أبريل 24, 2024 11:55 م
أخبار عاجلة
الرئيسية / تحقيقات وحوارات / المانع :خوّنوني والقسَم يمنعني من كشف الأوراق

المانع :خوّنوني والقسَم يمنعني من كشف الأوراق

الرؤية غائبة وفاقد الشيء لا يعطيه .. وزير الصحة الأسبق

حاولوا التأثير على قرارات الصحة ولم يستطيعوا

أحلامي وراء نزول دموعي لدى مغادرتي الوزارة

المانع لـ «عكاظ»:أراقب ما يدور وأكتب تقارير يومية

النقاش مع الدكتور حمد المانع وزير الصحة الأسبق ينكأ جراح قطاع حيوي كان وما زال مثيرا للجدل والانتقادات الساخنة، إلى درجة أنه أصبح «محرقة» لكل وزير يجلس على كرسيه الساخن ويعجز عن فك رموزه ومعرفة دهاليزه وأسراره.

جاءت إجابة الوزير المانع صاخبة وموجعة، عندما أكد بأن الرؤية العامة للوزارة ما زالت غير واضحة، مشيرا إلى أن أي وزير يأتي من داخل قطاع الصحة أفضل ممن يأتي من خارجه.

وأوضح المانع بأن الخيار الوحيد لحل مشاكل الصحة في المملكة مرتبط بتطبيق نظام التأمين الصحي على المواطن والمقيم والذي سبق له أن قدمه وأجهض بفعل فاعل. وأشار المانع في حواره مع «عكاظ»، إلى أن فترة 8 سنوات كافية لنجاح أي وزير إذا عمل في ظروف طبيعية، وامتدح المانع قرار تشغيل المختبر الوطني خلال فترة تكليف الوزير أحمد الخطيب، بعد أن أهمله الكثيرون.

المانع الذي كتب سيرته الوزارية الصريحة في كتابه (لكم وللتاريخ)، كان أكثر صراحة وهو يفتح قلبه لـ«عكاظ»، مشخصا واقعنا الصحي بجرأة قد تؤلم البعض وقد لا تعجب البعض الآخر. وإلى نص الحوار:

• دكتور حمد، كيف ترى الواقع الصحي الآن بعد تعيين ستة وزراء من بعدك؟

•• أنا أراقب الوضع بشكل يومي وأثق أن ولاة الأمر اختاروا الرجل المناسب للوزارة، ونجاح المهندس خالد الفالح في أرامكو يشهد به الجميع لكن الصورة حتى الآن في وزارة الصحة غير واضحة وأنا لا أعرف توجهاته ورؤيته المستقبلية، ويبدو أنه ما زال يدرس الأوضاع ويحتاج إلى فرصة ليظهر أثره كوزير.

• هل تراقب بشكل يومي وتكتب تقارير؟

•• نعم.

• لمن تكتب التقارير؟

•• لنفسي.

• لماذا لا ترفعها لولاة الأمر؟

•• لم يطلب مني ذلك.

• كم يحتاج الوزير القادم من خارج الوزارة ليعرف كواليس هذه الوزارة العنكبوتية؟

•• يعتمد الأمر على الوزير نفسه، فإذا دخل في دهاليز الوزارة ومشاكلها بسرعة فلن يحتاج إلى وقت طويل، أما إذا ابتعد وأعطى الصلاحيات لغيره فقد يحتاج إلى سنوات، وأنا أقولها من تجربة، الوزارة ليست بتلك الصعوبة التي يتخيلها البعض.

• كيف؟

•• أعتقد أن وزارة الصحة من السهل الممتنع فهي سهلة إن أردتها كذلك، وفي الوقت نفسه فهي وزارة صعبة ولها دهاليز وإرهاصات كثيرة جدا قد تستعصي على بعض الوزراء.

