أبريل 16, 2024 3:06 م
أخبار عاجلة
الرئيسية / تحقيقات وحوارات / الدكتور أسامة شبكشي: عملت سائق جرار وبائع آيس كريم ايام الدراسة

الدكتور أسامة شبكشي: عملت سائق جرار وبائع آيس كريم ايام الدراسة

الدكتور أسامة شبكشي: عملت سائق جرار وبائع آيس كريم ايام الدراسة

وزير الصحة السعودي يحب اغاني عبدالحليم حافظ ومحمد عبده ويشجع فريق الاتحاد

وقت كان عمر الدكتور أسامة شبكشي، وزير الصحة السعودي، 16 عاماً، تركه والداه في جده، حينما اضطرتهما ظروف قاسية إلى الإقامة في مصر، فاهتزت أحواله واضطرب تحصيله الدراسي.. وقبل أن يسافر إلى ألمانيا، اقسم يميناً الاّ يعود من هناك إلا بشهادة معتبرة، أو تكون رجعته جثة يعاد شحنها داخل صندوق خشبي إلى حيث وضعته أمه.والآن يقطع الوزير بأن الخدمات الصحية في بلاده ستشهد قفزات نوعية بعد موافقة منتظرة على نظامين سيغيران من الأوضاع الحالية، نتيجة تراكم النواقص على مدى عشرين سنة مضت.

عبد الرحمن المنصور التقى به في الرياض، ودار بينهما حديث عن كفاحه الشاق في ماضيه، وما يأخذه عليه منتقدوه في منصبه الحالي.

في ألمانيا أمضى أسامة شبكشي قرابة 13 سنة، فأخذ يقتات من الفتات المتساقط ليطعم نفسه، وفي سبيل الوفاء بقسمه، واصل الليل بالنهار من خلال أعمال عديدة إلى جانب دراسته، كان مرتب إحداها سبعة ماركات ونصف مارك، كد وكدح إلى أن عاد رافع الرأس، مفتخراً بما ناله وحصل عليه، وهذا من حقه. وفي الرياض ينهج في ديوان الوزارة أسلوباً متشدداً، ونظاماً صارماً، ليس مع العاملين معه فحسب، بل حتى مع مراجعيه وزواره، مما يجعل بعضهم يتضجر منه، وهو لا يبالي، يصفونه بالديكتاتورية والتسلط، فيقدم ما ينفي صحتهما، يقولون بأنه متكبر ومتعال، فيتعجب لقولهم، يختلفون عليه في هذه السمات والطباع، وعلى نفس وتيرة خصومه يختلف هو مع الصحافة، لأنها ظلمت وزارته بما يكفي، ويخشى أن يفقد الناس ثقتهم في خدمات «الصحة» بسببها. شخصيته توحي بوقار حاد، صامت بصورة غير مألوفة، ونفسه تخفي داخلها ما تخفي، وما أن يغضب، أو يتعكر مزاجه إلا ويتغير كل شيء، حتى المقربون إليه في مكتبه يشقون على أنفسهم في تقمص شخصيته ومحاولة محاكاة أسلوبه القيادي وتصرفاته الجادة، إلا انهم يفشلون دائماً، فالتميز «وفق رؤى ادارية» فن لا يسهل اكتسابه بالتقليد العشوائي، والتطبيق الانفعالي.

وقبل هذا وبعده يتمنى الشبكشي قبل أن يغادر الوزارة ويجلس على كرسيه آخر غيره، أن يدرك افتتاح مدينة الملك فهد الطبية في الرياض، ومستشفى الملك فهد التخصصي في المنطقة الشرقية.

سألته عن شهادات التقدير والأوسمة التي منحت له، فأجاب: إن العبد الفقير (يرددها باستمرار) لا يرجو إلا عفو خالقه.

* براءة الطفولة وشقاوة المراهقة، ماذا تبقى منهما في ذاكرتك؟ – لم تلدني أمي وفي فمي ملعقة من ذهب، أو حتى من حديد، عشت في كنف عائلة متوسطة الدخل إلا أنها كريمة النفس، نظيفة اليد والجيب، واجهت قسوة الحياة ومرارتها صغيراً وعمري 16 سنة، أُقصي والدي عن عمله لاسباب لا علاقة له بها مطلقاً، فاهتزت العائلة حينما اضطر أبي وأمي لمغادرة البلاد والإقامة في مصر، وبقيت في جدة وحيداً اذهب في نهاية كل شهر ولمدة ثلاثة أيام إلى وزارة المالية لتسلم مرتب والدي التقاعدي (1270ريالاً) ومن ثم ابعث به إليه. هذه الظروف أثرت سلباً في تحصيلي الدراسي.

أقسمت أن أعود متفوقاً أو داخل تابوت

* في مقابل هذه الظروف الصعبة، كيف أكملت دراستك وهيأت لنفسك الابتعاث إلى ألمانيا؟ ـ نتيجتي في الثانوية العامة كانت ضعيفة لم تؤهلني للابتعاث وأنا الذي كنت أسعى إليه، اجتهدت في ذلك بكل الطرق ولم أوفق، ولاجل هذه الغاية قدِم والدي ـ رحمه الله ـ من مقر إقامته في مصر فجئنا الرياض في صندوق شاحنة (لوري) تابعة للبريد في صيف ملتهب، كان والدي واثقاً من مساعدة أحد أصدقائه وهو وزير سابق، وصلنا الرياض ونحن في حالة بائسة من العطش والجوع والغبار يغطي وجوهنا، وما أن صرنا على باب منزل من كان والدي يعتقد بأنه صديق له ليقوم بواجب الضيافة ومن ثم نعرض عليه حاجتنا حتى بادرنا حارس مسكنه بالسؤال وقبل أن يعود إلينا مرة أخرى كنا نسمع «صديق الوالد» ينهر مخدومه ويأمره بعدم تمكيننا من دخول المنزل بحجة عدم وجوده، اصطكت الدنيا في وجوهنا وانقلبت أحلامي الوردية إلى معرفة حقيقية بواقع الحياة التعيس، عانيت وندمت حينما خاب ظن والدي في من كان يقول بأنه صديقه، حاولنا تدبير المبلغ من كثيرين إلا أننا لم نقدر ولم يعطنا أحد.

* وكيف خرجتما من هذا المأزق الذي كان سيحول بينك وبين طموحاتك؟ ـ لم يهن على والدي أن يخيب ظن ولده فيه كما خاب في صديقه، كانت في يده ساعة من ذهب هي آخر ما يملك، باعها بثلاثة آلاف ريال، وأعطاني المبلغ وقال «دبر حالك»، وقتها أقسمت أن أسافر إلى ألمانيا واعود بالشهادة وان لم أحقق هذا الهدف تكون رجعتي جثة داخل صندوق خشبي يعاد شحنها لموطنها.

