أبريل 20, 2024 4:50 م
أخبار عاجلة
الرئيسية / التراث والثقافة / الشاعر السوداني المرهف إدريس محمد جماع

الشاعر السوداني المرهف إدريس محمد جماع

 

الشاعر ادريس جماع يتوسط الفنان الراحل سيد خليفة و الراحل احمد طه

الشاعر العظيم يبقى عظيما حتى بعد مماته وهذا ادريس جماع برأيي هو أرق من كتب شعرا على الأرض.. شعره ممزوج ومعجون ُبطينة البؤس والشقاء والألم الذي اعتوره وطارده حتى مماته فأخرج لنا هذه الروائع مكتسية بعذوبة الكلمات وأرق المشاعر الانسانية الصادقة وسكنت في دواخلنا ولم تخرج إلى اليوم..

نبذه عن الشاعر

الشاعر السوداني المرهف إدريس محمد جماع من مواليد مدينة حلفاية الملوك (1922م) ، و توفي عام 1980، نال الليسانس في اللغة العربية من دار العلوم بمصر و دبلوم التربية ….و عمل في التعليم ….

تخرج في كلية دار العلوم، وعمل مدرساً فى معهد التربية بمدينة شندى شمال الخرطوم ثم ببخت الرضا بمدينة الدويم…
سافر عام 1946 والتحق بمعهد المعلمين بالزيتون فى مصر،وعاد سنة 1952 الى السودان وعمل معلما بمعهد التربية بشندى ثم انتقل الى مرسة الخرطوم بحرى الثانوية…

من أروع أبيااااااته:
((أنت السماء بدت لنا … واستعصمت بالبعد عنا))

من قصيدة أنت السماء….
ومن أبياتها:
أعلى الجمال تغار منا ماذا عليك إذا نظرنا
هي نظرة تنسى الوقار وتسعد الروح المعنّى
دنياي أنت وفرحتي ومنى الفؤاد اذا تمنّى
أنتَ السماءُ بدتْ لـنا واستعصمتْ بالبعدِ عنا
هلاَّ رحـمتَ مـتيمـا عصفت به الأشواق وهنا
وهفت به الذكرى فطاف مع الدجى مغنى فمغنى
هـزته مـنك مـحاسن غنى بها لـمّـَا تـغنَّى
يا شعلةً طافتْ خواطرنا حَوَالَيْها وطــفنــا
أنـسـت فيكَ قداسةً ولــمستُ إشراقاً وفناً
ونظـُرتُ فـى عينيكِ آفاقاً وأسـراراً ومعـنى
كلّمْ عهـوداً فى الصـبا وأسألْ عهـوداً كيف كـُنا
كـمْ باللقا سمـحتْ لنا كـمْ بالطهارةِ ظللـتنا
ذهـبَ الصـبا بعُهودِهِ ليتَ الطِـفُوْلةَ عـاودتنا

قصة أبيات شعر
يقال أن الشاعر إدريس جماع ذاهب في رحلة علاجية إلي لندن
وفي مطار قابل عريس وعروسته فأعجبته العروس فبقي ينظر إليها فغار العريس وأصبخ يغطي في عروسته فقال جماع
أعلي الجمال تغار منا؟
ماذا علينا إذا نظرنا؟
هي نظرة تنسي الوقار
وتسعد الروح المعني
دنياي أنت وفرحتي
ومني الفؤاد إذا تمني
أنتي السماء بدت لنا
وأستعصمت بالبعد عنا
فسمع هذه الأبيات الاديب المصري المعروف العقاد فسأل عن من قال هذا الكلام؟
فقالوا له شاعر سوداني إسمه إدريس جماع فسأل إين هو الأن ؟
فأجابوه في التيجاني الماحي مستشفي المجانين
فقال هذا مكانه لأن هذا الكلام لايقوله عاقل
وعندما وصل جماع إلي لندن كان للممرضة الإنجليزية عيون جميلة فأصبح ينظر إليها حتي خافت وأخبرت مدير المستشفي بذلك فأمرها أن تلبس نظارات سوداء وعندما رأها شاعرنا أنشد يقول
السيف في غمده لا تخشي بواتره
وسيف عينيك في الحالين بتار
وعندما أخبرت الممرضة بالمعني بكت
ويقال هذا أبلغ بيت شعر في الغزل في العصر الحديث
والروايات في ذلك كثيرة
رحم الله إدريس جماع
متنبئ هذا العصر

قوم يا ملاك

قوم يا ملاك والدنيا ليل
نتناجى في الشاطي الجميل
والليل نهار للعاشقين

تتجلى صورتك في السحب
بين الكواكب والقمر
معكوسه في سطح النهر
نتبادل الحب النضر
وحديثنا بي لغه العيون