• إذن كان الدكتور غازي القصيبي محقا عندما قال: «وزارة الصحة محرقة للوزراء»؟

•• هذا رأي أقدره وأحترمه لكنني لا أوافق عليه، فأنا لم أشعر أنها محرقة لأن وزير الصحة الذي يعمل ويفهم دوره وما هو مطلوب منه مثل أي وزير في المملكة يستطيع أن ينجح، لكن ربما هذا الكلام ينطبق على الوزير الذي يأتي من خارج القطاع الصحي أكثر ممن يأتي من داخل القطاع، حيث يحتاج إلى وقت أطول للتعرف على الواقع، وأتذكر أن الدكتور أسامة شبكشي قال إنه لم يفهم وزارة الصحة إلا بعد مرور أربع سنوات على توليه المنصب، والسبب أنه جاء لوزارة الصحة من وزارة التعليم العالي.

• هل هذا يعني أنك تؤيد أن يأتي وزير الصحة من داخل القطاع الصحي؟

•• أتمنى ذلك، وأنا لا أشك في إخلاص ووطنية وحرص أي وزير يأتي من خارج الوزارة على العمل، لكن فاقد الشيء لا يعطيه، وكل من جاء من خارج القطاع الصحي لا بد أن يأخذ فترة للتعلم قبل أن يبدأ العمل.

• لكن هناك من جاء لفترة مؤقتة مثل المهندس عادل فقيه واستطاع أن يقدم رؤية عملية في إيقاف مرض الكورونا؟

•• أنا لا أشكك فيهم ولا أقلل بهذا الكلام من قيمة أي وزير جاء من خارج القطاع.

• أعتقد أنك امتدحت أحمد الخطيب عندما عين وزيرا للصحة في أحد مقالاتك رغم إعفائه السريع؟

•• هذا لا يغفل حقيقة أن الرجل فاضل ومخلص وقد امتدحته رغم فترته القصيرة لأنه قام بخطوة مضيئة من خلال تشغيل المختبر الوطني الذي ظل معطلا لسنوات، وكان يمكن أن يسهم في التسريع بعلاج أمراض كورونا وأنفلونزا الخنازير والطيور وغيرها، والحمد لله فبعد تشغيله لم نعد بحاجة إلى إرسال عيناتنا للخارج.

• في رأيك، كم هي المدة المناسبة لبقاء وزير الصحة في منصبه؟

•• أعتقد أن 8 سنوات كافية لوزير الصحة وغيره من الوزراء لكي يقدم ما يشفع لبقائه في المنصب، هذا إذا عمل في ظروف طبيعية.

• وهل كنت تعمل في ظروف غير طبيعية؟

•• المترصدون لنجاح أي وزير كانوا من الكثرة بمكان في فترة وجودي.

• وما هو السبب؟

•• لأننا ضغطنا كثيرا على أصحاب المصالح الخاصة، ومن المؤسف أنك إذا قمت بتجفيف بعض الموارد غير الشرعية لشركات وأفراد خصوصا بعد اكتشافنا لبعض الرشاوى ونحن نعمل على مشروع التأمين الصحي فتعرضت لحرب شنيعة.

• هل يعني هذا أنك كنت بحاجة لسنتين فقط لتستكمل مشاريعك عندما كنت وزيرا؟

•• نعم كنت بحاجة لهاتين السنتين لأنتهي من كل مشاريعي التي خططت لها وبدأتها ولم أكملها.

• المشكلة أن المواطن حتى لو وجد سريرا فإنه يشعر بتفاوت الخدمة الصحية بين قطاع وآخر بصورة غير مبررة؟

•• هذا صحيح وبمقارنة حسابية تكتشف هذا الفارق، فالتكلفة الحالية للسرير الواحد في مستشفيات وزارة الصحة تصل لـ 170 ألف ريال تقريبا ولو قارناها بالمستشفى التخصصي الذي بلغت ميزانيته لهذا العام 7 مليارات ريال والذي يسع 1000 سرير (المعلن رسميا 650 فقط) فستكون تكلفة السرير الواحد 7 ملايين ريال تقريبا، وهذا الفرق الشاسع بين وزارة الصحة والتخصصي ينطبق على مستشفيات الحرس الوطني أيضا، ولهذا فإن تطبيق مبدأ المساواة بين المواطنين يصبح غير ممكن في ظل هذا الوضع.