* بثلاثة آلاف ريال، كيف كانت أحوالك المعيشية والدراسية في ألمانيا؟

ـ أعدت دراسة الثانوية العامة بقصد الحصول على مجموع يجيز لي دخول كلية الطب، سكنت في مكان صغير جداً مع زميل من تركيا، ومن شدة البرودة كنا نتبادل الجلوس حول المدفأة لصغر حجمها وضيق المساحة، لا يوجد لدينا ماء ولا محارم؟ كنا نستخدم الجرائد في النظافة، الوجبة الرئيسية عبارة عن رغيف خبز في داخله زبدة وسكر، وفي مطعم الجامعة كنا نستطعم طبق الشوربة، يوماً لي وآخر عليّ بالتناوب مع زميلي التركي.

سائق التراكتور وبائع الآيسكريم

* أول وظيفة عملت بها، وكم كان مقدار أول مرتب تسلمته، وفي ما صرفته؟ ـ أول عمل زاولته سائق تراكتور في مزرعة في ألمانيا، وبمرتب سبعة ماركات ونصف مارك، اصرفها في شراء ما اقتات به، ثم عملت في مصنع بسكويت، نقوم بمناولة وتحميل علب حديدية حادة، ويعطينا المصنع ما يعادل ريالا سعوديا واحدا (0.267 دولار) عن كل علبة، وكان العمال الألمان معي، (وهم غير مسلمين) يتعمدون إسقاط العلب في الأرض مما يحرمهم من اخذ أجور عليها حتى يأخذها الطالب الفقير ويأكلها.

قمت ببيع الآيسكريم في الصيف، وكان الأطفال الألمان يأتون لي، ليس بقصد الشراء، إنما لأن لون بشرتي يثير استغرابهم مما يدفعهم إلى فحص وجهي بأصابعهم.

وتزامناً مع دراستي في الجامعة وحتى احصل على دخل يسد الرمق ويخفف من وطأة المتطلبات المالية عملت في مصنع غواصات حيث أصوات المعدات والمكائن مرتفعة جداً تلحق الأذى بالعامل إن لم يتخذ من أسباب السلامة ما يقيه آثارها، ولأني غير قادر على شراء جهاز حماية الأذنين، فإن أذني اليسرى فقدت حاسة السمع نهائياً، وفي هذا المصنع كان الألمان يتناولون سندوشات لحم خنزير، وكانوا بين يوم وآخر يأتون بسندوشات جبنة أو سمك ويدّعون بأنهم أحضروها بالخطأ بينما ذلك يأتي عن قصد منهم، لأنني كنت امتنع عن أكل لحم الخنزير ومشتقاته، كانوا يفعلون ذلك من باب العطف عليّ وعدم جرح مشاعري.

* منتهى طموحك، هل وصل بك إلى أن ترى نفسك وزيراً؟ ـ ذلك لم يكن في الحسبان إطلاقا.

* من نقل إليك ترشيحك للوزارة، وكيف تلقيت الخبر؟ ـ نقل لي خبر الترشيح الشيخ إبراهيم العنقري المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، حينها أصابني رعب شديد، فلم اكن أتوقع المنصب أصلا فإذا بي وزيراً لإحدى الوزارات الصعبة جداً، داخلني شعور بأنه يجب أن أكون في مستوى ثقة ولاة الأمر في العبد الفقير إلى الله، وألا اخذلهم أبدا، أخاف الله في ما أؤتمنت عليه، فإن لم أراه فإنه يراني.

* نوع وموديل وقيمة أول سيارة امتلكتها؟ ـ سيارة مازدا 929 وكانت قيمتها آنذاك 15 ألف ريال، إلا انه لم يكن في مقدوري أن ادفع إلا 900 ريال، وتم تقسيط المتبقي على أربع سنوات.

* إجازة خاصة، أين تقضيها؟ ـ تشد الرحال إلى ثلاث… الحرمين الشريفين، وبيت المقدس، فمن هذا المنظور فان اكثر ما يستهويني هو زيارة المدينتين المقدستين، مكة المكرمة والمدينة المنورة، وارجو من الله أن يمكننا في القريب العاجل من زيارة بيت المقدس بعد تحريره.

* أعمال منزلية تحرص أو تجامل أن تقوم بها بنفسك؟ ـ احرص ولا أجامل في تقديم الطعام مباشرة لضيوفي.

* عادة سلبية تتمنى أن تتخلص منها؟

ـ صفة وليست عادة، تتمثل في كثرة وسرعة الدموع، وفي كثيراً من الأحيان يكون ذلك محرجاً لي.

* آخر مرة تسوقت فيها مع زوجتك؟ ـ اشعر بسعادة غامرة حينما اذهب مع زوجتي لقضاء بعض الحوائج المنزلية، ولعل ذلك من شعوري بالذنب في التقصير حيث أن جُلّ وقتي مسخر لوزارة الصحة، وكانت آخر مرة عندما ذهبت معها لشراء ستائر للمنزل قبل بضعة أسابيع.

* موقف مؤلم تؤرقك ذكراه؟ ـ يوم وفاة والدي وولدي وابنة شقيقتـي، رحمهم الله جميعاً.

* هل تعمل بنظام الميزانية الشهرية على إيراداتك ومصروفاتك؟ ـ وما هي تلك الإيرادات يا ترى، الراتب الذي احصل عليه في نهاية كل شهر يتقاسمه المستحقون، ويذهب من حيث أتى.

* وأين تستثمر أموالك الخاصة؟ ـ في عائلتي حفظهم الله.

* موقف احدث في نفسك تداعيات إنسانية، تفاعلت بها ومعها؟ ـ حينما احضر أحد المقيمين فلذة كبده والذي يبلغ من العمر ثماني سنوات حاملاً إياه، ملتاعا زائغ الأبصار، خائفاً على ابنه الذي كان ينزف دما من فمه.

* «فيتو» عالمي تضايقت منه كثيراً؟ ـ «الفيتو» الذي يمارس ضد مصالح العرب الفلسطينيين، الذين يقتلون أطفالا ونساءً ورجالاً من دون أي سبب اللهم إلا انهم يبحثون عن حقوقهم المسلوبة.

