام 1997؛ حيث افتتن خلال إقامته في المملكة العربية السعودية لمدة 22 عاما بالمطبخ السعودي وعاد إلى وطنه ليحول شغفه إلى مطعم. ويمكن للمرء في مطعمه التمتع بنكهات من مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وفضلا عن الشاورما، هناك العديد من الأطباق اللذيذة مثل المطبق من اليمن، والفلافل من مصر، والزعتر من إيران، والحمص الذي له شهرة فيلم «لا تعبث مع زوهان»، وغيرها من الأطباق. كذلك يتم تقديم الشاورما بخبز الصامولي اللبناني، وأنواع أخرى من الخبز المصنوع من الدقيق الأبيض والأسمر والذي يشبه عجينة البيتزا. وحفاظا على مذاق البهارات الهندية تمتت إضافتها إلى تلك الأطباق العربية لتختلف قليلا عنها في الشرق الأوسط.

ويفخر مير قيصر بالشعبية التي حظي بها الطعام العربي الذي قدمه. وتلقى الشاورما التي يقدمها قبولا كبيرا بين مشاهير السينما الهندية. وتعد توليتشوكي مقصدا للأثرياء في حيدر آباد، وتشبه إلى حد كبير ضواحي بيروت في لبنان. ويفضل الأجانب مثل الصوماليين، والإيرانيين، والعراقيين، وغيرهم، تلك المنطقة لما تتسم به من تشابه ثقافي. وقالت ريكا وهي طالبة «دعك من الطعام الصيني والهندي، فطعامي المفضل حاليا من المطبخ العربي بالطبع مع إضافة البهارات الهندية». وأضافت ممسكة بشطيرتها المفضلة من الشاورما في مطعم «فيل إن ساوديا»: «إنه لذيذ جدا ولا يمكنني مقاومة هذا الإغراء». وتضيف ريكا الصوص العربي مثل الحمص والطحينة على الطعام، حيث باتت تستخدمها بدلا من الصوص الهندي الشائع حتى في المنزل. وقالت أهانا، صديقة ريكا «لقد تعلمت إعداد الطحينة من طاه في مطعم يقدم الوجبات العربية، وأنا الآن أمزجها بطعامي الهندي العادي وأستمتع بالمذاق الرائع والطعام الصحي».

ويتم إعداد الشاورما إما من الدجاج، أو لحم الضأن، ويتم لفها داخل خبز «البيتا» أو «الشباتي»، وتتم إضافة المايونيز أو أشكال الصوص العربية التقليدية الأخرى مثل الحمص، والطحينة، والخيار المقطع، والبصل، والطماطم، والمخلل، والخس.

الطعام العربي في حيدر آباد

لطالما كانت للعرب علاقة طويلة وتاريخ مثير للاهتمام بمدينة حيدر آباد. في عام 1374، تمرد علاء الدين حسن بهمن شاه، حاكم ديكان، على عائلة تغلق الحاكمة، وأسس مملكة البهمنيين. وكان جيشه يضم عددا من العرب اليمنيين؛ وبعد سقوط المملكة، تعاون هؤلاء العرب مع المهراتا وأصبحوا جزءا من جيشهم لسنوات عديدة. وفي عام 1818 عندما هزم البريطانيون المهراتا، قرروا نفي الجنود العرب حيث كان يخشاهم البريطانيون بشدة. وانضم اليمنيون إلى جيش حيدر آباد التي حكمها نظام الملك مير محبوب علي خان (1886 – 1911). وزاد نفوذ العرب في تلك المنطقة خلال فترة حكم نظام الملك السابع والأخير مير عثمان علي خان (1911 – 1967) الذي صنفته مجلة الـ«تايم» في ثلاثينات القرن الماضي كأغنى رجل في العالم. وكان الحكام خلال تلك الفترة يثقون في العرب طوال القامة أشداء البنية الذين كانوا يخدمون في أغلب الأحيان في الحرس الشخصي للحكام. ومع تزايد عددهم استقر العرب في الثكنات التي تقع على أطراف مدينة بركاس التي تحيط بها الأسوار. وأخذت المدينة اسمها من «وادي بركاس»، وهو مستعمرة في السعودية. ويعد شارع بركاس اليوم مركزا للطعام العربي. كذلك يشبه شارع بركاس، الذي أطلق عليه اسم المنطقة العربية في الهند في حيدر آباد، سوقا مزدحمة في القاهرة أو منطقة قديمة في اليمن، أو البحرين، أو الكويت، أو المملكة العربية السعودية.

ويلتف مجموعة من الرجال يرتدون زي الـ«لونغي» والزي العربي حول بائع شاي متجول ويرتشفون الشاي السليماني الأحمر بالنعناع الطازج في أكواب زجاجية صغيرة. وفي هذا المكان، الذي يمثل نموذجا مصغرا للعالم العربي والذي يبلغ تعداد السكان به 200 ألف، يتم الترحيب بالضيوف من خلال تقديم البلح والقهوة العربية. وتزين أسطح المنازل آيات من القرآن مكتوبة بخط جميل. وينصح أكثر محبي الطعام في المدينة بالقيام برحلة إلى بركاس للاستمتاع بالمطبخ العربي الأصيل.

مع ذلك ظهرت حاليا الكثير من البدائل على أطراف المدينة تقدم أطباقا عربية خاصة لذيذة مثل المندي، والمطبق، وأم علي، والحمص، وكبسة اللحم، وغيرها.