• من الطريف أن بعض المواطنين وصل بهم اليأس من وزارة الصحة لإطلاق الشعارات عن كل مرحلة، ففي عهد القصيبي كان الشعار «وإذا مرضت فهو يشفين»، وفي عهد الدكتور فيصل الحجيلان «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين»، وكان الشعار في عهد الدكتور أسامة شبكشي «كل نفس ذائقة الموت»، وفي فترة الدكتور حمد المانع «قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم»، وفي وزارة الدكتور عبد الله الربيعة «ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا». ما رأي معاليكم؟

•• «ضحك المانع طويلا».. ثم علق قائلا: طالما أن القطاع الصحي لم يتحسن فستسمع الكثير من هذه التعليقات الساخرة.

• وكأن وزارة الصحة ليس لها استراتيجية واضحة ليأتي الخلف فيكمل عمل السلف؟

•• «يستمر المانع في الضحك».. ويعلق قائلا: من أجل ذلك وضعت مشروع «بلسم» عندما كنت وزيرا لتغيير واقع وزارة الصحة إلى الأفضل لكي لا يأتي أي وزير جديد بخططه الخاصة فيقوم بتغيير ما قام به من سبقه وأخذت عليه موافقة شبه نهائية من الجهات العليا، وكنت أعي وأعرف الإرهاصات الموجودة وقلق ولاة الأمر والمواطنين من وزارة الصحة، وكم تمنيت أن تكون وزارتنا مثل أي وزارة صحة محترمة في العالم الغربي لا يأتي الوزير الجديد فيها بخطط فيغير ما خطط له من سبقه، ولدينا تجارب واضحة في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، فهناك الكثير من المواطنين لا يعرفون اسم الوزير والسبب أن الخدمة تقدمها شركات ومن خلال منافسة، وكنت أتمنى أن تقدم وزارة الصحة خدماتها من خلال منافسة أيضا، ولا يطرح اسم وزير الصحة، والآن لو سألت مواطنا فرنسيا أو أمريكيا أو بريطانيا أو ألمانيا عن وزير الصحة في بلده فستجد الأغلبية لا يعرفونه لأن لديهم نظاما صحيا واضحا لا علاقة له بمجيء وزير أو ذهابه، وهذا ما قدمته في مشروع «بلسم» الذي كان يعتمد على ثلاثة عناصر أساسية هي: التأمين على المواطن والمقيم، وإنشاء صندوق الخدمات الصحية، وإنشاء هيئة الجودة، على أن تبقى المراكز الصحية بيد وزارة الصحة لأنها خط الدفاع الأول ضد الأمراض الطارئة والمستعصية، ومن ثم فإن تجويد خدمة هذه المراكز في كل أنحاء المملكة وجعل المواطن يثق فيها مثل أي مركز صحي في العالم المتحضر للقضاء على ظاهرة عدم الثقة في هذه المراكز من قبل المواطنين، ولو وجدت هذه المراكز الجيدة ما طلب أي مواطن بضرورة تحويله إلى المستشفيات.

• مع أن العلاج في المستشفيات أعلى كلفة على الدولة من المراكز المتخصصة؟

•• هذا صحيح فتكلفة العلاج في المستشفيات عالية جدا على الدولة، ودعني أضرب لك مثالا لنجاح تجربة المراكز الصحية في دولة مثل كوبا، فقد أرسلنا لها لجنة وقابلت الرئيس فيدل كاسترو آنذاك وكان الهدف منها الاطلاع على تجربتهم الفريدة في إدارة المراكز الصحية التي تعتبر الأفضل عالميا، حيث تتم فيها كل العمليات ومعالجة الأمراض المستعصية وتخفف عن الدولة كلفة عالية جدا، وكنت أحلم بتطبيقها في بلدي.