* بصراحة، أين يتعالج وزير الصحة وعائلته؟ ـ صدقني في مستشفيات وزارة الصحة، مجمع الرياض الطبي في الرياض، ومستشفى الملك عبد العزيز ومستشفى الملك فهد في جدة، وفي جزئيات طبية معينة قد أتوجه إلى زميل متخصص في مواقع أخرى داخل البلاد.

* تفاصيل برنامجك اليومي؟ ـ بعد صلاة الفجر اقرأ ما تيسر من القرآن، ثم اذهب إلى المكتب لإنهاء العمل المناط بي، وفي نهاية اليوم أعود إلى المنزل للراحة حتى صبيحة اليوم التالي، وهكذا…

* مخالفة مرورية سجلت بحقك؟ ـ أثناء دراستي التخصصية في ألمانيا كان ابني عبد المجيد رحمه الله في حالة تتطلب الإسراع به إلى المستشفى، وحينما أوقفني رجل المرور وعرف السبب فبدلاً من أن يعطيني المخالفة سار أمامي بدراجته ليبعد عن طريقي السيارات الأخرى حتى اصل إلى المستشفى في أسرع وقت ممكن.

* بعد الوزارة ماذا ستعمل؟ ـ سوف أعود أدراجي لأعمل في مجال تخصصي كطبيب في الأمراض الباطنة.

يصلي في جوف الليل ويطربه عبد الحليم

* فريق رياضي تشجعه، وتميل إليه في المنافسات الكروية؟ ـ فريق الاتحاد من جدة.

* نجم رياضي شدك بإنجازه؟ ـ على مستوى العالم العربي هادي صوعان في سباقات الجري، وحسين السبع في الوثب الطويل، والفارس خالد العيد، وعلى مستوى الرياضة الشعبية الأولى صالح النعيمة، وماجد عبد الله، والحسن اليامي من فريقي الاتحاد الذي أشجعه، وعالميا فرانز بيكنباور في كرة القدم، ومايكل شوماخر في سباق السيارات.

* نصيحة قبلتها ونفذتها، وممن؟ ـ الصلاة في جوف الليل، والدي رحمه الله كان يوصيني بذلك.

* فنان يطربك وتسمع له باستمرار؟ ـ عربياً عبد الحليم حافظ، وداخل نطاق دول الخليج محمد عبده، وراشد الماجد، ونبيل شعيل.

* هواية تمارسها باستمرار؟ ـ القراءة، أنني مولع بقراءة كل ما يقع بين يدي، وخصوصاً في التاريخ وعن الشخصيات الإسلامية.

* فاتورة خدمات ترهق ميزانيتك؟ ـ أسعار الدواء، هذا مع محاولات الوزارة المضنية في سعيها للتوفيق بين متطلبات المواطنين من الأدوية والميزانية المعتمدة لهذا البند.

* أنت حاد وعصبي بالفطرة أم بالمنصب؟ ـ سامحكم الله عن هذا الاتهام المبطن، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يولد إنسان عصبي بالفطرة؟

* مريض يريد عرض حالته عليك، كيف يصل إليك في عيادتك الأسبوعية في مجمع الرياض الطبي؟ ـ يذهب إلى العيادات الخارجية في المجمع، ويطلب موعداً في عيادة العبد الفقير إلى ربه…

* من يريد أن يشتكي، كيف يصل إليك بسهولة وبدون تعقيدات؟

ـ ستة أيام في الأسبوع أقابل فيها المواطنين والراغبين في إيصال شكاويهم إليّ إما عن طريق مقابلة الجمهور يومي الأحد والثلاثاء بعد صلاة الظهر، أو بمواعيد مسبقة، حتى في يوم الخميس التقي من يأخذ موعداً بدون أي تعقيدات…

* هل صحيح أنك تنفر ممن يناقشك في قراراتك وتخاطب مراجعيك بتعال وتكبر؟

ـ بالعكس اشعر بالرضى والامتنان، فهو يدلني ويرشدني لأمور قد تكون غير واضحة لي، إنه يناقش من منطلق النصح ولإنه يرى تلك القرارات من وجهة نظر مختلفة، أما عن إلحاق صفتّي التكبر والتعال بشخصي، فلا يسعني إلا أن أتذكر قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: عجبت لبني آدم أوله نطفة وآخره جيفة، فعلاما التكبر؟

الصحة تتطلب «الحزم» من وزيرها

* يتحدثون بأنك شديد جداً، وصارم للغاية في التعامل مع موظفي الوزارة، هل هذا الأسلوب أمر مصطنع يحقق من وجهة نظرك أهدافاً تبتغيها، أم انه جزء من تركيبتك؟ ـ حسب علمي وانطباعي أننا في الوزارة نعمل كعائلة واحدة يشد بعضها البعض، نؤمن بالتواصل والتكاتف والتعاضد وكأننا بنيان مرصوص، قد أكون حازماً إلى حد ما مع نفسي قبل أن أكون مع الآخرين، حيث أن طبيعة العمل تحتاج إلى الحزم لا سيما إننا نتحدث عن صحة وحياة المواطن والمقيم، وعلينا في أوقات كثيرة أن نتسابق مع الزمن للتغلب على هذا المرض أو ذاك قبل أن يتفاقم.

* بماذا تفسر ما يشاع في الوزارة بأنك ديكتاتور إداري ومتسلط؟ ـ اكرر القول بأنني مؤتمن من ولاة الأمر على صحة المواطنين والمقيمين على أراضى البلاد، فمن المعنى المطلق للثقة فانني أُلاحق كل صغيرة وكبيرة مع المسؤولين في الوزارة، واسجل ملاحظات يومية على وريقات انقلها معي أينما ذهبت، أتابعها بنفسي بدقة مع المسؤولين أو المكلفين بالموضوع، فهم يرونني في هذه الناحية متسلطاً لأنهم يريدون أن يناموا على معاملات وقضايا تتعلق بأغلى ما يملكه الإنسان. أما عن الديكتاتورية الإدارية فإن ما ينفي صحتها هو أنني أقوم بتحديث صلاحيات المسؤولين في الوزارة مع بداية كل سنة مالية وابعث لكل مسؤول بالصلاحيات المعطاة له بصورة منتظمة، اسألهم واحداً تلو الآخر، وتأكد من حقيقة هذا الأمر بنفسك.

* قرارات خاطئة اتخذتها داخل الوزارة؟ ـ اتخذت قرارات بناء على ثقتي في أشخاص، وتبين لي في ما بعد انهم لا يستحقون هذه الثقة.

* القرارات المنزلية والعائلية، من يفرضها، أنت أم زوجتك؟ ـ هي قرارات مشتركة عن قناعة ثنائية واحترام متبادل.

