لغة جسد بسيطة هادئة، وكازيرما شبابية متوازنة ومقنعة، وثقة وتأثير عال على الرأي العام، بنك للمعلومات الرقمية، و«إنسايكلوبيديا» اقتصادية، إجابات سهلة ممتنعة.. هكذا بدا الأمير الشاب محمد بن سلمان، في لقاء الـ50 دقيقة أمس الأول في التلفزيون، الذي أجاب خلاله على أكثر من 15 سؤالاً حول العديد من القضايا المحلية والإقليمية والدولية التي تهم المواطن السعودي، والمراقب العربي الدولي على السواء.

في الحوار التلفزيوني الشفاف الصريح الثاني له خلال عام، ظهر الأمير محمد بن سلمان بكاريزما مميزة، وتحدث بثقة واقتدار، وتفاؤل كبير حول مستقبل السعودية، وحملت إجاباته السهلة الممتنعة تارة، والعميقة تارة أخرى، العديد من البشائر للشعب السعودي، التي نجملها ونلخصها في أن ثروات السعودية للسعوديين، فضلا عن أن المملكة ماضية في سياسة حرق المراحل، وتحقيق الإنجاز على الأرض، وقيادة المشهد السياسي الخليجي، والإقليمي، وعدم ترك القرار السياسي بأيدي اللاعبين الدوليين الكبار بمفردهم. حوار الـ50 دقيقة عكس أيضا معرفة ابن سلمان بالتفاصيل الدقيقة للسياسات، ليس فقط الاقتصادية والجيوستراتيجية، بل للمتغيرات الجيو اجتماعية والثقافية التي تشهدها السعودية، وما تتطلبه المرحلة القادمة من عمليات إصلاحية عبر رؤية «٢٠٣٠» التي يعول عليها الجميع، للارتقاء بالاقتصاد السعودي والانتقال من مرحلة الاعتماد على النفط وتقلباته السعرية، إلى اقتصاد سعودي قوي وثابت ومتنوع وقادر على تحمُّل أي صدمات مستقبلية، ويمكّن السعودية من الانطلاق نحو آفاق، ومواجهة ما يحاك من مؤامرات ضد السعودية سواء من نظام الملالي أو من الميليشيات الانقلابية في اليمن بجبهة داخلية قوية وصامدة وبحزم وقوة ضد الإرهاب الظلامي والطائفي، وبدا ذلك واضحا عندما قال «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، في إشارة معلنة لإيران التي عاثت في الأراضي السورية واللبنانية والعراقية واليمنية بالفساد وأهلكت الحرث والنسل في عدد من الدول العربية.

وتشير لغة الجسد للأمير الشاب، إلى الثقة وقدرته على التعامل مع الأزمات التراكمية، عبر إدارة الأزمات بعقلانية وعملانية بكل حسم وبراغماتية، رغم أنه يحمل مسؤوليات متعددة، بدءا من حقيبة الدفاع والسياسات العسكرية والدفاعية والنفطية، والملفات الخارجية الشائكة، ومجلس الاقتصاد والتنمية، فضلا عن تنفيذ أكبر مشروع تغيير في تاريخ السعودية، وهي رؤية 2030 التي تمثل تغييرا في قواعد اللعبة الاقتصادية والاجتماعية في السعودية، وستكون لها انعكاسات إيجابية على إعادة تموضع السعودية في العالم، في مرحلة ما بعد الاعتماد على النفط، فضلا عن الدفع نحو ترسيخ ثقافة الكفاءة، والمساءلة في الجهاز الإداري للدولة عبر مكافحة الفساد، الذي قال عنه الأمير محمد بن سلمان إن الدولة ستتعامل مع أي شخص متورط على مسافة واحدة، سواء كان وزيرا أو أميرا أو مسؤولا.

محمد بن سلمان قليل الظهور الإعلامي، وهو يعرف جيدا متى يظهر، وأين يظهر، وماذا يقول. ورغم ضخامة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، التي تواجه السعودية، إلا أنه حريص على المضي في تحقيق الاختراق الإيجابي، وهو الذي تحقق خلال عام فقط، لأنه عرف جيدا ما هي تطلعات جيله من الشباب وكيفية استغلال قدراتهم ومهاراتهم لتحقيق برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ لأنه يؤمن بمعيار الجدارة والكفاءة ويرفض المحاباة والمحسوبية.

بصمات ابن سلمان على الاقتصاد السعودي ظهرت، والمطلوب قليل من الصبر وقليل من التضحيات لكي تؤتي رؤية 2030 ثمارها حسب جداولها الزمنية.