• وأين وصل مشروع «بلسم» في نهاية الأمر؟

•• لا أخفيك أن المشروع نوقش في مجلس الخدمات الصحية ثم شكل المقام السامي لجنة من وزارة المالية ووزارة الصحة ووزارة الخدمة المدنية ومجلس الخدمات الصحية وناقشوا هذا المشروع ورفع لهيئة الخبراء في الديوان الملكي وعرض على اللجنة العامة، حيث جلست مع أعضائها عدة جلسات أناقش وأشرح المشروع، وكنت سعيدا بموافقة كل أعضاء اللجنة عليه وبقيت الخطوة الأخيرة برفعه إلى مجلس الوزراء لإقراره، ولكن حدث التغيير الوزاري فغادرت موقعي وأجهض المشروع ولم أسمع به حتى الآن.

• هل هناك من لا يريد لوزارة الصحة أن تنجح؟

•• أعداء الوطن موجودون في الداخل والخارج، لكن لا يمكن أن أصدق أن هناك في داخل الوزارة من يريد لها الفشل لأن هذا ضد مفهوم المواطنة.

• ذكرت أكثر من مرة بأن القطاع الصحي تتنازعه 14 جهة حكومية ينبغي أن تنضوي جميعها تحت الوزارة، لكن هناك من يرى بأن الوزارة لو تولت مسؤولية هذه القطاعات لتفشت فيها البيروقراطية وتراجع مستوى الخدمات؟

•• لو تم التأمين على جميع المواطنين لما أصبح لدينا مشكلة إطلاقا، وإذا عرفت أن ما يصرف على القطاع الصحي في المملكة اليوم ما يربو على 120 مليار ريال في جميع القطاعات الـ 14، وهو مبلغ ضخم جدا ومكلف على الدولة، وأتذكر أنني زرت بريطانيا أثناء الحرب فقلت لهم إنكم تحتاجون إلى خدمات صحية للجنود، فقالوا لي: إن لديهم أسرة خاصة بوزارة الدفاع في مستشفياتهم لكن كل الميزانية تأتي من وزارة الصحة، ولذلك فإن توزيع الخدمات الصحية في بلادنا بهذه الصورة الحالية مرهق لميزانية الدولة ولا يحقق مبدأ المساواة في الخدمة لجميع المواطنين، ولهذا قدمت مشروع «بلسم» الذي أجهض لأنني رغبت في أن تتساوى الخدمة لجميع المواطنين دون استثناء، ولا يضطر مواطنونا في المناطق الطرفية خصوصا الشمالية للذهاب إلى الأردن مثلا لطلب العلاج.

• هل ما زالوا يذهبون حتى الآن؟

– شيء مؤسف مع أن المستشفيات الأردنية لا يتوفر لها التمويل الذي يتوفر لمستشفياتنا الحكومية.

• هل تعتقد أن تنازع صلاحيات الصحة في هذه القطاعات له علاقة برغبتهم في السيطرة على صناعة القرار داخل الوزارة؟

•• لا يمكن لأي جهة أن تفرض سيطرتها على وزارة الصحة التي يعمل بها أكثر من 300 ألف شخص فيهم من الكفاءات والقدرات الشيء الكثير.

• هل هناك من حاول في فترة وزارتك السيطرة على القرار في وزارة الصحة؟

•• حاول أكثر من قطاع القيام بهذا الدور لكنهم لم ينجحوا ولي تحفظي على هذه المواقف، وقد أثبت أبناء وزارة الصحة قدرتهم على إدارة الأمور والقيام بواجباتهم في الحج وعند حدوث الأزمات وخلافها والنجاح في إدارة القطاع الصحي دون أن يصادر أو يقفز على جهودهم أي قطاع آخر.

• هذه وزارة «تجيب» المرض يا دكتور؟

•• الحمد لله أن وزراءنا لا يعمرون في الصحة، ولو طال وجودهم في المنصب مثل الوزير العماني الدكتور أحمد السعيدي الذي استمر في منصبه لأكثر من عشرين عاما، لماتوا قبلها.

«الحزام الصحي»

أجهض بفعل فاعل

لم يخف الدكتور حمد المانع، وزير الصحة الأسبق، حسرته وهو يتحدث لـ«عكاظ» عن أبرز المشاريع التي كان يأمل أن تتحقق قبل أن يغادر كرسي الوزارة. وأوضح أن دموعه التي ذرفها لدى مغادرته وزارة الصحة، كانت خوفا على أمور وأحلام ومشاريع كانت في باله وحاول أن يسابق بها الزمن على أمل أن تتحقق، لكن أمر إعفائه من وزارة الصحة سبق تحقيق تلك الأحلام.