بهوى الزهور في تبسمه
وبهوى الطيور في ترنمه
بهوى الطبيعه الحالمه
فيكي ابتسامات الزهور
ومن الطيور صوت الحنون

نتبادل الحب العظيم
في عفت الملك الكريم
ارواحنا تصبح في نعيم
عالمنا فوق دنيا البشر
وحياتنا روضه من الجنان

نتناجى لي ماضي العهود
اه العهود لو كان تعود
اتلاشى فيك وانسى الوجود
انسى الالم وانسى الكلام
في لحظه من عمر الزمان
.

من شعر ادريس جماع
رسالة الحياة

ان الذي بمماته
هجر الحياة وسحرها
وحياته يالحب قد
كانت تمازج غيرها
يولي المحبه قومه
منحوه أو بخلوا بها
وبلاده قد عاش حتي
مات ينشد خيرها
وينشب نار جهادها
دهرا ويرفع قدرها
يكفيه نبلا انه
أدي الرساله وانتها

إني لأعجب

عجباً أتحتمل الحياة برغم أشتات الصور
ورحابها تبدي الجمال جمال نفس أو بصر
والفكر والإبداع والفن الخصيب المبتكر
والحب والأحلام نشوى والأعاني والسمر
وبها النضارة والندى والنهر يبدو والزهر
من ليس في جنبيه إنسانية بين البشر
حقد على الإنسان في جنبيه عشش وانتشر
ويعيش محسوباً عليه … إنها إحد الكبر
ولقد يتيه بعيشه بين المزالق والحفر
* * * * * *
نبع الحياة يفيض سمحا بالشعور وبالفكر
وعلى شواطئه الطبيعة وهي فتنه من نظر
لا يتركون له الصفاء إذا تسلسل وانحدر
هم يعكسون نفوسهم فيه وهم فيه كدر
إن عاش بعض الناس يحلم بالسعادة للبشر
يحيا لحب الناس يشملهم بعاطفة وبر
هوت النفوس بهم إلى قاع رهيب المنحدر
كرهوا بني الإنسان بل كرهوا الحياة بغير شر
إن الحياة هي الشعور فكيف يحيا من غدر
من ليس يسعد بالضمير ففي جوانبه سقر
أمة المجد

أمة للمجد والمجد لها وثبت تنشد مستقبلها
رو نفسي من حديث خالد كلما غنت به أثملها
من هوى السودان من آماله من كفاح ناره أشعلها
أيها الحادي انطلق وأصعد بنا وتخير في الذرى أطولها
نحن قوم ليس يرضى همهم أن ينالوا في العلا أسهلها
و قريبا يسفر الأفق لنا عن أمان لم نعش إلا لها
إنه الفجر الذي يصبو له كل ملهوف تمنى نيلها
* * * * * *
لكاني بالعذارى نهضت وبناء الجيل أمسى شغلها
بهوي السودان غنت لحنها وأدارت بإسمه مغزلها
نهضة نادت فتاة حرة وفتى كي يحملا مشعلها

قلوب في جوانبها ضرام يفوق النار وقدا وإندلاعا
يظن السيف يورثنا انصياعا فلا والله لن يجد انصياعا
ولا يوهن عزائمنا ولكن يزيد عزيمة الحر اندفاعا
سنأخذ حقنا مهما تعالوا وإن نصبوا المدافع والقلاعا
وإن هم كتموه فليس يخفى وإن ضيعوه فلن يضاعا
طغى فأعد للأحرار سجنا وصير أرضنا سجنا مشاعا
هما سجنان يتفقان معنى ويختلفان ضيقا واتساعا

الطفوله

فرح الأطفال لا يضني الجيوب في دمي في عبث غير مشوب
وإمتزاج في الأساطير حبيب وصباح و إندفاع ووثوب
مضت الأيام بي حافلة وأنا الأن على شط المشيب
أنفق الدخل وابغي غيره وحياتي محض بؤس وكروب
وقد يحسبني الطفل بها في ابتهاج وحظوظ لا تغيب
و لقد يجعل مني غدوة عندما تمضي به شتى الدروب
وإذا ما كبر الطفل رأى في طريق العمر الوان الخطوب
يا حياة خلقت ساحرة شوه الإنسان مرآها القشيب

