حصلت «عكاظ» على معلومات جديدة في واقعة إيذاء النساء والفتيات في المراكز التجارية في جدة بمادة الأسيد الحارقة، وتبين أن المتهم السوري الذي يقيم مع مجموعة من أبناء جنسيته في حي وسط جدة يعمل فني صنع وتركيب لوحات دعائية في محلٍ قرب المركز التجاري الذي ارتكب فيه جرائمه. وتمسك المتهم الثلاثيني بأقواله أمام رجال النيابة العامة وبإفاداته السابقة حول دوافعه في الجريمة، وعزاها لكراهيته المفرطة للنساء والبنات بشكل خاص، بعدما رفضن الارتباط به في بلده، وفشله في تحقيق رغبته بالزواج من أخريات من الجنسية ذاتها في جدة ما دفعه للانتقام من أية صاحبة عباءة ملونة.

استقالة الحارس

وكان الشاهد الرئيسي في الوقائع قد تعرف على حارق البنات والسيدات، بعدما تم عرضه بواسطة إدارة التحريات والبحث الجنائي في شرطة جدة التي قدمت المتهم وسط طابور عرض، لينجح في التعرف عليه سريعا دون عناء، مؤكدا أنه الشخص نفسه الذي رآه يهرب من مسرح جريمته بعدما حرق فتاة في المول، كما تعرفت سيدتان على الجاني بعدما تم عرضه مع آخرين.

وروى الشاهد الرئيسي في الحادثة نصيف الحربي لـ«عكاظ» تفاصيل مشاهدته للواقعة التي حدثت في مركز تجاري على طريق الملك فهد، وقال إنه يعمل حارس أمن في المركز، ولاحظ شخصا يركض وهو ينظر خلفه وتبدو عليه آثار الإجهاد والتعرق وأنفاسه تتصاعد بشكل مريب وتقدم منه وسأله عن أسباب هروبه، فزعم المتهم أنه فقد حافظة نقوده وإقامته ويخشي من دورية أمنية عابرة أن تلقي القبض عليه.

ويضيف الحربي أنه طلب من الشاب البقاء في مكانه للتثبث من حالته غير أنه هرب سريعا إلى مركز تجاري مجاور، وأنه لم يكن في مقدوره متابعته أو الركض خلفه؛ لأنه كان مكلفا بحراسة الموقع، ولا يمكن له مغادرته لأي سبب كان، وبعد أقل من ساعة حضر رجل أمن وسأل عن الشخص المشتبه به ذاته، وشرح له كل ما شاهده، وقال: «أكدت له قدرتي على التعرف عليه حتى لو تم عرضه وسط 100 شخص».

الحربي الذي تقدم باستقالته من العمل بعد واقعة حرق النساء، قال لـ«عكاظ»: «إنه استجاب لرغبة والده الذي ألح عليه تقديم استقالته خشية عليه من تعرضه للإيذاء»، وأوضح أن إدارة التحريات والبحث الجنائي استدعته للتعرف على المتهم في طابور العرض، وبالفعل تعرف عليه في ثوانٍ قليلة، قائلاً: «لن أنسى ملامحه، فقد رسخت صورته في ذهني، ومستعد لتحديده حتى لو كان وسط المئات».

توقعته معاكساً

في السياق نفسه، تابعت «عكاظ» اعترافات الجاني، وتبين أنه تورط في ست جرائم مماثلة، تقدمت أربع نساء وفتيات ببلاغات رسمية للأجهزة الأمنية، فيما أحجمت اثنتان عن الإبلاغ لأسباب غير معروفة. وأشرف على المتابعة وضبط الجاني مدير شرطة منطقة مكة المكرمة اللواء سعيد القرني، ومدير شرطة جدة العميد عبدالوهاب العسيري، واعتمدت الخطة على مراقبة المراكز التجارية، فيما أعد ضباط التحقيق سيناريو لجرائم حارق السيدات، وتم رصد استخدامه ذات المادة الحارقة في كافة الحوادث التي انحصرت في مربعات معينة. وتبين للأجهزة الأمنية أن المادة التي استخدمت في إيذاء النساء والفتيات تستخدم في محلات الطلاء وفي مجالات الدعاية والإعلان، ولاحظت الأجهزة وجود محلات دعاية وإعلان عدة قرب المركز التجاري الذي شهد الواقعة، ليتم فرض رقابة عليها بهدف الوصول إلى منفذ الجرائم، وبالفعل تم رصد شخص تطابقت أوصافه مع ملامح الجاني وتتبعته الأجهزة الأمنية حتى وصوله إلى منزل شعبي يقطن فيه مع مجموعة من أبناء جنسيته.

سقوط حارق البنات في يد الأجهزة الأمنية دفع إحدى الضحايا للخروج عن صمتها، وكشفت لـ«عكاظ» مزيدا من التفاصيل، وقالت إنها كانت تتسوق في المركز التجاري، وخرجت من البوابة في طريقها إلى سيارة شقيقها في المواقف، ولاحظت شابا يتبعها، وتوقعته أحد المعاكسين، واستعدت لمواجهته وطرده غير أنه باغتها بحركة سريعة وفتح عبوة كانت في يده ثم ألقاها في عباءتها وهرب.. وتضيف: توقعت أنه عبث صادر من شخص غير مسؤول وبعد دقائق شعرت برائحة مادة بترولية واشتعال وبآلام في ظهري فطلبت من شقيقي الحضور بسرعة، ونقلت إلى مركز طبي للكشف الطبي قبل أن أتقدم ببلاغ لشرطة الشمالية حددت فيه أوصاف المعتدي.

من جانبها، أوضحت ضحية أخرى لـ«عكاظ» أن الاعتداء عليها لم يستغرق غير ثوانٍ، وأنها لم تتنبه في بادئ الأمر لوجود شخص يتبعها، إذ كانت منشغلة في الحديث بالهاتف. وأضافت: شعرت بمادة سائلة ولم أعرف طبيعتها إلا بعد إحساسي بآلام مع انبعاث رائحة غريبة.