انتشار مطاعم الوجبات العربية

مع تزايد شغف السكان المحليين بطعام الشرق الأوسط، ظهرت العديد من المنافذ، بداية بالباعة الجائلين على جانب الطريق ووصولا إلى المطاعم الفخمة، والتي تقدم أصناف الطعام العربية، في مختلف أنحاء المدينة، ويقصدها محبو المطبخ الخليجي. ويقول حسن اليماني، صاحب مطعم «العربية»: «يبحث الناس دائما عن التغيير وتجربة طعام مختلف عن طعامهم المعتاد. وسرعان ما جذب الطعام العربي الكثيرين حيث زار الكثير ممن يسكنون هذه المنطقة من المدينة دول الخليج وأحبوا الطعام العربي».

المندي

المندي هو طبق من الأطباق اليمنية التقليدية ويحظى بشعبية كبيرة هنا. والطبق مكون من أرز يقدم مع قطع اللحم، أو الدجاج، أو السمك، على طبق مستدير كبير. وله عدة أشكال متنوعة مثل كبسة اللحم، والمكبوس، الذي يضاف إليه الطماطم، والمقلوبة، والتي تضاف إليها مكسرات وبهارات أكثر. ويضاف إلى الأرز الزعفران مما يجعل لونه أصفر، ويتم نثر الزبيب المقلي عليه، والمكسرات، وحلقات البصل المقلي. كذلك توضع بيضة مسلوقة أعلاه ويتم نثر الكزبرة المطحونة جيدا وأوراق النعناع.

يتم حفر حفرة في الأرض وتغطية جوانبها الداخلية بالطمي، ثم إشعال النيران في قطع الخشب. ويوضع إناء يحتوي على الماء، والأرز، والبهارات، من أجل المندي على الخشب. وأعلى الإناء يتم وضع شبكة يتم توزيع قطع كبيرة من اللحم عليها وتركها لتنضج. ويقول محمد إسلام، طاه في مطعم بتوليتشوكي «يكون للحم المطهي بهذه الطريقة مذاق الدخان ويكون تام النضج. وتتساقط الدهون منه على الأرز مما يمنح الأرز نكهة فريدة».

وجذبت تجربة تشارك الطعام على الطبق الكبير الكثيرين في المدينة. ويقول سانجيف، الذي يستمتع بمندي السمك مع زوجته وأبنائه مرتين شهريا «غالبا ما أستمتع بتناول الأطباق العربية. وأنا مغرم بالأرز ذي النكهة قليل البهارات». وتعد الكبسة، الطبق السعودي التقليدي، من الأطباق التي تحظى بشعبية كبيرة بين محبي هذا النوع من الأطعمة. ويقول موهد «إن سعره في متناول الجميع حيث يتراوح الطبق بين 200 و500 روبية». ويمكنك الاستمتاع بالأجواء العربية الفريدة في بعض المطاعم الفخمة، التي تقدم أصنافا عربية، حيث الستائر، والسجاجيد الطويلة المنسوجة تغطي الأرض، والمساند الموزعة حول الطاولات المنخفضة. وقالت نيدهي، عاملة في «إم إن سي»: «الكثير من سكان حيدر آباد مثلنا يريدون الاستراحة من البرياني المليء بالبهارات، وتتميز تلك الأطباق بنكهاتها. الطبق الخاص الذي أتناوله يوم الأحد هو المكبوس الساخن على البخار وهو شكل من أشكال المندي لكن نكهته معتدلة. وقد اعتدت الذهاب إلى بركاس، لكن باتت لدينا خيارات أكثر هنا هذه الأيام». وتحب نيدهي تناول البسبوسة وهي نوع من الحلويات المطهية بماء زهر البرتقال وشراب السكر.

* مقصد مفضل للتعليم بالنسبة للطلبة العرب

نظرا لما تقدمه حيدر آباد من أصناف عربية أصيلة، أصبحت واحدة من الأماكن التي يقصدها الطلبة القادمون من الشرق الأوسط لتلقي العلم. واختار محمد بن عبد الله من اليمن جامعة عثماني في حيدر آباد لتوافر أصناف الطعام العربية في الشوارع. وقال عبد الله «درس ابن عمي الهندسة في جامعة البنجاب، وطوال فترة إقامته في الهند افتقد الأطباق العربية كثيرا، لكن عندما قررت المجيء إلى الهند للحصول على شهادة في الهندسة، اخترت حيدر آباد لارتباطها بالثقافة العربية والطعام العربي». وشهدت حيدر آباد مؤخرًا مهرجانا للطعام استمر لأسبوعين وتم خلاله عرض أصناف من المطبخ العربي. كذلك تم عرض أصناف عربية أصيلة مثل المنسف، والكنافة، والبقلاوة، والبسبوسة، والكثير من الأطباق العربية الأخرى.

ويلخص سانكالب، ناقد الطعام وصاحب مدونة عن الطعام يقيم في المدينة، الأمر بقوله «يتم طهي الطعام العربي على نار هادئة وهو ما يمنحه نكهته المميزة. أطباقي المفضلة هي المطبق، وهو شكل من أشكال الباتيه المحشو باللحم المفروم، والبيض المخفوض، والأعشاب. ومن أطباقي المفضلة الأخرى الكبسة». وبالطبع لا غنى عن الشاي السليماني الذي يقدم مع قطعة صغيرة من الليمون بعد وجبة عربية ثقيلة.

شاهد أيضاً

الناجية الوحيدة من جريمة «كشف عورات النساء» بمطار الدوحة تروي تفاصيل مخجلة

   كشفت مسافرات أستراليات، عن تفاصيل مخجلة حول واقعة «الكشف عن الملابس الداخلية» بمطار قطر …