نغمات الطبيعة
في مرقد طافت به الأحلام مشرقة الصور
للنوم قد أسلمت رأسك مطمئناً للقدر
سال الشعاع من الغصون على جبينك وانحدر
وغرقت في نسيم تعود حمل أنفاس الزهر
أغنامك المرحات تقفز في الروابي والحفر
كم وقعت أقدامها في الأرض أنغام المطر
هي كل همك في الحياة وجل مالك من فكر
وإذا صحوت عمدت للهو البسيط وللسمر
مزمارك المسحور ينفث ما بنفسك من أثر
وهناك موسيقى الخرير ترف خالدة النبر
فاسمع لأنغام الطبيعة مازجت لحن البشر
والزهرة العذراء تنظر للتدفق في خفر
هو عالم من حسنه يوحي الجمال المبتكر

نضال لا ينتهي
بعد موج لا يحيه السنى أدرك الزورق شطآن المنى
ومن الشطآن هبت نسمة و إلى حرية أفضت بنا
طرب طاغ وحس مفعم و أناشيد ندوى كلنا
و بدا بين عيون ثرة ورياض زاهيات غدنا
نحن في عالم شعب طامح ومضى عام على فرحتنا
وتولى نصف قرن قلبه ما جنينا منه إلا بؤسنا
بدماء وكفاح برزت من قتام الأمس حريتنا
وهي ليست حلية نلبسها بل حياة لبنى أمتنا
أمل الأجداد في أجداثهم لو بدوا في ساحة العيد هنا
والألى قد صرعوا في كرري و أياديهم إلى صم القنا
والألى قد أطلقوا بركانهم وجحيم الظلم يعوي بيننا
غرسوا النخوة في تاريخنا بدماهم وجنينا غرسنا
نشوتي من سكر قومي وعلت كل ما يرهق حسي من ضنا
نحن قوم ما تراءى بيننا حسن إلا نشدنا ألأحسنا
بدت الغاية فلننشئ لها مثلا قومية تدفعنا
فاجعلوا التقدير منصبا على مثل تحرس مستقبلنا
إنها جند إلى أجنادنا وسلاح لحمى نهضتنا

في مهب الريح
قبلنا كان وكنا ويكون سامر يؤنس إيحاس الوجود
ضجة تعلو وسكر و شجون ثم نمضي بعد هذا في هجود
* * * * *
سيغني بعد مسراى الشداة وكأن لم يكن شىء يا ضفاف
و سينساب مع الفجر اللرعاة ويعود السرح من بعد المطاف
و ستخضر مع المرج الربا و بها يسمر أصحاب لطاف
كل حسن يا أخي كنا نراه ستراه أنت في غير انصراف
و سيجري صاخبا نهر الحياة غير مجرى واحد فيه جفاف
* * * * *
بين جنبي حياة الأولين وسأحيا في حياة الآخر
وسأطوي مع من بعد السنين رغم مسراي كطيف عابر
وسأمضي عن صديقي بعد حين و يراني في الزمان الدائر

عالم الخلود
كم قصور قد كن سحر المآلقى ورياض مخضلة الأوراق
و ملوك كانوا على الأرض جبارين و الجالسون في إطراق
و جيوش تلاحمت والتقى الأبطال بين الإرعاد و الإبراق
و كؤوس قد أترعت بسلاف في لقاء العشاق بالعشاق
ألهمت كل هذه شاعر الأمس فغنى كالزاخر الدفاق
أين سحر القصور والجيش والجبار أين الندمان أين الساقي
قد محا كل هذا موكب الأزمان حتى الصخر المشيد الراقي
سحق الدهر كل ما ألهم الماضين شعرا وها هو الشعر باقي
خالد الشعر ما توثق بالنفس ومد الجذور في الأعماق
وهو ابن الحياة والحس لم يمنح خلودا لصنعة و طباق

من دمي
شاركتني هذه الأكوان أفراحي وحزني
في هنائي يحتسي العالم من نشوة دنى
أرمق الدنيا فألقي بسمتي في كل غصن
و إذا أظلم إحساسي و نال الحزن مني
شاع من نفسي شحوب و سرى في كل لون
* * * * * *
مثلما تمتد للكون هناءاتي و بؤسي
يفرح الروض فتحيا فرحة منه بنفسي
و يغني فتغني بين أفراح و عرس
وحنان العش دفء في دمي يغمر حسي
و إذا هدم شاعت وحشة منه بنفسي