وأضاف «كان لدي الكثير من المشاريع كالتأمين الصحي للمواطن والمقيم، وتحويل الكلية التي افتتحتها في مدينة الملك فهد الطبية إلى جامعة، وإنهاء مشروعي الحزام الصحي والمراكز التخصصية. وكنا نطمح في الوزارة ألا يصل المواطن إلى مرحلة استجداء السرير في المستشفيات الحكومية، وحدث ما تخوفت منه وأجهضت كل تلك المشاريع بعد مغادرتي بفعل فاعل، للأسف الشديد».

2-2

أنا الطبيب الوحيد بين مجموعة من العسكر.. المانع وزير الصحة الأسبق لـ«عكاظ»:

خوّنوني والقسَم يمنعني من كشف الأوراق

خوّنوني  والقسَم يمنعني من كشف الأوراق

طالب الدكتور حمد المانع وزير الصحة الأسبق بتقنين دور وزارة المالية وتدخلاتها في أعمال التخطيط بالوزارات، وقال في الجزء الثاني من حديثه لـ «عكاظ»: «موظفو المالية ليسوا أكثر وطنية منا»، مبديا أسفه الشديد لتعاملهم معه من منطلق التخوين، داعيا وزير الاقتصاد والتخطيط المهندس عادل فقيه إلى استعادة دور وزارته المسلوب. وعبر المانع عن ألمه للخذلان الشديد الذي شعر به من مواقف الدكتور عبدالله الربيعة تجاه المشروعات التي تم إقرار تنفيذها قبل إعفائه، وأوضح أن نظام التأمين الصحي هو الحل الوحيد لكل مشاكل وزارة الصحة.

المانع نفى أن تكون هناك مافيا يقودها الوكلاء في الوزارة ضد أي وزير، مؤكدا في الوقت نفسه صواب قرار إبعاد الدكتور زياد ميمش وكيل الوزارة للصحة العامة، بعد تفشي فيروس كورونا، وذلك لتفرغه لأبحاثه الخاصة وعدم قيامه بدوره.

الحوار استعرض المزيد من أوراق ابن الجوف الذي عاد إلى ممارسة مهنته كطبيب في مستشفى الشميسي بالرياض، وكشف لأول مرة عن عشقه لنادي الهلال.. وإلى نص الحوار:

• دكتور حمد.. يقال إن الوكلاء هم من يديرون وزارة الصحة، وهم أشبه بالمافيا فلكل منهم طريقته ورجاله وحساباته الخاصة، وهذا ما يصعب الأمر على أي وزير للصحة؟

•• هذا الكلام لم يحدث معي عندما أتيت للوزارة، فقد عمل معي وكلاء قاموا بدورهم على أكمل وجه، وأتيت بآخرين، منهم الدكتور منصور الحواس، وكنا يدا واحدة نتناقش ونجتمع كل يوم سبت، ولا نتخذ قرارا بشكل فردي، وأعتقد أن العمل الجماعي هو الأهم لكي تنجح.

• كأنك تتهرب من الإجابة على سؤالي، لذا دعني أطرحه بطريقة أخرى. أليس هؤلاء الوكلاء الذين ذكرتهم هم أول من خذلك عندما خرجت من الوزارة بصمتهم عن المشروعات التي قدمها الربيعة بعدك، خصوصا مشروع إنشاء 2000 مركز صحي في أنحاء المملكة مع علمهم أنك قدمتها من قبل وأخذت عليها الموافقة؟

