أبريل 24, 2024 10:48 ص
أخبار عاجلة
الرئيسية / الاسلام دين ومنهج / الإسلام منهج حياة

الإسلام منهج حياة

الإسلام هو الدِّين الذي ارتضاه الله لخَلقِه، فهو رسالة الأنبياء والمُرسَلين، وهو نهج الأولياء والصالِحين، ولكن السؤال: لماذا يكون الإسلام منهجًا لحياتِنا؟ ذلك للأسباب الآتية:

1- الإسلام دين الفِطرة:

وذلك يتَّضح مِن آيات القرآن الكريم: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30]، ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172].

 

ومن كلام النبي – صلى الله عليه وسلم -: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((ما مِن مولود إلا يُولَد على الفِطرة، فأبَواه يُهوِّدانه ويُنصِّرانه ويُمجِّسانه؛ كما تُنتَج البَهيمةُ بهيمةً جَمعاء، هل تُحسُّون فيها مِن جدعاء؟))، ثم يقول أبو هريرة – رضي الله عنه -: “واقرؤوا – إن شِئتُم -: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 30]”[1].

 

فالإسلام هو دِين الفِطرَة، الذيتَستَشعِر النفسُ في تعاليمه السَّعادة، والأمن والأمان، والسَّكينة والطُّمأنينة، والحَياة الطيِّبة.

 

2- الإسلام دِين الله – تبارك وتعالى -:

الإسلام دين الله ونِظامه الذي ارتَضاه لعباده، وأَوحى إلى أنبيائه بتبليغه للناس؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13]، ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]، ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112].

 

فالإسلام هو دين الله – سبحانه وتعالى – الذي ارتضاه الله – سبحانه وتعالى – لهذه البشرية، فالخير في اتِّباع تعاليمه، وتطبيق أحكامه؛ ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].

 

3- الإسلام دين الحضارة والتقدم:

أنقَذت الحضارة الإسلامية العالمَ مِن ظُلمات الجهل والتخلُّف والانهيار الأخلاقي والقِيَميِّ التي سادَت العالم قبل الإسلام بعدة عُقود، وقد استمدَّت الحضارة الإسلامية أصولَها ورَوافِدَها مِن القرآن الكريم والسنَّة المُطهَّرة، ثم بانفِتاحِها على شُعوب الأرض جميعًا، لا تُفرِّق بين لَون أو جنْس أو دِين، وكان فيها مِن الخَصائص المميَّزة ما أهَّلها لأن تحتلَّ مكان الرِّيادة في العالم، وأهمُّ هذه الخَصائص[2]:

أ- العالميَّة:

تتَّسم رسالة الإسلام بسَعة أُفقِها ورسالتها العالميَّة، وقد وضَح ذلك في إعلان القرآن الكريم وحدَة النَّوع الإنساني، رغْم تنوُّع أَعراقِه ومَنابتِه ومَواطِنه، وذلك في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

 

وصِبغَة العالميَّة هي التي تُرسخ وتؤصِّل لقِيَم الحقِّ والخير والعدل والمساواة بين الناس جميعًا، دون النظر إلى ألوانِهم أو أجناسِهم، فلا تؤمن بنظرية التفوُّق العُنصريِّ أو الاستعلاء الجِنسي؛ فكانت رسالته – صلى الله عليه وسلم – رحمةً للعالمين جميعًا، فقال تعالى – مُخاطِبًا رسوله -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال تعالى في مَوضِع آخَر: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ﴾ [سبأ: 28]؛ ولذلك كانت رسالة الحَضارة الإسلامية رسالةً عالميَّةً يَشترِك في تحقيقها كل عِرق ولَون.

 

هذه هي الخاصيَّة الأولى مِن خَصائص الحَضارة الإسلامية، وهي خاصية تَنفرِد بها دون غيرها مِن الحَضارات؛ فأصبحتْ بحقٍّ حَضارةً عالميَّة سامية.

 

ب- الوَحدانيَّة[3]:

مِن أَبرز ما يُميِّز حضارةَ الإسلام أنها قامتْ على أساس الوحدانية المُطلَقة لله ربِّ العالَمين، وكان لهذه الوحدانيَّة تأثيرٌ واضِح انعكَس بصورة جليَّة على حَضارتهم وإسهاماتهم في مَسيرة الإنسانية، ومما ساهم في رفع مُستوى الإنسان وتحريره مِن الطُّغيان، وتوجيه الأنظار إلى الله وحدَه خالِق الكون ومُسيِّره؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فاطر: 3].