صوت وراء القضبان
على الخطب المريع طويت صدري وبحت فلم يفد صمتي وذكري
وفي لجج الأثير يذوب صوتي كساكب قطرة في لج بحر
دجى ليلي و أيامي فصول يؤلف نظمها مأساة عمري
أشاهد مصرعي حينا و حينا تخايلني بها أشباح قبري
و في الكون الفسيح رهين سجن يلوح به الردى في كل شبر
و أحلام الخلاص تشع آنا و يطويها الردى في كل ستر
حياة لا حياة بها و لكن بقية جذوة و حطام عمر
خطوب لو جهرت بها لضاقت بها صور البيان وضاق شعري
جهرت ببعضها فأضاف بثي بها ألماً إلى آلام غيري
كأني أسمع الأجيال بعدي و في حنق تردد هول أمري
* * * * *
يقلبني الفراش على عذاب يهز أساه كل ضمير حر
تطالعني العيون و لا تراني فشخصي غيرته سنين أسر
يصم صليل هذا القيد سمعي و في الأغلال وجداني وفكري
وأين الأمن مني من حياتي فقد فنيت و ما خطبي بسر
و تسلبني الكرى إلا لماما يد من حيث لا أدري و أدري
و في جنبي إنسان و روح و حب الناس في جنبي يسري
وقاك الله شرا يا بلادي سرت نيرانه لحصاد عمري
ينازعني الحياة و في ضلوعي هوى ضجت به خفقات صدري
* * * * *
و أيامي تساقط من حياتي كأوراق ذوت والريح تذري
تطامن دوحها وهوى مكبا و أجفل عنه تيار بنهر
و هدم مؤنس الأعشاش فيه فلم تهزج له أنغام طير
و لست ترى حواليه رواء و لكن و حشة و ذبول زهر
يغالب محنتي أمل مشع و تحيا في دمي عزمات حر.

من شعر ارديس جماع
طريق الحياه
نمشي علي الدرب الطويل ولايطيب لنا مدي
ان الحياة بسحرها نغم ونحن لها صدي
من مات فيه جمالها فمقامه فيها سدي
كم عاشق لسعادة ضل الطريق وما اهتدي
نزعوا الي الحيوان يلتمسون منه سني الهدي
هي فيك وهي رضاك عنك ففيم تبحث أبعدا

من شعر ادريس جماع
رسالة الحياة

ان الذي بمماته
هجر الحياة وسحرها
وحياته يالحب قد
كانت تمازج غيرها
يولي المحبه قومه
منحوه أو بخلوا بها
وبلاده قد عاش حتي
مات ينشد خيرها
وينشب نار جهادها
دهرا ويرفع قدرها
يكفيه نبلا انه
أدي الرساله وانتها

ينابيع الشعر
إن تلمست وجودي ,,,, في لظى مضطرم
وتراءى بين عيني ,,,, سراب العدم
ودعتني الروح أن ,,,, أسمو فوق ألالم
عأدني الشعر فكانت,,, منه عليا النغم

الهلال
برز الهلال متوجاً بالأنجم ,,,,,, كالمأس في نظم بظاهر معصم
هل أنت حسنأ جرى بعروقها ,,, ماء الوسامة والوضاءة كالدم
لم أنت مخلوق ومالخيالنا ,,,,,,, إدراكه يا إبن السماء تكلم
تبدى إبن السماء علي السماء,,, وسيما في قميص من ضياء
تبدى كانه دنق يقاسي ,,,,,,,,, جوى آلامه فوق الشقاء
ويجتذب العيون إليه حتى ,,,,,, كان ألارض شدت بالسماء

هذه الابيات للشاعر المرهف الذى قال يوما:
السيف فى غمده لا تخشى بواتره وسيف لحظك فى الحالين بتار
ولها مناسبة طريفة جدا ستوافى لكم لاحقا

(بخت الرضا)
للشاعر ادريس جماع

ماذا اري ابدت ديارك ام بدى امل النفوس على ذراك مشيدا ؟
تم اللقاء ونلت ما اصبو له وغدوت افرح ما اكون واسعدا
اما الديار فقد ملكن مشاعري ورايت فيهن الجلال مشيدا
لله اياما كان عهـودها زهر تمدد فى جوانبه الندى
ابقت لنا ذكرى نشاهدها رؤى فى موكب الماضي ونسمعها صدى
ايام كنت اعيش فى ربوعها حر الفؤاد ولا اعيش مقيدا
يا قبلة الوطن العزيز ومعهدى هل كنت الا للهداية معهدا
بالمجد فزت وانت فى شرخ الصبا بشراك بالمستفبل الزاهى غدا
بالفخر والشرف الذي احرزته قام الجميع مهنئا وممجدا
يا مرحبا بالمهرجان فانه يوم سيبقي فى النفوس مخلدا
سارت به الركبان فى طرقاتها وانساب لحنا فى الشفاه مرددا
مستلهما همم الرجال وعزمهم حتى اقام الوافدين واقعدا
يا معهدا علم الجهاد بكفه اليمنى وباليسرى مصابيح الهدى
كنز البلاد هنا هنا ابناؤها والعاملون غدا اذا حق الغدا
اكبادها تمشي على وجه الثرى جائت اليك بهم لترجعهم غدا
خفت اليك وفوضت اليك امرهم لما رات فيك الحكيم المرشدا
ابناؤك الغر الكرام شهرتهم فى وجه عادية الزمان مهندا
جائت تحييك الوفود فحيهم مدت اليك يدا فمد لها يدا
جائتك من طول البلاد وعرضها وسعت لارضك عندما روى الندى
فانظر لعيدك كيف قرب بيننا عدنا اليك وعاد فيك المنتدى
لسنا جنودك وحدنا كل الذى شد الرحال اليك صار مجندا