•• الحقيقة أنهم لم يخذلوني، لأنني سألتهم شخصيا عن هذا الموقف، فقالوا بأنهم لا يعلمون شيئا عن ذلك، أما موضوع المراكز الصحية فقد بنينا نموذجا موحدا ليتم تطبيقه في كل مناطق المملكة بالتساوي، وبدأنا بمركز عليا الرياض ليكون نموذجا للفكرة، وتوسعنا بتسليم المشروع لعدد من الشركات، فجاء التغيير الوزاري وتركت منصبي في 29 رمضان عام 1430هـ، وبعد ذلك فوجئت بالدكتور عبدالله الربيعة بعد توليه الوزارة يقدم للملك عبدالله (رحمه الله) صورة من المراكز الصحية القديمة وصورة للمراكز التي تنوي الوزارة بناءها وكانت مبنية أصلا وتعبنا عليها طيلة أربع سنوات مضت، فاستغربت مما حدث واتصلت ببعض الزملاء ممن شاركوني المشروع في الوزارة وقلت لهم: أنتم الآن تغشون ولي الأمر والوزير أيضا فقالوا لي: «والله لم نعلم بالمشروع وفوجئنا به عندما عرضه الوزير ونحن في مقام خادم الحرمين الشريفين.. فماذا تريدنا أن نفعل»؟

• ما مدى قناعتك بتحميل وكالة الطب الوقائي في الوزارة مسؤولية ظهور أمراض متعددة بين فترة وأخرى بصورة تبعث القلق بدءا من حمى الضنك وأنفلونزا الخنازير والطيور وكورونا، والله أعلم عما هو قادم؟

•• دون شك، الطب الوقائي في وزارة الصحة هو عصب الوزارة وصمام الأمان للدولة، ويؤسفني أن أقول هذا الكلام لأول مرة فعندما استلم الدكتور زياد ميمش وكالة الوزارة للطب الوقائي في فترة الدكتور عبدالله الربيعة لم يتفرغ لمهمته الأساسية وانشغل بأعماله الخاصة وبحوثه في تلك الفترة التي وصلت الى 100 بحث في الوقت الذي ظهر فيه فيروس كورونا في عدد من مناطق المملكة، وتنامت الوفيات حتى بين العاملين في القطاع الطبي ومستشفى الملك فهد بجدة تحديدا.

• هل تعتقد أن قرار إعفائه من قبل المهندس عادل فقيه كان صائبا؟

•• دون شك، فهو يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية بحكم أن موقعه يتطلب منع ومكافحة الأمراض المعدية مثل مرض كورونا، والاستعداد لحالات الطوارئ في المملكة، وهذا ليس رأيي فقط، فالانتقادات جاءت حتى من الخارج ولم يكن من العقل والمنطق أن يبقى في منصبه.

• من كان وراء إيقاف مشروع التأمين الصحي على المقيمين بعد أن شارف على التطبيق في فترة وزارتكم؟

•• الغريب في هذا المشروع أن الدكتور عبد الله الربيعة كان نائبا عني كوزير للصحة في رئاسة اجتماع مجلس الضمان الصحي، وكنا نجتمع بعد أن أنشأنا هذا المجلس، وبدأ يعمل بعد إقراره، وكان عدد المقيمين المؤمن عليهم قبل أن أترك الوزارة 8 ملايين شخص وكنت مطمئنا على تنفيذ المشروع بعد مغادرتي للوزارة على أن ننتهي من تأمين المقيمين ثم نبدأ بالتأمين على المواطنين الذين وصل عددهم إلى 4.5 مليون شخص، ففوجئت بأن الدكتور الربيعة بعد تعيينه وزيرا كتب خطابا للمقام السامي يطالب فيه بإيقاف التأمين الصحي لمدة خمس سنوات.

• ولكن الوزير الربيعة قال في تلك الفترة: «إن المستشفيات غير جاهزة»؟

•• هذا غير صحيح، فنحن جهزنا المستشفيات قبل أن نبدأ في العمل على التأمين الصحي.

• كانت له ملاحظات واضحة أيضا بشأن شركات التأمين، ووجود لائحة استثناءات طويلة في عروضها تتنافى مع فكرة التأمين؟

•• أنا قلتها وما زلت أقول: إن التأمين الذي سنقدمه ليس الأفضل، وهناك عيوب ينبغي مع مرور الوقت أن نحسنها، وهذه طبيعة أي عمل في بدايته، والشيء الآخر أن شركات التأمين ربحية في الأساس ولو تركنا لها الحبل على الغارب فستأكلنا، ولذلك هي بحاجة للرقابة على أعمالها.