 

وهذا ما أعلنه – صلى الله عليه وسلم – في خطبة الوداع: ((يا أيها الناس، ألا إنَّ ربَّكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضْل لعربيٍّ على أعجمي، ولا لعَجمي على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسْودَ، ولا لأسودَ على أحمر إلا بالتقوى))[4].

 

جـ- التوازُن والوسطيَّة[5]:

التوازُن بين مُتطلبات الرُّوح ومُتطلبات المادة، التوازُن بين أفكار الإنسان وخيالاته، التوازُن بين علوم الشرع وعلوم الحياة، التوازُن بين الدُّنيا والآخِرة، التوازن بين المثاليَّة والواقعيَّة، التوازُن بين الحُقوق والواجبات، التوازُن بين النزعة الفردية والمَصلحة الاجتماعيَّة؛ قال تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]، وهكذا اتَّسمتْ حضارة الإسلام بالتوازُن والوسطية.

 

د- الصِّبغَة الأخلاقية:

ففي الحُكمِ، وفي العِلم، وفي التشريع، وفي الحرب، وفي السِّلم، وفي الاقتصاد، وفي الأسرة رُوعِيَت المبادئُ الأخلاقية في الحَضارة الإسلامية تشريعًا وتطبيقًا، وبلغَتْ في ذلك شأوًا ساميًا بعيدًا لم تَبلغْه حضارة في القديم والحديث، ولقد تركت الحَضارةُ الإسلامية في ذلك آثارًا تَستحِق الإعجاب، وتجعلها وحدَها مِن بين الحَضارات التي كفَلتْ سَعادة الإنسانية خالِصةً لا يَشوبُها شَقاء، وهذه الخَصائص التي تَنفرِد بها الحضارة الإسلامية تَكتسِب طابَع الدَّيمومة والاستمرار مِن مبادئ الدِّين الإسلامي الحنيف؛ لأنها نابِعة منها، ولصيقة بها، وهي بذلك بمنزلة الجَوهر النفيس الذي لا يتبدَّل ولا يتغيَّر، وإن تبدَّلت الأحوال وَجَدَّت المُستجدَّات.

 

4- فشل الأنظمة الأُخرى الوضعيَّة[6]:

ومما يَزيد قَناعتَنا بأن الإسلام منهج لحياتنا: فشلُ الأَنظمة والحُلول الأُخرى، سواء الحلُّ الليبراليُّ، أو الحلُّ الاشتِراكي، وذلك في كل المجالات.

فشل في المجال الاقتصادي:

ويَكفى في التدليل على ذلك الاعتماد على الغير في الغذاء والدواء والسلاح والصِّناعة، إضافةً إلى الفقر والمرض والجهْل.

 

فشل في مجال الحريَّة والطُّمأنينة:

ولا يَحتاج ذلك إلى دليل.

 

فشل في المجال العسكريِّ:

وما هزيمة الجيوش في 48، 56، 67، وقيام الكيان الصِّهيَونيِّ إلا دليلاً على هذا الفشل.

 

فشل في المجال الأخلاقي:

حيث انتشار الفساد، وطُغيان الشهوات، وفقدان الحياء.

 

فشل في المجال الرُّوحي:

حيث ضعف الإيمان بالله، وفصل وإبعاد الدين عن حياة الناس.

 

فشل في المجال العربي والإسلامي:

حيث العصبيَّة القبليَّة والأنانية، وفقدان معنى الأُخوَّة الإسلامية، والأحداث التي تَدور في العالم الإسلامي، وعدم تدخُّله ووقوفه بجانب المُستضعَفين مِن المسلمين – شاهدٌ على ذلك.

 

5- المنهج الإسلامي يَحمِل مُقوِّمات الحياة الراشِدة:

فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لخلقِه، والإسلام يَحمل في تعاليمه كل مُقوِّمات الحياة الراشدة الكريمة؛ قال تعالى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3، 4]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [المائدة: 66]، وقال تعالى على لسان نوح – عليه السلام -: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10، 12]، وقال – جل شأنه -: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16]، وقال تعالى: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ [هود: 52]، وهذه الحَقيقة تَغفُل عنها كلُّ المذاهب الوضعيَّة.