من اجمل قصائد ادريس جماع قصيدة ( نومة الراعي ) حيث يقول

في مرقد طافت به الاحلام مشرقة الصور
للنوم قد اسلمت رأسك مطمئناً للقدر
سال الشعاع من الغصون علي جبينك وانحدر
وغرقت في نسيم تعوّد حمل أنفاس الزهر
اغنامك المرحات تقفز في الروابي والحفر
كم وقعت اقدامها في الارض انغام المطر
هو عالم من حسنه يوحي الجمال المبتكر

من الومضات الاولي الشاعرية لادريس جماع

أعلي الجمال تغار منا ماذا عليك إذانظرنا
هي نظرة تنسي الوقار وتسعد الروح المعني
دنياي انت وفرحتيومني الفؤاد إذا تمني
أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا
آنست فيك قداسة ولمست إشراقاً وفنا
ونظرت في عينيك آفاقاً وأسراراًومعني
وسمعت سحرياً يذوب صداه في الأسماع لحنا
نلت السعادة في الهوي ورشفتها دنا فدنّا

وفي قصيدة (إني لاعجب) يقول

عجباً أتحتمل الحياة برغم أشتات الصور
ورحابهاتبدي الجمال جمال نفس أو بصر
والفكر والإبداع والفن الخصيب المبتكر
والحب والأحلام نشوي والأغاني والسمر
وبها النضارة والندي والنهر يهدر والزهر
من ليس في جنبي ه إنسانية بين البشر
حقد علي الإنسان في جنبيه عشش وانتشر
ويعيش محسوباً عليه إنها إحدي الكبر
ولقد يتيه بعيشه بين المزالق والحفر

( ضمير له حدود)

أنا ما زلت ساخراً
من ضمير له حدود
تارة كله اشتعال
وحينا به جمود
هذه علة الوجود
فهل يشفى الوجود

وفي قصيدة نحو القمه يقول

إلي السماء بعيداً تمضي الذري الشامخات
فيها صقيع وصخر أنيابه مرهفات
وفي الصخور تراءت مزالقوعرات
تكاد للعبد لا ترتقي لها الامنيات
لكن روحاً جسوراً سمت به النزعات
يبغي الصعود وإن لاح في الصعود الممات
لم تثنه عن مناه مخاطرأشتات
والصخر يدمي جسوماً تقودها العزمات

ومن اشهر قصائد إدريس جماع قصيدة انا حظي كدقيق والتي قول في مطلعها

إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمــعوه
صعب الأمر عليهم قال قـــوم اتركوه
أن من أشقاه ربي كيف انتم تسعدوه

خلقت طينة الاسي وغشتها نار وجد فأصبحت صلصالا
ثم صاح القضاء كوني فكانت طينة البؤس شاعراً مثالا
يتغني مع الرياح إذا غنّت فيشجي خميله والتلالا
صاغ من كل ربوة منبرا يسكب فيسمعه الشجون الطوالا
هو طفل شاد الرمال قصورا هي آ ماله ودك الرمالا
هو كالعود ينفح العطر للناس ويفني تحرقاً واشتعالا

هذا ويبقى إدريس جماع علامة فارقه في تاريخ الشعر السوداني بل هو التاريخ الذي تقف عنده الأجيال عندما تحين ساعة الشعر

——————————————————————————–

رائعتة ربيع الحب التي تغنى بها الفنان سيد خليفة :

في ربيع الحب كنا نتساقى ونغنى

نتناجى ونناجى الطير من غصن لغصن
ثم ضاع الأمس منا
وإنطوى بالقلب حسرة
إننا طيفان في حلم سماوي سرينا
وإعتصرنا نشوة العمر ولكن ما ارتوينا
إنه الحب فلا تسأل ولا تعتب علينا
كانت الجنة مأوانا فضاعت من يدينا
ثم ضاع الأمس منا
وإنطوى بالقلب حسرة

——————————————————————————–

شيخ السوق13-12-2010, 01:36 PM
انداح الجميع في محراب .. ابن حلفاية الملوك .. قيل ان العقاد اشاد بالمقطع الذي يقول :-
أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا..
انه من اجمل ما قيل حتي ذلك الوقت.