• ربما كان تخوف الربيعة من ضعف الجانب الرقابي في الوزارة، هو أحد أسباب تأجيله للمشروع؟

•• إن شاء الله يكون هذا حدث بحسن نية، لكن لا يوجد عمل إلا ويحتاج إلى متابعة.

• هل هناك شيء لا نعلمه يفسر مواقف الدكتور عبدالله الربيعة التي ذكرتها؟

•• إطلاقا، فهو صديق وما زلت أحترمه وأعزه وأقدره.

• مع أنك عتبت عليه كثيرا في كتابك، ولم تترك شاردة ولا واردة إلا ذكرتها؟

•• أليس من حقي أن أعتب عليه لعدم توديعي، تخيل أنه لم يقل لي «مع السلامة»، كما تقتضي عاداتنا وتقاليدنا، وكيف لا أعتب عليه وأنا الذي أتيت من لندن بعد صدور التغيير الوزاري لأستقبله في الوزارة، وبعدها تفاجأت بدخوله مكتبي قبل أن أخرج أغراضي وأوراقي منه، وهو يعلم أنني كنت أستقبله عند باب الوزارة وأنا وزير وهو مدير للشؤون الصحية بالحرس الوطني.

• ربما كان لموقفك المعلن بسحب عمليات فصل السياميين من مستشفى الحرس الوطني في تلك الفترة دور في موقفه منك؟

•• لا أعتقد ذلك، فأنا عندما عرضت فكرة فصل التوائم السياميين كنت أنظر لها كأي مرض آخر، وهي عملية يمكن أن يقوم بها أي مستشفى في المملكة كعمليات القلب المفتوح والمخ والأعصاب وما شابهها، ولم تكن في إطار المنافسة التي أطلقها البعض بين وزارة الصحة والحرس الوطني.

• هل تعتقد أن العودة لهذه الأفكار مازال واردا؟

•• فيما يخص التأمين الصحي تحديدا، لا بد أن يطبق عاجلا أم آجلا.

• هل كان لشركات التأمين دور في الضغط عليك كوزير؟

•• بل على العكس، فقد كان إقرار مشروع التأمين الصحي من مصلحتهم.

• وشركات التبغ؟

•• هذه لوحدها تشكل «لوبي» عالميا وليس في المملكة فقط.

• للملك سلمان (حفظه الله) مقولة شهيرة: «تعقيد الأمور يساعد على الرشوة وتبسيطها يقضي على الفساد».. ماذا حققت في هذا الجانب؟

•• لا تسألني عما حققت يا بدر، فأنا كنت الوزير رقم 14 والوزارة يتولاها حاليا الوزير رقم 20 في تاريخ الوزارة، ولا أقول إنني نجحت أو فشلت فهذه حكمها للتاريخ وللناس، لكن ما أنا متأكد منه أنني كنت مجتهدا ومخلصا لوطني ولولاة أمري، وعملت على مدار الساعة طيلة سنواتي الست، ولم أتمتع بإجازة أسبوعية ولو مرة واحدة طوال تلك الفترة، وما يخفف عني في كثير من الأحيان أن أكثر المشاريع إنجازا في تاريخ وزارة الصحة كانت في فترتي، ورغم هذا ظللت طيلة الست سنوات التي قضيتها كوزير لا أنام مثل بقية الناس لشعوري دائما بوجود جبل ثقيل على صدري.