 

إنَّ العقيدة الإيمانية في الله، وتقواه، وتطبيق مَبادئ الدِّين – ليست مسألة مُنعزِلةً عن واقع الحياة، وهذا وعد الله، ومَن أصدق مِن الله حديثًا؟

 

6- المنهج الإسلامي فريضَة[7]:

قال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وقال تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]، مَن الذي يَجرُؤ على ادِّعاء أنه يُشرِّع للناس ويَحكم فيهم، خيرًا مما يُشرِّع الله لهم ويَحكُم فيهم؟ وأيَّة حُجَّة يملك أن يَسوقها بين يدَي هذا الادِّعاء العريض؟

 

إن قضية أن المنهج الإسلامي فريضة لا بد أن تكون واضِحةً وحاسِمةً في ضَمير المسلم، وألا يتردَّد في تطبيقها على واقع الناس، وما لم يحسم ضميرُ المسلم في هذه القضية، فلن يَستقيم له ميزان، ولن يتَّضح له منهج، ولن يَخطو خطوة واحدة في الطريق الصَّحيح.

 

7- علماء الغرب يُشيدون بالمنهج الإسلامي:

ومما يزيد قناعتنا أيضًا بالمنهج الإسلامي: كلام علماء الغرب المحايدين، والذين درَسوا الإسلام دراسةً مُتأنِّيَةً، فاستخرَجوا من هذه التعاليم الإسلامية أن الإسلام هو الحل لكلِّ مَشاكِلنا المُعاصِرة، ومن هذه الأقوال والآراء.

 

“جوزيف ستيغليتس” – الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد الأمريكي -:

دافع جوزيف “ستيغليتس” عن النظام المصرفيِّ الإسلامي، مُعتبرًا أن هدا النظام خطوة للأمام لتَفادي أزمات في المُستقبل؛ حيث أكَّد “ستيغليتس” أن البنوك الإسلامية تقوم حقًّا على تَقاسُم المَخاطر بين البنك والدائن، خاصَّةً وأن سياسات القُروض أكثر أمانًا مِن البُنوك الأُخرى، مؤكِّدًا أن الصَّيرَفة الإسلامية خطوة للأمام؛ ولكنها ليستْ كافيةً مِن أجْل تَفادي الأزمة؛ حيث لا بدَّ من أشياء أخرى تُساهِم في تَفادي الأزمة والوقوع فيها مُستقبَلاً.

برتراند راسل:

وهو أحد فلاسفة بريطانيا الكِبار، والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1950، قال: “لقد قرأتُ عن الإسلام ونبيِّ الإسلام، فوجدتُ أنه دِين جاء ليُصبِح دينَ العالَم والإنسانية، فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفَل بها كِتابه ما زِلنا نبحث ونتعلَّق بذرات منها، ونَنال أعلى الجوائز مِن أجلها.

ومما أَختِم به[8]:

إن مدنيَّة الغرب، التي زهت بجَمالها العِلمي حينًا مِن الدهر، وأخضَعت العالَم كلَّه بنتائج هذا العِلم لدُوَله وأُمَمه، تُفلِس الآن وتَندحِر، وتندكُّ أصولها وتَنهدِم نُظُمها وقواعدها؛ فهذه أصولها السياسية تُقوِّضها الدكتاتوريَّات، وأصولها الاقتصادية تَجتاحُها الأزمات، ويشهد ضِدَّها ملايين البائسين مِن العاطِلين والجائعين، وأصولها الاجتماعية تَقضي عليها المبادئ الشاذَّة والثورات المُندلِعة في كل مكان، وقد حار الناس في علاج شأنها وضلُّوا السبيل، مُؤتَمراتهم تَفشل، ومُعاهَداتهم تُخرَق، ومَواثيقهم تُمزَّق، وعُصبة أممهم شبَح لا رُوح فيه ولا نُفوذ له، ويد العظيم فيهم توقِّع مع غيره ميثاق السلام والطُّمأنينة في ناحية، ثم تَلطمه اليد الثانية من ناحية أخرى أقسى اللَّطمات، وهكذا أصبح العالَم – بفضْل هذه السياسات الجائرة الطامِعة – كسفينة في وسط اليمِّ، حارَ ربانها وهبَّت عليها العواصِف مِن كل مكان، الإنسانية كلها مُعذَّبة شقيَّة قَلِقة مُضطَربة، وقد اكتوت بنيران المَطامِع والمادة، فهي في أشدِّ الحاجة إلى عذْب من سؤر الإسلام الحَنيف، يَغسل عنها أوضار الشقاء، ويَأخُذ بها إلى السَّعادة.

 

شاهد أيضاً

تفسير الشعراوي للآية 36 من سورة الأنفال

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ …