قرر رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، تأجيل تقديم تقرير مفصل أمام البرلمان حول نشاط حكومته بعد مرور 100 يوم على تشكيلها، إلى 5 يونيو المقبل، بعد أن كان من المنتظر تقديمه خلال هذا الأسبوع.

وتمر اليوم السبت 3 أشهر على تشكيل الحكومة التونسية التي انبثقت عن انتخابات برلمانية فاز فيها حزب “نداء تونس”، الذي تحالف، لتشكيل الحكومة، مع أربعة أحزاب منها حركة “النهضة” الإسلامية، كما كلف شخصية مستقلة برئاستها لتجنب “انفراده” بالرئاسات الثلاثة، البرلمان والجمهورية والحكومة.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك ما يشبه “الإجماع” من قبل المتابعين وكذلك الناشطين في الحقل السياسي على القول إن حكومة الصيد لم تحقق ما كان مأمولا منها، وإن أداءها كان مرتبكا، ما جعل منها حكومة أقرب إلى “تصريف الأعمال”.

الصيد يدافع عن حكومته

إجابةً على سؤال لـ”العربية.نت” حول ما يتردد من انتقادات لأداء حكومته، أكد الصيد، خلال لقاء مع بعض الإعلاميين، أن الحكومة لها العديد من الإنجازات رغم أن الوضع الذي تتحرك فيه ما زال صعبا، خاصة في ما يتعلق بالجانب الاجتماعي، وهو ما جعلها “تتفهم الاحتجاجات”، وفق تعبيره.

وأشار الصيد إلى شكوك بأن جهة ما تحرك هذه الاحتجاجات، مضيفاً أن البعض منها “يخدم بوعي أو بدون وعي تحالف الإرهاب والتهريب”، في إشارة إلى الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مناطق في الجنوب التونسي، على الحدود مع ليبيا، حيث تنشط الجماعات المتشددة، وكذلك “مافيات التهريب”.

كما أقر رئيس الحكومة بأن تواصل الحكومة مع الإعلام ضعيف جدا، ما جعل الكثير من إنجازاتها وتحركاتها غير معلومة للرأي العام الوطني، وهو ما دفعه لتغيير تركيبة “الفريق الاتصالي”، من أجل تجاوز هذه المسألة.

ودافع الصيد، خلال اللقاء الذي جمعه بالصحفيين في قصر الحكومة بالقصبة، عن إصرار الحكومة وعزمها “على مواصلة الحرب ضد الإرهاب وتفكيك الخلايا النائمة”، مشيدا بالدور الذي تقوم به أجهزة الأمن والجيش الوطنيين في هذا الإطار.

الثقة الكبيرة بوزير الداخلية

ويستند رئيس الحكومة هنا إلى رصيد من النجاحات التي حققتها المؤسسة الأمنية، برئاسة وزير الداخلية الجديد ناجم الغرسلي، في الحرب على الإرهاب.

وشرع الغرسلي منذ توليه حقيبة “الداخلية” بوضع خطة في مقاومة هذه الظاهرة، تبدو إلى حد الآن نتائجها إيجابية جدا.
كما شرع وزير الداخلية في تنفيذ برنامج لإصلاح المؤسسة الأمنية، التي أنهكتها التجاذبات السياسية خلال الأربع سنوات التي تلت الثورة.

وهذه المسألة من أولويات الوزير، الذي يحظى بثقة ودعم كبيرين من رئيس الحكومة، ما جعله يتحرك بحزم وإصرار في مقاومة الإرهاب ومظاهر التشدد الديني، حسب ما كشفه في لقاء خاص مع “العربية.نت”.

وخلال اللقاء الذي مع “العربية.نت” مساء الجمعة، أكد الغرسلي عزمه على القضاء على الجماعات الإرهابية، موضحاً أن “الحرب على الإرهاب طويلة.. ولا تراجع ولا ليونة في هذه الحرب مهما كان الثمن”.