• قلت بأن وزارة المالية سحبت دورا مهما من وزارة التخطيط، وهو ما لا يجب أن يحدث. ما هو هذا الدور؟

•• تعد وزارة التخطيط أهم وزارة في الدولة، إذا ما فعل دورها بشكل صحيح، والمعروف أن هناك إدارة تخطيط في كل وزارة بالدولة ترتبط مباشرة بوزارة التخطيط التي يغيب دورها وهي المسؤولة عن تحديد كم مستشفى وكم مركزا صحيا تحتاجه وزارة الصحة مثلا، وهل يتناسب هذا مع الخطة الخمسية أو العشرية؟ وللأسف كان هذا الدور تقوم به وزارة المالية، فأصبحت تسيطر على وزارات الدولة، ومن ثم لا تستطيع أن تطلب وظيفة أو تعتمد مشروعا إلا عبر وزارة المالية التي تعطيك وتقوم بدور المراقبة عليك، وفي وزارة الصحة هناك مراقبان من وزارة المالية، لا تستطيع تمرير أي مشروع إلا بعد توقيع هذين المراقبين عليه، وقس على ذلك في بقية الوزارات والقطاعات، وما أتمناه أن يتمكن المهندس عادل فقيه وزير التخطيط من استعادة هذا الدور لتكون الوزارة هي المخطط والموجه لخطط الوزارات، وأتمنى أن يساهم قرار نقل أي نشاط له صلة بالجانب الاقتصادي من وزارة المالية إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط، في مساعدة وزارة التخطيط على أداء مهامها بالشكل المطلوب منها من ناحية الاقتصاد، وسيجعل وزارة المالية تتفرغ لدورها الحقيقي المعني بالموازنة، والإيرادات والمصروفات، والرقابة عليها.

• ربما هذه الإجراءات المشددة بسبب تخوفهم من تنامي الفساد في الوزارات وهو ما تحدثت عنه آنفا؟

•• مع احترامي لجميع موظفي وزارة المالية، فهم ليسوا أكثر وطنية منا، وليسوا أكثر فهما لعملنا، وما يؤسف له أنهم يعملون في ظل سيطرة نظرية التخوين وهذا أمر مبالغ فيه وتعقيد شديد لأعمال الوزارات.

• ألم تصلوا إلى تسوية لشكل هذه العلاقة مع وزارة المالية؟

•• أعتقد أن قرار مجلس الوزراء الذي صدر قبل فترة، بفصل الجهات التنموية عن وزارة المالية وإدراجها ضمن مهام الوزارات التي تتماثل مع اختصاصاتها بداية الطريق لتخفيف هذه السطوة ونأمل في المزيد.

• الكل قال إن كتابك (سيرة وزارية صريحة) كان انتقاميا ومتحاملا على الآخرين ومبررا للفشل؟

•• هذا غير صحيح، فأنا كتبت الكتاب لتوثيق سيرة وزارية مدتها 6 سنوات لقناعتي بأهمية توثيق هذه المرحلة من أعمال الوزارة.

• ما حجم المسموح الذي ذكرته في كتابك في مقابل الممنوع من النشر؟

•• هناك أشياء كثيرة لم ولن أتحدث فيها، سواء ما حدث في مجلس الوزراء أو خلاف ذلك، وهناك أوراق لا أستطيع كشفها، ومواقف وأمور لا أستطيع كتابتها أمام الالتزام الأدبي والأخلاقي والقسم والأمانة أمام الله، وأمام ولي الأمر.

• هل تمارس مهنتك كطبيب حاليا؟

•• لا أستطيع أن أتخلى عن مهنتي كطبيب متخصص في الأنف والأذن والحنجرة، فأنا أمارسها كطبيب زائر في مستشفى الشميسي بالرياض لمدة يومين كل أسبوع (يوم الأحد في العيادة ويوم الثلاثاء في العمليات).

• من أصابته عدوى الطب في العائلة؟

•• ابني أحمد فقط، وعلى فكرة فأنا أيضا الطبيب الوحيد بين مجموعة من الإخوة كلهم عسكريون.

• هل للرياضة مساحة في حياتك؟

•• بالتأكيد، فأنا أمارس رياضة المشي ولدي صالة رياضية متكاملة في منزلي.

• هل تشجع فريقا معينا؟

•• أنا أكثر ميلا لمتابعة فريق الهلال لأنه يقدم كرة قدم ممتعة، ولا يغيب عن منصة البطولات.

شاهد أيضاً

واتساب يحتفل بمرور 10 سنوات على إطلاقه

ظهر تطبيق الواتساب لأول مرة منذ 10 سنوات فى عام 2009 حيث تم إطلاقه لهواتف …