هبة مدهش gmail.com

لطالما كان الحق جليا واضحا وضوح الشمس لدى البعض، وخفيا متواريا لدى آخرين، المعادلة بسيطة: اعرف الحق تعرف أهله، فالحق لا يعرف بالرجال، بل الرجال من يعرفون بالحق، لذا إياك أن تغتر بسمعة الرجال وشهرتهم فتغمض عينيك وتتبعهم دون تمييز بين حق وباطل، اعرف الحق تعرف أهله واعرف الباطل تعرف أهله، الحق الواضح الجلي تعرفه الروح النقية التي تجعل من القيم الإنسانية السليمة مقياسا حقيقيا ووحدا للحكم على الأمور بتجرد تام، دون الحاجة لاتباع حشود، أو رجال بعينهم لتقنع نفسها أنها على حق.

الحق الواضح الجلي لا يحتاج لتبريرات أو أقنعة لتستسيغه الروح، الحق الواضح الجلي دوما اتباعه قلة فلا تغرنك الكثرة، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، «لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه»، بل إن حتى القرأن الكريم ذم هذه الكثرة العددية في كثير من المواضع إشارة لذلك في قوله تعالى: «وأكثرهم الفاسقون».. «وأكثرهم لا يعقلون».. «وأكثرهم الكافرون».. «وأكثرهم للحق كارهون».. «وأكثرهم كاذبون».. «بل أكثرهم لا يؤمنون».. «ولكن أكثرهم يجهلون».. إلخ، بينما نجد أن القرآن نفسه قد امتدح القلة في مواضع أخرى في قوله تعالى: «وما آمن معه إلا قليل».. «وقليل من عبادي الشكور».. «إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم» إذا فإن الكثرة لم تكن يوما دليلا على الحق.

المعادلة الثانية لملامسة الروح للحق والحقيقة، هي الانفصال الكامل عن كل زيف وباطل، حتى يتسنى لك رؤية الحقيقة بوضوح فلا يمكنك رؤية الحق واضحا حتى تنفصل عما دونه، فلا تختلق التبريرات أو المسوغات لأي باطل على حساب الحق، لتجمع بينهما؛ لأن هذه المبررات ما تلبث إلا أن تنقلب غشاوة تعمي البصر والبصيرة عن رؤية الحق وأهله.

المعادلة الثالثة هي الانسلاخ التام عن الظلم والظالمين، فالظلم هو أكبر متاهة قد تقع فيها الروح فتتوه فيها عن رؤية الحق والحقيقة الساطعة فكما يتوه البعض في عتمة الليل، ينعمي البعض من ضياء النور لا لشيء، إلا لأن روحه اعتادت على الظلمات التي لا تهوى هذا النور، هذا الانسلاخ لا يكون إلا بالتبرؤ التام من الظالمين وأعمالهم حتى لا تكون شريكا في ظلم قد ينقلب يوما إلى ظلمات باطنية تحجب عنك كل حق وحقيقة.

المعادلة الرابعة: إذا كنت ولا بد أن تكون متعصبا فلا أجمل من أن تكون متعصبا للحق لذاته، أن تكون متعصبا للحق لا الرجال فهذا التعصب الوحيد هو المطلوب لنصرة الحق والحقيقة في كل زمان ومكان.