* يذكرون بأنك تعطي المظاهر والشكليات اكثر مما ينبغي؟ ـ الله سبحانه وتعالى ينظر إلى قلوبنا، لا إلى إشكالنا..

* هل تقوم بدور الطبيب لنفسك وأفراد عائلتك؟ ـ أقوم بذلك لمن يثق في مقدرتي.

* إدارات العلاقات العامة في الوزارات تلمّع مسؤوليها، وتغيب الحقائق، ما مدى صحة هذا القول السائد في وزارتك؟ ـ أولا هي وزارة الصحة، وهي إحدى وزارات الدولة، وما أنا إلا موظف في هذه الوزارة، أما دور العلاقات العامة فهو إظهار الحقائق أياً كانت بشفافية مطلقة حتى يمكن لأي وزارة أن تكسب المصداقية. وحتى وان ثابرت هذه الإدارات في تلميع وتحسين صورة هذا المسؤول أو ذاك فيوماً ما ستظهر الحقيقة، ومن غشنا ليس منا.

* مدى اختراق الواسطة السلبية لوزارة الصحة؟ ـ نحاول في الوزارة أن نضع الأسس والمعايير، آملين أن يتم ترسيخها حتى لا يكون للواسطة السلبية سبيلاً في اتخاذ قرارات قد تكون غير منصفة في حق البعض.

* مرض محلي يشغلك؟ ـ القضاء على بؤر الأمراض المستوطنة مثل الملاريا.

* الحج، هل هو هاجس يومي لكم؟ ـ الحج لم يكن يوماً هاجسا، بل شرف خص الله به أبناء هذا الوطن، حيث كانت السقاية والوفادة لقريش في الأزمنة السابقة، وأصبحت الآن متمثلة في استقبال ضيوف الرحمن وخدمتهم إن كانوا معتمرين أو حاجين من الأمور التي توليها الحكومة السعودية اهتماماتها القصوى.

* الإقبال على التداوي بالورق المكتوب بماء الزعفران (العزائم)، والنفث الجماعي وقراءات الماء والزيوت والدهانات، بماذا تعلق عليها كطبيب متخصص؟ ـ الأمر هنا لا يتجاوز إيحاءات نفسية، فاذا كان المريض يؤمن بأن التداوي بها قد يؤدي إلى الاستفادة فإنه سيشعر بنوع ما بجزء من تلك الاستفادة، ومن درس ما يعرف باسم الطب التقليدي يعتقد أن الأعراض قد تتضاءل، ولكن أسباب المرض لا تنتهي، وعلينا أن نركز كأطباء على أسباب الداء ومعالجتها لا أن نعالج الأعراض فقط.

نقابة الأطباء

* طبيب ترشحه نقيباً للأطباء؟ ـ … وهل توجد نقابة للأطباء ؟

* من هو شيخ الأطباء السعوديين؟ ـ يدور في خاطري اثنان: الدكتور حامد الهرساني، وهو من أوائل الأطباء السعوديين الذين تبوأوا مركزاً قيادياً كوزير للصحة، والدكتور عمر أسعد رحمه الله لقد كان جراحاً ماهراً في مجال تخصصه.

* نظرتك نحو القتل الرحيم.. ـ وظيفة الطبيب أن يحمي حياة مريضه لا أن ينهيها، لقد اقسم الطبيب بأن يؤدي الأمانة، وان يحافظ على صحة وحياة المرضى، القتل الرحيم هو في حد ذاته قتل، والله سبحانه وتعالى هو الذي بيده إنهاء حياة الإنسان ولا يجوز للمرء أن يبسط يداه لقتل أخيه الإنسان مهما كانت الأسباب، ومهما كان هنالك من مبررات.

* هل أنت مع مصارحة المرضى الميئوس من شفائهم بأمراضهم؟ ـ نعم، شريطة أن يتحلى المرء باللباقة والكياسة وطريقة نقل المعلومة.

* الطب البديل والعلاج بالطاقة، هل تنصح باستخدامهما، والتوسع في نشرهما؟ ـ من الصعب عليّ أن أتحدث عنهما، لأنهما علمان لا افقه فيهما إلا القليل، وهناك دراسات تُجرى حالياً في شعبة الطب البديل في إدارة الطب العلاجي لمعرفة أبعاد ذلك ومدى إمكانية الاستفادة منه، بشرط أن نبعد عنه شوائب الشعوذة والصبغات التجارية التي قد تحيط بهما.

* هواتف المستشفيات العامة فقدت حرارتها؟ ـ لم تفقد حرارتها، ولكن كثرة الضغط عليها أدى إلى عدم الاستجابة في بعض الأحيان، وإن كنا قد بدأنا في وضع سنترالات تنقل المكالمة تلقائياً إلى الأرقام الهاتفية الشاغرة تلافياً لتأخير الرد على المكالمات.

* صنفونا من دول العالم الثالث، لماذا؟ ـ هذا التصنيف قديم حينما كانت هناك قوتان عظميان، ثم الدول التي عرفت آنذاك بالعالم الثاني، ثم دول العالم الثالث أو الدول النامية، لا أؤمن بمبدأ التصنيف المفروض علينا من غيرنا حيث إننا أمة وسط كرمها الله بنزول القرآن وبلغة الضاد، فأي وصف لا يشغلنا، إلا أن ذلك لا يعني أن نتكاسل ونتخاذل ونتواكل.

* توجهات القطاع الطبي الخاص مادية خالصة، ألا يمكن أن تطبق الوزارة خطة تجمع بين الريادة والربحية المعقولة؟ ـ حالياً تتم مناقشات على مستويات مختلفة، لمعرفة مدى إمكانية السماح للاستشاريين من الأطباء السعوديين العاملين في المستشفيات العامة بالعمل داخل مقراتهم الصحية الحكومية في أوقات فراغهم، والوزارة تنتظر ما سوف تتمخض عنه هذه المناقشات، وما سيقره مجلس الوزراء في هذا الاتجاه.

* أهم المعايير التي تحدد أخلاقيات الأطباء والفرق المساعدة تجاه المرضى في غرف العمليات؟ ـ يوجد برنامج مكثف في وزارة الصحة يتعلق بأخلاقيات المهنة والطبيب معاً للالتزام بتعاليم ديننا الحنيف، وهنالك مواد تُدرس في أخلاقيات الطب، إضافة إلى أسس من المؤمل التقيد بها، ولقد بدأت الوزارة خطوة أخرى في هذا الجانب تتمثل في إعادة تصميم الزي الذي يلبسه المريض أو المريضة حين ذهاب أي منهما إلى غرفة العمليات لستر العورة وحمايتها.

