منذ مارس (آذار) 2013 والحوار الوطني تدور رحاه بين الفرقاء اليمنيين. تختلف التسميات والشعارات والحوار لا يصل إلى نتيجة حاسمة. طوال تلك الفترة ومجلس التعاون حاضر بشكل أو آخر لدعم الحوار بين القوى اليمنية، سواء بدعم المبادرة الخليجية، أو بمبعوثين خليجيين لتخفيف الاحتقان في الساحة اليمنية، حتى عندما انقلب الحوثي رسميًا بإعلانه الدستوري في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، استمر الخليجيون في دعمهم للحوار على الرغم من تحفظهم على الحوثيين من حيث المبدأ، كل ذلك رغبة في خروج اليمن من أزمته الطاحنة، ثم ساءت الأمور إثر تعاطي الحوثيين مع الحوار ورفضهم مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ودخولهم في مواجهة مسلحة مباشرة مع الشعب اليمني، والتي على أثرها انطلقت عاصفة الحزم، والآن فقط تتذكر إيران أن هناك حوارًا يمنيًا يجب العودة إليه، مصعدة مطالبها بإيقاف الضربات العسكرية ضد الحوثيين، لم تسأل طهران نفسها: أين كانت هي طوال السنوات الماضية من مصلحة اليمن؟ ولماذا لم تهبط عليها فجأة دعوات الحوار إلا بعد الخسائر التي تكبدها وكيلها الحوثي؟

لا أحد يرغب في إطالة أمد الحرب، والجميع يعي أن ذلك ليس في صالح «عاصفة الحزم» أصلاً، فانتهاء الحرب غدًا أفضل ألف مرة من بعد غد، والأسبوع المقبل أفضل من الذي بعده، بيد أن قرار إيقاف الحرب قبل أن تحقق أهدافها والعودة للحوار ما هو إلا خدعة يقصد بها استمرار الحوثيين في سيطرتهم على اليمن، وتهافت طهران على وساطات إقليمية لعودة الحوار لعبة سياسية مفضوحة ومناورة لا تنطلي على التحالف، هدفها إيقاف «العاصفة» ومن ثم عودة الوضع على ما هو عليه، حتى الحوثيون دخلوا أجواء اللعبة بموافقتهم على الحوار بشرط إيقاف «العاصفة»، لكنهم لا يعترفون بشرعية الرئيس ولا بالمبادرة الخليجية التي اتفقت عليها جميع القوى اليمنية، فهم هنا يؤكدون أن التهافت الحوثي الإيراني على الحوار ما هو إلا شماعة لمواصلة الحرب بطريقة الخدعة.

مرتضى سرمدي، المبعوث الخاص للرئيس الإيراني حسن روحاني، تنقل بين أربع عواصم لإقناع هذه الدول بوقف «عاصفة الحزم». وفي تونس، المحطة الرابعة له، قال إن بلاده ترغب في الحوار مع السعودية حول الأزمة في اليمن، مؤكدًا: «نحن مستعدون للحوار»، ليت واحدة من الدول التي زارها المبعوث الإيراني قالت له: السعودية دولة جارة لليمن واهتمامها ودول الخليج مفهوم ومبرر، لكن ما هو موقع إيران لكي تتحاور معها السعودية؟ الحقيقة أن طهران تثبت بالصوت والصورة وبشكل رسمي تدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية مرة تلو أخرى، إلا إذا كانت إيران تعتقد أنها دولة عربية، أو تعتقد أن اليمن وسوريا والعراق ولبنان دول فارسية!

يمكن لإيران إذا أرادت فعلاً المساهمة في إنهاء شبح الحرب التي تسبب بها وكيلها الحوثي، أن تقنعه بالرجوع للشرعية والتراجع عن الانقلاب وتسليم أسلحة الدولة، هذا هو السبيل والطريق الوحيد للحوار، أما ألاعيب طهران فقد شبعت منها دول المنطقة ولم تعد تنطلي عليها.

بقي أن نذكّر بنصائح النظام الإيراني عبر مبعوثه سرمدي الذي زعم أن بلاده «لن تألو جهدًا في اتجاه إخماد نار الحرب في اليمن». ليتها تقوم بنصف هذا الجهد لإيقاف الحرب في سوريا التي تمدها بالسلاح والرجال منذ أربع سنوات.