وفي سياق آخر، وخلال لقائه مع الإعلاميين، شدد الصيد على أنه يسعى لتفعيل المشاريع المعطلة وخاصة الكبرى منها في العاصمة والمدن الأخرى، وخاصة المناطق التي كانت الأقل حظا في التنمية.

كما شدد الصيد على أنه “المسؤول الأول والوحيد على الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي”، مشيرا إلى أن التغييرات الوزارية ليست مرتبطة بموعد ما، حيث إنه هو الذي الصيد، من يقررها في أي لحظة إذا تبين له أن وزيرا ما ارتكب خطأ فادحا أو ثبت عدم كفاءته. وكان الصيد يجيب عن سؤال لـ”العربية.نت” حول إمكانية إحداث تغير وزاري، في تركيبة الحكومة بعد مرور 100 يوم على تشكيلها.

عودة الحراك الاحتجاجي

وتجدر الإشارة إلى أن الفترة الأخيرة عرفت عودة موجة تصاعدية من الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية، التي تزامنت مع مرور 100 يوم على تشكيل حكومة الحبيب الصيد.

وأشلت الإضرابات العمالية إنتاج الفوسفات، ما نجم عنه غلق وحدات الحوض المنجمي في مدينة قفصة غرب العاصمة تونس. كما عرفت الاحتجاجات الاجتماعية تطورا لافتا خاصة في مدينة الفوار التابعة لمحافظة قبلي، جنوب تونس.

تزامنت هذه “الموجة الجديدة” من “التصعيد الاحتجاجي”، مع تصريحات لنقابيين ولزعماء تنظيمات يسارية كـ”الجبهة الشعبية” عن أن البلاد تسير نحو “ثورة ثانية”، وذلك بالنظر الى تواصل تدهور الأوضاع الاجتماعية، خاصة لدى الفئات الفقيرة، وفي المناطق “المحرومة” في الداخل، خاصة الولايات الجنوبية.

وتقر الحكومة بأن الوضع الاجتماعي في البلاد ما زال صعبا، فقد أكد الصيد، أن هناك مشاريع عديدة معطلة، وأن حكومته رصدت الوضع جيدا، وتعد للتحرك بـ”جرأة” أكثر.

كما أشار إلى أنه لا يمكن محاسبة الحكومة بعد الـ100 يوم على تشكيلها، موضحا أن “مثل هذا “التقليد” ينطبق على أوضاع مستقرة وليس أوضاع متحركة ويغلب عليها عدم الاستقرار، سواء في الداخل أو في المحيط الإقليمي”، في إشارة إلى عمق تأثير الأزمة الليبية على تونس أمنياً واقتصاديا.

السبسي والغنوشي يدافعان عن الحكومة

من جهته، وصف الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، التصريحات التي تتحدث عن “ثورة ثانية” بأنها “غير مسؤولة”.

وقال السبسي، في حوار تلفزيوني مع قناة محلية، إن “الوضع الاجتماعي صعب”، مشيرا إلى أن “التخفيف من حدته ليس من مشمولات الحكومة لوحدها”، ليخلص السبسي إلى ما يمكن تسميته بـ”تبرئة ذمة” حكومة الصيد من أي “فشل” في إدارة البلاد. وفي هذا السياق، رفض السبسي الدعوات لإسقاط هذه الحكومة.

وفي ذات السياق، دافع رئيس “حركة النهضة”، راشد الغنوشي، عن حكومة الصيد التي يشارك فيها حزبه. وقال الغنوشي، في تصريح إعلامي: “لا يُمكن وصف الحكومة الحاليّة بالحكومة الفاشلة.. الحكم على الحكومة حاليا غير ممكن وذلك لأنّها لم تُكمل حتى المائة يوم في السلطة”.

ودعا الغنوشي إلى إعطاء الحكومة مزيدا من الوقت لتقييم أدائها، قائلاً: “خلوها تتنفس”.