* العاملون في الصيدليات الخاصة.. اصبحوا أطباء؟ ـ نحن كمواطنين السبب الحقيقي في ذلك، كم منا من يقوم بشراء زجاجة عطر بسعر خيالي عن رضى تام، وفي مقابل ذلك تجدنا في معظم الأحيان نسترخص صحتنا، فعند أي حالة مرضية نذهب للصيدلية مباشرة واصفين للصيدلي ما نشعر به طالبين منه أن يعطينا الدواء المناسب، وحينما نسأل بعضنا البعض عن أسباب ذلك نجد مبررات مختلفة، هذا التصرف في حقيقة الأمر استهانة بالحالة المرضية والصحة العامة، من جهة أخرى فان صاحب الصيدلية يفرض على مكفوله أن يبيع اكبر قدر ممكن من الأدوية وإلا قام بإلغاء عقده، فلماذا نلوم الصيدلي؟ علينا أن نخاطب أنفسنا وان نلتزم نحن بما يتحتم على الصيدلي الالتزام به.

* مقيم اخذ يزاول مهنة الطب لمدة عشر سنوات، ثم يكتشف بالمصادفة أن شهادته وخبراته مزورة، ألا ترون أن الجهة الرقابية في وزارة الصحة غافلة؟ ـ كنت آمل أن يطرح السؤال بطريقة مختلفة ألا وهي: كيف أمكن لهذا المقيم أن يمارس الطب عشر سنوات؟ على أية حال بدأنا منذ حوالي خمس سنوات في تنشيط دور الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بهدف تقييم شهادات جميع الأطباء العاملين في السعودية حتى نتعرف على الذين يحملون شهادات مزورة، أو الأطباء الذين أنهيت خدماتهم لاسباب طبية أو أخلاقية بحيث يمنعون من العمل في كافة المواقع والمنشآت الطبية داخل البلاد.

* الإعلانات التجارية للأودية والمستحضرات غير المرخصة متى ستتوقف؟ ـ خاطبت وزارة الصحة عدة مرات وزارة الإعلام بمفردها، ومع وزارة التجارة أملاً في إيقاف الإعلان عن أي دواء أو مستحضر إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الصحة حماية لمن يستخدمها، وعندما لم تتمكن الوزارة من تحقيق مطلبها اضطرت إلى الإعلان في الصحف إلى أنها غير مسؤولة عن الإعلانات التي لا تحمل توقيع وموافقة وزارة الصحة عليها.

* الأثرياء وكبار المسؤولين يعالجون حتى في الحالات البسيطة خارج السعودية، يُفهم من هذا التوجه عدم الثقة بالخدمات الطبية والاطمئنان إلى كوادرها؟ ـ هذا غير صحيح… قد تستغرب أنني اعرف كثيرين منهم يعالجون في مستشفيات وزارة الصحة، بل أؤكد لكم ان الذين يشرفون على علاجهم هم من الكفاءات الطبية السعودية، وهناك الكثير من المتعاقدين العاملين في الوطن من الدول المتطورة أقصد بذلك أميركا وكندا وأوروبا، يصرون على العلاج داخل البلاد.

نفتقد أرقاماً ثابتة عن الإيدز

* يسألونك عن العدد الحقيقي للحاملين والمصابين بفيروس «الايدز» في السعودية من الجنسين؟ ـ لا توجد لدينا أرقام ثابتة، وهناك تنسيق مع الخدمات الصحية في جميع المستشفيات في البلاد، ومع أمراء المناطق والمحافظات لمعرفة أعداد حاملي الفيروس والمصابين به، ومن ثم سنقوم برفعها للجهات المختصة في الدولة، واشعار منظمة الصحة العالمية بها، وهي بصورة عامة أعداد ليست مخيفة.

* مشروع تتمنى أن تدركه قبل أن تغادر الوزارة؟ ـ تشغيل مدينة الملك فهد الطبية في الرياض، والافتتاح الرسمي لمستشفى الملك فهد التخصصي في المنطقة الشرقية، والأخير سيكون بمشيئة الله في غضون 15 شهرا من الآن.

* أطباء يدخنون السجائر في مكاتبهم، كيف نستوعب هذا الاستهتار والتناقض معاً؟ ـ الوزارة تشدد على ضرورة عدم التدخين في المكاتب، وفي المستشفيات والعيادات، التدخين آفة من المفروض أن تتضافر جهودنا للقضاء عليها، المدخن يحرق ماله ويحرق جسده، إلا أنه علينا ألا ننسى أن الأطباء بشر، والإنسان في حد ذاته ضعيف وبالذات حينما يتعلق الأمر بما يعتقد البعض انه مستحب إليه.

* موقف من أيام الدراسة في ألمانيا ما زلت تتذكره؟ ـ ذهبنا ونحن أربعة طلاب، لامتحان مادة الفيزياء، كنا نتوقع أننا سندخل إلى قاعة محاضرات فيها المئات من الطلاب، فإذا بي أجد نفسي وحيداً في مواجهة ممتحن المادة، انسحب زملائي الآخرون من خلفي بعد أن عرفوه، وتبين لي في ما بعد أن الذي امتحنني هو الدكتور اوتوهان الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء، وكان من اصعب الممتحنين، إلا أن الله قيض لي أن أتوصل إلى الإجابات الصحيحة وحصلت على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف في ذلك الامتحان.

رؤية صحافية

* تقول ان الصحافة تجنت على وزارة الصحة كثيراً، هل من حقائق في هذا الجانب، وما سبب توتر العلاقة بينك وبين العديد من الإعلاميين؟ ـ يوجد فارق كبير بين الحقيقة التي تعيشها وزارة الصحة وبين ما ينشر في الصحف، قيل لي ان ما يكتب فيها بهدف الإثارة وترغيب الناس في شراء الجرائد المحلية، وقيل لي أنه بقصد لفت النظر. الصحف السعودية لم تنصف وزارة الصحة في عرضها المشكك، وأسلوبها الناقد بشدة وهذه الطريقة ستجعل المواطنين يفقدون الثقة نهائياً في خدمات الوزارة، وهذا ما أخشاه.

* وبخت طبيبة سعودية بقولك «أنتِ مكانك في المطبخ»، وبأسلوب مختلف عاقبت ممرضة في موقع عملها أمام مرأى العشرات من الرجال والنساء؟ ـ ما ذكرته عن الطبيبة غير صحيح، ولكن يجوز أنني قمت بلفت نظرها لشيء معين بالنسبة لعملها كطبيبة، أو ناقشتها في حالة مريض، أما الممرضة فقد زينت وجهها بكثير من المساحيق والمكياج، وعطر فواح، وهذا لا يجوز، قلت لها: خافي ربك في الناس، وفي نفسك، لأن هذه فتنة، والمفروض أن تبتعدي عن هذه الأمور، وقلت لها أيضاً: هذه الزينة المثيرة في بيتك ومع اهلك فقط.

* قرار تطويري صحي منتظر تخص به هذا الحوار؟ ـ نتوقع أن تصلنا موافقة المقام السامي على اللائحة المالية والتنفيذية للضمان الصحي التعاوني، وكذلك موافقة مجلس الوزراء على النظام الصحي الذي رفع في بداية عام 1997 إلى مجلس الشورى. وإذا بدأنا في التطبيق الفعلي لهذين النظامين سيكون هناك تطور كبير جداً في كثير من النواقص التي تكونت في عشرين سنة مضت.

ومن منطلق أن الوزارة يجب أن تبلور لب أفكارها وتضعه في إطار برنامج، فقد قمنا بإعداد خطة مستقبلية صحية لما ستكون عليه الأوضاع والخدمات الصحية في الخمس والعشرين سنة المقبلة، هي بإيجاز استراتيجية صحية لربع قرن رفعناها إلى المقام السامي، آملين الموافقة على المبدأ حتى نناقشها مع وزير التخطيط. هذا المشروع الكبير المنتظر يجعلني أقول من دون تردد: لقد عفا الله عن زمن الارتجالية.

* شريكة حياتك «أم عبد المجيد»، ماذا تقول عنها؟ ـ حبانـي الله سبحانه وتعالى بقريبة لي، اخترتها لتكون شريكة حياتي وأم أولادي، وتوأم روحي، أسأل الله أن يجزيها عني خير الجزاء، وان ينعم عليها بالصحة والسعادة.

* ولد «عبد المجيد» فسعدت، مات فشقيت.. أسعد، وأسوأ يومين في حياتك؟ ـ يوم ولادة ابني عبد المجيد، ويوم وفاته، هما أسعد وأسوأ أيام حياتي. صمت الأب، ثم تناول إطارا في مقابل عينيه يحوي صورة مكبرة لفقيده الوحيد والعبرات تأبى إلا أن يتقطع حديثه، قال بصعوبة «قد استرد الله وديعته»، كان شاباً متديناً واثناء عودته من الجامعة حيث يدرس في كلية الطب إلى المنزل في محافظة جدة، قضى عليه حادث سير مفجع وعمره 20 سنة.

(ثم ذرف «أبو عبد المجيد» الدموع بحرقة في حالة مؤثرة جداً تلاشت إزاءها الضوابط القوية والتعليمات الدقيقة التي يتصف بها مكتبه، وتنظم سير العمل اليومي فيه).

كادر الطبيب الفيلسوف ولد أستاذ الأمراض الباطنة أسامة بن عبد المجيد شبكشي في مكة المكرمة عام .1943 أعاد دراسة الثانوية العامة في مدرسة كيل بألمانيا الغربية. استحق شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة ايرلنجن الألمانية، وحصل على درجتي دكتوراه، الأولى في الطب عام 1974، والأخرى في الفلسفة «باريت سايندروم» عام 1976 من الجامعة ذاتها، وفي نفس العام منحه مستشفى ليونبرج التعليمي درجة التخصص في أمراض الباطنة، وشهادة فاخ آرتز. عمل طبيباً مقيماً بنفس المستشفى وفي القسم الطبي بريهاو، ويحمل ترخيص بممارسة الطب في ألمانيا الغربية ومن حكومة بافاريا. اكتسب خبرات سريرية «إكلينيكية» في الداخل والخارج، تدرج في وظائف أكاديمية وزاول أنشطة إدارية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، إلى أن تولى عمادة كلية الطب والعلوم الطبية، فوكيلاً للدراسات العليا والبحث العلمي في يناير (كانون الثاني) 1991، ثم مديراً للجامعة في ديسمبر (كانون الاول) 1993، وفي أغسطس (آب) 1995 صدر مرسوم ملكي بتعيينه وزيراً للصحة. شارك في مؤتمرات وحلقات دراسية محلية ودولية، وله بحوث قبلت في ندوات وأجيز العديد منها للنشر في إصدارات طبية. اشرف على إعداد رسالة دكتوراه في جامعة تولين عام 1985، وعلى درجتي ماجستير في كلية العلوم في جامعة الملك عبد العزيز عامي 1989 ـ .1994 الشبكشي الذي نال تحصيله في دولة عريقة علمياً في تدريس الطب أب لـ«مايا» وهي متزوجة، وفقد ابنه الوحيد «عبد المجيد» قبل 9 سنوات في حادث سير في محافظة جدة، في يوم اعتبره أسوأ أيام حياته.

 

يتنافسان «مين يحب الثاني اكثر» .. ويوافقها على ان الزوجة السعودية اسيرة حرب بنصف هوية
شبكشي وزوجته تأقلما سريعاً مع حياة السفير

 

  حاوره : عثمان عبده هاشم«3 »

بالامس عشنا مع الدكتور اسامة شبكشي حياته الجديدة «القديمة» في المانيا سفيراً لخادم الحرمين الشريفين، وكشف لنا وزير الصحة السابق سر قدراته على التكيف مع أي منصب او محطة عملية يتوقف عندها لتحقيق احلامه وطموحاته المشروعة واشباع رغبته في العطاء المستمر.. وبلا حدود . وبنظرته الثاقبة للامور وبحكم قربه من صانع القرار وعمله كمستشار لخادم الحرمين الشريفين ادرك ان المرء يتم تقييمه بشخصيته واحترامه لنفسه وقدرته على تحمل المسؤولية واعبائها وهو ما جعله يحظى بثقة دائمة من اولي الامر والمسؤولين الذين عرفوه جاداً مخلصاً ومعطاءً منذ ان كان عميداً لكلية الطب ثم مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز.. ولم ينس الدكتور شبكشي ان يروي جانباً من صفحات ذكرياته وطفولته وحمله لصاج العجين في حارة المظلوم حتى مغادرته الى المانيا لاكمال تعليمه.. واليوم تكشف زوجته وشريكة دربه د. هيفاء اليافي الاستشارية الاجتماعية والكاتبة الصحفية «الخلطة السرية» لهذا النجاح العلمي والعملي للرجل الذي ارتبطت به منذ ان كان طالباً في الطب واعتبرته المسؤولية الاكبر في حياتها. وبكل هذا الحب الذي لازمهما كزوجين حرص الدكتور اسامة على ان يترك لشريكته حرية الرأي واتخاذ القرار في اشارة داعمة للمرأة ومساندتها كي تقوم بدورها في خدمة الوطن.. وقد وضح ذلك جلياً عندما سألناه بالامس.. كيف تنظر لرأي د. هيفاء القائلة بان الزوجة السعودية ما زالت تعيش بنصف هوية وبعض الرجال يعاملونها كأسيرة حرب؟ فلم يقدم نفياً ولم يتهرب بدبلوماسية او يدفع برأي آخر يوازن ان لم يسر في عكس الاتجاه مثلما يفعل البعض ولكنه احترم رأيها..

وقال بالحرف الواحد «ما بلورته رفيقة دربي جاء من خبرتها الاجتماعية وما سمعته من الكثير من السيدات السعوديات واستناداً الى دراساتها التخصصية.. ولقد حباها الله بعد نظر وقوة تأمل ومقارنة مكانتها من بلورة آرائها الصائبة».
ولم يأت هذا الاحترام وتلك الشهادة من رجل بقامة د. شبكشي من فراغ.. فالرفيقة ليست سيدة عادية بل تحمل فكراً وثقافة واسعة اهلتها لان تسكن في قلب زوجها وتسافر الى قلوب البشر بهمسات غير مسموعة ككاتبة صحفية ومستشارة اجتماعية تؤمن بان المرأة قادرة على التعاطي مع كافة انواع البروتوكولات وعلى ادارة دفة العمل وانجازه تحت أي ظروف مناخية او اجتماعية او اقتصادية.. حتى ولو كانت خارج وطنها زوجة دبلوماسي ضيفة اكثر منها صاحبة دار.
ومثلما يقولون ان وراء كل عظيم امرأة لا تبخس د. هيفاء الرجل حقه وتقول: «وراء كل امرأة ناجحة رجل يرعاها ويحبها ويساندها وتجده دوماً الى جانبها في وقت الشدة قبل الرخاء» فهناك رجال تتمنى المرأة تقبيل التراب الذي يمشون عليه.. وكما تعتبر د. هيفاء الحياة الزوجية شراكة انسانية رأسمالها الحب والاحترام والتضحية تعترف بانها لا تستطيع منافسة زوجها الا في الحب او كما قالت «التنافس الوحيد بيننا مين يحب الثاني اكثر».
شخصية بهذه الصفات كان من الطبيعي ان تتأثر وتؤثر في مسيرة وحياة الدكتور شبكشي، فكلما كانت المرأة اكثر وعياً وتنظيما لاوقات العمل الوظيفي والاسري كانت اكثر قدرة على تحقيق ذاتها واكثر حفاظاً على استمرار نجاح زوجها وابنائها وقد اكدت ذلك د. هيفاء التي تهرب الى واحة الاحلام لتفادي مطارق الحياة الأليمة، وتسعى لإنقاذ ما تبقى من مشاعر انسانية واقعية وتحاول ان تمتص

الحلقة القادمة:
هذه اسرار هروبي من مطارق الحياة الاليمة

صواعق الواقع والعالم المخيف، دون ان تقف مكتوفة الايدي تنظر الى نزف الجراح.
* سألتها.. ايهما حملك مسؤولية اكبر، معالي الوزير ام معالي السفير؟
– لا هذا.. ولا ذاك.. ولكن مسؤوليتي الاكبر هي اسامة شبكشي!
* كيف تتعاملين الآن مع الحياة الدبلوماسية بصفتك زوجة معالي السفير؟
– تربينا وترعرعنا بين احضان اسرة فطرتها الاخلاق والمثاليات.. وحضارتها الدبلوماسية والاحترام وحسن التعامل.
فكان من الطبيعي ان اتأقلم سريعاً مع الحياة الدبلوماسية التي استحدثتها ظروف حياتنا.. فالدبلوماسية لقب له رنين وهيبة.. والحقيقة انه حسن تعامل وذكاء في تقبل آراء الآخرين والتعلم منهم بحذر وفطنة.. وبالتالي تعريفهم بالصورة اللائقة التي يعيشها مجتمعنا.. كما ان المواهب الشخصية التي تأثرت واثرت في البيئة التي عاشت وسطها والمكتسبات الثقافية الهامة.. تضفي على سلوكيات الدبلوماسي بريقاً اكبر..
بروتوكول مختلف
* هل تغير البروتوكول بالنسبة لزوجة السفير عن زوجة الوزير؟
– هناك اختلافات طفيفة في البروتوكول داخل الوطن عنه في الخارج.. فالاحتكاك بالشعوب والثقافات المختلفة يفرض عليك تقبل جميع المستجدات بصورة دبلوماسية وبروتوكول اشد حذراً واتقاناً.
فزوجة الوزير تعيش داخل وطنها بنفس العادات والتقاليد التي نشأت عليها.. وخارج الوطن تكون ضيفة اكثر منها صاحبة دار وهناك فرق.. ولكنه ليس جوهرياً او صعباً.
المناخ الاسري اللائق اولاً
* ما هو دوركم كزوجة سفير؟ وهل هناك مهام تضطلعين بها في هذا الاطار؟
– دوري كزوجة سفير لا يختلف عن مهام أية زوجة.. واجبها الاول تأمين الراحة والمناخ الاسري اللائق بالزوج.
اضافة الى ذلك على زوجة السفير مشاركته في الكثير من المناسبات الاجتماعية.. البروتوكولية التي تخلق نوعاً من التآلف والتقارب بين الشعوب.. وتوطيد العلاقات بينهم.. فلا يكاد يمر يوم دون ان نشارك في مناسبات وطنية او استقبال شخصيات من الدول المختلفة خاصة البلد المضيف.. بالاضافة الى الندوات العلمية والثقافية التي تلقي الضوء على نشاطات الدول وحضارتها.
* دعينا نعود للبداية.. اين ولدت ودرست وتربيت؟
– ولدت في جدة ودرست الابتدائية والمتوسطة في القاهرة ثم عدت الى الوطن لاكمل دراستي الثانوية ثم تزوجت ورافقت زوجي الى المانيا حيث كان يدرس الطب وبدأت دراستي هناك معه وانهيتها ايضاً في المملكة.. ثم حصلت على مؤهلاتي العليا من بريطانيا.
كنت اعيش في القاهرة في منزل عم والدتي- رحمهما الله- العم عبدالمجيد شبكشي والد زوجي كما ان والدته هي خالة والدتي ايضاً وهكذا عشت معهم منذ ان كان عمري 7 سنوات حتى الثالثة عشرة.
وعدت اليهم بعد 3 سنوات لاعيش مع ابنهم كزوجة يعرفونها تماماً وترعرعت على يديهم كما يقولون لي دائماً بحب ومودة.
احلامي عظيمة
* ماذا كانت تطمح الدكتورة هيفاء في صغرها وهل حققت احلامها؟
– كنت صغيرة.. وكانت احلامي صغيرة ولكنها عظيمة..
كنت احلم بأسرة واطفال.. احسن تربيتهم.. وزوج ادفعه للامام وامنعه من الفشل او التراجع.. وقد تحققت تلك الاحلام الرائعة.
* الحياة الزوجية ماذا تعني لـ «هيفاء»؟
– الحياة الزوجية هي شركة انسانية رأسمالها الحب والاحترام والتضحية.
* كيف ترى «هيفاء» الكتابة الصحفية ومن شجعها على ذلك؟
– الكتابة الصحفية اعتبرها نعمة من نعم الله عز وجل لانها النافذة التي تصلنا بمن حولنا دون ان نعرفه وتجعلنا ننقل كلماتنا وافكارنا الطيبة اليهم كي يستفيدوا منها.. ان اعجبتهم او يتركوها ان لم ترقهم.
فكم من البشر يتمنى ان يجد من يسمعه ويحاوره ويشيره ويستشيره في كثير من مجريات الامور في هذه الحياة.
والكتابة الصحفية حققت لي هذه الامنية التي لاتحتاج لغير ورقة وقلم وكلمة صادقة من القلب.. تسافر كي تستقر في قلوب البشر.
واذكر انني كنت اتابع اعمال العم عبدالمجيد- يرحمه الله- «والد زوجي» حين كان رئيس تحرير جريدة البلاد وتمنيت ان اكون مثله وبالفعل فقد بدأت الكتابة في جريدته في ركن الاطفال منذ الصغر واسميت الزاوية «براعم الجزيرة» وما زالت بعض تلك الاعداد لدي اطالعها واتذكر كلماتي البسيطة المغلفة بطموح الطفولة.
* قيل انها كانت تنافس زوجها «د. اسامة شبكشي» عندما فتحت عيادة خاصة للاستشارات الاجتماعية.. فما صحة ذلك؟
– لا تنافس بيننا غير شيء واحد سأذكره في نهاية الاجابة.. وهذه المقولة لا اساس لها من الصحة.. فتخصص زوجي يختلف تماماً عن تخصصي كما انني بدأت العيادة بعدما انتهى منها باعوام منذ ان اصبح وزيراً للصحة..
وكنت اتمنى حقاً ان اعمل معه.. فعملي من العوامل المساعدة التي تخفف من آلام الجسد في كثير من الاحيان وكنت اتخيل اننا سنصبح فريقاً مبدعاً.. ناجحاً لو تم التعاون بين عيادتينا..
ولكن التنافس الوحيد الذي بيننا هو «مين يحب الثاني اكثر».
ساكن في قلبي
* مر معالي الدكتور اسامة شبكشي بعدة محطات في الجامعة فوزارة الصحة ثم وزارة الخارجية.. فأي المحطات اقرب الى نفس «هيفاء»؟
– هذا صحيح معالي الدكتور مر بمحطات ومناصب كثيرة..
ولكن اسامة الحبيب الغالي.. قد مر على جميع محطات قلبي فسكن فيها وهذه المحطة الوحيدة التي احبها.. وجوده في قلبي ومعي.
* كيف ترين الفرق بين الحياة الجامعية والمهنية والدبلوماسية؟
– فرق كبير بالطبع بين الحياة الجامعية والمهنية بما فيها الدبلوماسية.. فالحياة الجامعية.. هي فترة الزراعة ان جاز التعبير.. نغرس فيها بذور شبابنا وجهدنا وكفاحنا.. ننهل فيها العلم والمعرفة كي نطبقه على مستقبلنا المنسوج بمعاناة التحصيل وعرق الهدف النبيل.. هنا الحياة اجمل باحلامها وطموحاتها وانطلاقتها العنفوانية.. وحين نمتهن حياة العمل نبدأ في حصاد ما زرعناه ان خيراً طرح.. وان كان غير ذلك فالنتيجة معروفة..
وظائف المرأة
* كنت رئيسة قسم الترشيح والدراسات الميدانية بوزارة الخدمة الاجتماعية لمدة عشرين عاماً.. ماذا كانت طبيعة عملك؟
– بدأت حياتي الوظيفية قبل حوالى عشرين عاماً بوزارة الخدمة المدنية حيث باشرت اعمال التوظيف والترشيح والدراسات الميدانية.. وكنت أول من قام بهذا العمل في فرع جدة النسائي.. حيث كنت أذهب الى الادارات الحكومية المختلفة لدراسة اوضاعها وامكانية توظيف المرأة السعودية دون الإخلال بالعقيدة والعادات والتقاليد التي تحفظ لها انسانيتها وعفافها.
وأحمد الله انني استطعت تقديم اول دراسة مكتملة عن امكانية عمل المرأة في القطاع الصحي بوزارة الصحة.. ولا اقصد طبيبة أو ممرضة.. فهاتان الوظيفتان كانتا موجودتين منذ زمن طويل وإنما فتحت المجالات للأعمال الادارية والاجتماعية والمحاسبة وأعمال المختبرات والتغذية..
وهكذا طبقنا الدراسة على عدة اماكن اخرى مثل الجوازات والأمن.
اما عن عملي داخل المكتب فكان استقبال المتقدمات للوظيفة من الخريجات بمختلف التخصصات وايجاد الوظيفة الملائمة لتخصصهن حسب المتاح لدينا من الوظائف المرسلة من الجهات المختلفة.. أي وضع الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة.. وبالطبع تدرج قوائم المتقدمات وعادة ما تكون اكثر من عدد الوظائف المتاحة ويتم التفاضل بينهن حسب اجراءات معتمدة من الوزارة..
وفي نهاية كل عام يتم ترشيح اعداد كبيرة جداً اغلبهن من المعلمات للمدارس المختلفة في مختلف المدن والقرى والهجر التابعة لمنطقتنا.

شاهد أيضاً

واتساب يحتفل بمرور 10 سنوات على إطلاقه

ظهر تطبيق الواتساب لأول مرة منذ 10 سنوات فى عام 2009 حيث تم إطلاقه لهواتف …