——————————————————————————–

لقد كان جماع مدرسة شعرية لا يكفي أن نقول أنها تعتمد على صدق الإحساس والعواطف الجياشة ولكنه واحد من اعظم شعراء العربية صدقاً في العاطفة وبلاغة في المعنى وحسناً في إختيار المفردات والألفاظ , أثمر ديوان شعره لحظات باقية .
————————————–
أعلى الجمال تغار منا
ماذا عليك إذا نـظرنا
هى نظرةً تنسى الوقارَ
وتسعدُ الروحَ المعنىّ
دنـياى أنت وفـرحتى
ومنى الفؤادِ إذا تَمَنىّ
أنتَ السماءُ بدتْ لـنا
واستعصمتْ بالبعدِ عنا
هلاَّ رحـمتَ مـتيمـا
عصفت به الأشواق وهنا
وهفت به الذكرى فطاف
مع الدجى مغنى فمغنى
هـزته مـنك مـحاسن
غنى بها لـمّـَا تـغنَّى
يا شعلةً طافتْ
خواطرنا حَوَالَيْها وطــفنــا
أنـسـت فيكَ قداسةً
ولــمستُ إشراقاً وفناً
ونظـُرتُ فـى عينيكِ
آفاقاً وأسـراراً ومعـنى
كلّمْ عهـوداً فى الصـبا
أسألْ عهـوداً كيف كـُنا
كـمْ باللقا سمـحتْ لنا
كـمْ بالطهارةِ ظللـتنا
ذهـبَ الصـبا بعُهودِهِ
ليتَ الطِـفُوْلةَ عـاودتنا

——————————————-
ماله أيقظ الشجون فقاسى
وحشة الليل وإستثار الخيالا
ماله في ظلام الليل يمشي
ويناجي أشباحه والظلالا
هين تستخفه بسمة الطفل
قوي يصارع الأجيالا
حاسرالرأس عند كل جمال
مستشف من كل شيء جمالا
خلقت طينة الأسي فغشتها
نار وجد فأصبحت صلصالا
ثم صاح الفضاء كوني فكانت
طينة البؤس شاعراً مثالا
يتغنى مع الريــــــــاح اذا غنت
فيشجى خمـــيله والتـــــلالا
صاغ من كل ربوة منبراً يسكب
فى سمعه الشجون الطـوالا
هو طفل شاد الرمال قصــــورا
هى آمـــاله ودك الـرمــــــالا
كالعود ينفح العطـــــــر للناس
ويفنـــــى تحــرقاً وإشــــتعالا

ما كنت موقوفا علينا وحدنا فالنيل انت وكلنا يشكو الصدى

 

من أروع وأجمل قصائد إدريس جماع
أنت السماء
والتي تغني وصدح بها الفنان الراحل سيد خلقة
**********************
أعلى الجمال تغار منا
ماذا عليك إذا نظرنا
هي نظرة تنسى الوقار
وتسعد الروح المعنّى
دنياي أنت وفرحتي
ومنى الفؤاد اذا تمنّى
أنتَ السماءُ بدتْ لـنا
واستعصمتْ بالبعدِ عنا
هلاَّ رحـمتَ مـتيمـا
عصفت به الأشواق وهنا
وهفت به الذكرى فطاف
مع الدجى مغنى فمغنى
هـزته مـنك مـحاسن
غنى بها لـمّـَا تـغنَّى
يا شعلةً طافتْ خوا
طرنا حَوَالَيْها وطــفنــا
أنـسـت فيكَ قداسةً
ولــمستُ إشراقاً وفناً
ونظـُرتُ فـى عينيكِ
آفاقاً وأسـراراً ومعـنى
وسمعت سحرياً يذوب
صداه في الأسماع لحنا
نلت السعادة في الهوي
ورشفتها دنا فدنّا
كلّمْ عهـوداً فى الصـبا
وأسألْ عهـوداً كيف كـُنا
كـمْ باللقا سمـحتْ لنا
كـمْ بالطهارةِ ظللـتنا
ذهـبَ الصـبا بعُهودِهِ
ليتَ الطِـفُوْلةَ عـاودتنا

 

إدريس جماع شاعر مرهف الأحساس والوجدان يوقظ الشجون وهو شاعر الحُب والجمال والطبيعة ويُعد جماع مدرسة شعرية تعتمد علي صدق المشاعر والعواطف الجياشة فهو أعظم الشعراء بلاغة في إنتقاء المفردات والألفاظ وتميز وتفرد عن سائرهم بالخيال الواسع والملكة الفكرية سريع وحاضر البديهة في نظم الشعر بارع في نظم وصياغة القصائد كثير التأمل في الطبيعة والخُضرة والجمال والنيل ودخل رياض الحُب وصدح وخاض تجربة وعاشها بكل احاسيسه ووجدانه وجوارحة الفياصة فكانت تجربة قاسية من خلال قصيدته أنت السماء والتي أصبحت فيها محبوبته بعيدة المنال أي صارت لغيرة وخيم عليه اليأس والحزن إلي درك صعب الأحتمال فعندها شن هجوماً علي نفسة وحلق وسما وحدق فوق سماوات الحب والعشق ، فتعتبر قصيدة أنت السماء من أروع القصائد صاغها بمفردات بليغة ، وهكذا يبقى إدريس جماع علامة فارقه في تاريخ الشعر السوداني بل هو التاريخ الذي تقف عنده الأجيال عندما تحين ساعة الشعر
نبذه عن الشاعر الراحل إدريس جماع
الشاعر السوداني المرهف إدريس محمد جماع من مواليد مدينة حلفاية الملوك {{ 24/3/ 1922م }} ، و توفي عام {{ 1980م }} ، له ديوان شعر {{ لحظات باقية }} نال الليسانس في اللغة العربية من دار العلوم بمصر و دبلوم التربية ….و عمل في التعليم
تخرج في كلية دار العلوم، وعمل مدرساً فى معهد التربية بمدينة شندى شمال الخرطوم ثم ببخت الرضا بمدينة الدويم
سافر عام 1946 والتحق بمعهد المعلمين بالزيتون فى مصر،وعاد سنة 1952 الى السودان وعمل معلما بمعهد التربية بشندى ثم انتقل الى مرسة الخرطوم بحرى الثانوية
سنوافيكم من خلال هذه البوست بتوثيق كامل عن ديوان شعر إدريس جماع
رحم الله شاعرنا المقيم فينا نبضاً وحساً وأدخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء

ديوان لحظات باقية

قصائد لم تنشر من قبل

شعر

إدريس محمد جماع

من ديوان: لحظات باقية

دار الفكر الخرطوم ط 3 – 1984

من دمي

مِنْ دَمِي أَسْكُبُ في الأَلحْانِ رُوحَاً عَطِرَةْ
وَرُؤَى النَّفْـــسِ وَأَنْدَاءَ الأمَانِـــي النَّضِـــرَةْ
وَشُجُـــونيِ وَحَيَــــاةً باِلأَسَــــى مُسْتَعِـــــرَةْ
خَلَــــقَ الزَّهْـــرَةَ تَفْنَـــى لِتَعِيـــــشَ الثَّمَـــــرَةْ

تَذْهَـبُ السَّــاعَاتُ مِنْ عُمْــرِيَ قُرْبَانَاً لِفَنِّــي
أُتْبِــعُ المَوْجَــةَ طَرْفِــي وَلَهــا أُرْهِــفُ أُذْنِــــي
وَانْطِبَاعُ الزَّهْرِ في الغُدْرَانِ يَسْتَوْقِفُ جَفْنِي
وَانْتِفَاضَاتُ جَنَاحَيْنِ عَلَى أَوْرَاقِ غُصْـــنِ
وَلَقَدْ أَسْبَــحُ فِــي النَّغْمَــةِ مِنْ كَــوْنٍ لِكَــوْنِ
هِبَــةٌ لِلْفَــــنِّ دُنْيَــــاىَ وَرُوحِـــي غَيْــرَ أَنِّي

هَــلْ سَــأَلتَ الزَّنْبَــقَ الفَوَّاحَ عن سِـرِّ العَبِيـــرِ
مِثْلَـــهُ أُرْسِــلُ شِعْرِي إِنَّهُ فَيْــــضُ شُعُــــورِي
إِنَّـهُ آهَــــاتُ أَحْـزَانِــــي وَأَنْغَـــــــامُ سُــــرُورِي
إِنَّهُ أَنْفَــاسُ رُوحِــي وَاخْتِلاجَاتُ ضَمِيـــرِي
وُجِدَ الشِّعْرُ مَعَ الإِحْسَاسِ في أُولَى العُصُورِ
هُـــوَ فِـي الدُّنيَـــا مُدَامٌ عُتِّقَـــتْ مُنـذُ دُهُـورِ
سَبّـــَحَ الأّوَّلُ فِــي َنشْـــوَتِهَا مِثْـــــلَ الأَخِيـــرِ

صُـــوَرٌ أَحْيَـــا بِهَــا فِي عَالمَـــيِ رَغْمَ قُيُودِي
لحَظَـــاتٌ مِن حَيَـــاتِي أُودِعَـــتْ سِـرَّ الخُلُودِ
وَلَقَــــدْ تَعْبُـــرُ أَعْمَـــارَاً إِلَى غَيْــــرِ حُـــدُودِ
أَنَــا مِن نَفْسِـــي إلَِى غَيْــرِيَ يَمْتَدُّ وُجُودِي

عِنْدَمَا تَصْحُــو الحَيَـــاةُ فِي دِمَائِــي فَأُغَنِّـــي
يَنْفُخُ الإِحْسَاسُ مِزْمَارِي وََيسْرِي بَيْنَ لحَنْيِ
نَغَـمٌ مِنْ كُلِّ مَا أَشْتَـارُ مِنْ أَطْيَــافِ حُسْــنِ
تَلْتَقِـــي النَّشْــوَةُ وَالفَرْحَــــةُ فِيـــهِ وَالتَّمَنِّــــي

وَإِذَا مَا زَحَمَــتْ نفَسْـيِ شُجُـونٌ طَاغِيَـــةْ
وَتَرَامــَتْ كَالسُّيُـــولِ انْفَلَتَــــتْ مِن رَابِيَـــــةْ
وَالْتَقَـــتْ عَارِمَـــةً جَيَّاشَـــةً فِي هَاوِيَــــــةْ
فَعَزِيفِـــي هُوَ أَصْـــدَاءُ شُجُـــونٍ عَاتِيَــــــةْ

إِنْ تَلَمَّسْتُ وُجُودِي فِي لَظَـــىً مُضْطَـــرِمِ
وَتَرَاءَى بَيْــــــنَ عَيْنَـــىَّ سَـــرَابُ العَــــــدَمِ
وَدَعَتْنِـــي الرُّوحُ أَنْ أَسْمُـــوَ فَــــوْقَ الأَلَــــمِ
عَـــادَنيِ الشِّعْرُ وَكَانَتْ مِنْهُ عُلْيَـــا النَّغَـــمِ

عِنْدَمَا تَصْدَأُ نَفْسِي أَجْتَلِي وَجْهَ الطَّبِيعَةْ
أَقْبـِسُ الفَــنَّ وَأَبْغِــي نَشْــوَةً مِنْهَا رَفِيعَــــةْ
لَحْنُهَـا لحَنْــيِ مِنَ الفَجْرِ وَأَحْضَانٍ مُرِيعَـةْ
وَأَهَازِيــجِ رِيَــــاحٍ عَاصِفَــاتٍ وَوَدِيعَــــــةْ

شَارَكَتْنِي هَذِهِ الأَكْوَانُ أَفْرَاحِي وَحُزْنِـــي
فِي هَنَائِي يَحْتَسِي العَالمَ ُمِنْ نَشْوَةِ دَنِّــــي
أَرْمُقُ الدُّنْيَا فَأَلقَْى بَسْمَتِي فِي كًلِّ غُصْنِ
وَإِذَا أَظْلَمَ إِحْسَاسِي وَنَالَ الحُزْنُ مِنِّـــي
شَاعَ مِنْ نَفْسِي شُحُوبٌ وَسَرَى فِي كُلِّ كَوْنِ

مِثْلَمَا تَمْتَـــدُّ لِلرَّوْضِ هَنَـاءَاتِــي وَبُؤْسِــــــي
يَفْرَحُ الرَّوْضُ فَتَحْيَا فَرْحَةٌ مِنْـــهُ بِنَفْسِـــــي
وَيُغَنّــــِي فَتُغَنِّـــــي بيَـــنْ َأَمْـــــوَاهٍ وَغَـــــرْسِ
وَحَنَانُ العُشِّ دِفْءٌ فِي دَمِيِ يَغْمُرُ حِسِّي
وَإِذَا هُدِّمَ شَاعَتْ وَحْشَةٌ مِنْهُ بِنَفْسِـــي

لبيك أوطاني

هُنَا صَوْتٌ يُنَادِينِي نَعَمْ لَبَّيْكِ أَوْطَانِي
دَمِي عَزْمِي وَصَدْرِي كُلُّهُ أَضْوَاءُ إِيْمَانِي
سَأَرْفَعُ رَايَةَ المَجْدِ وَأَبْنِي خَيْرَ بُنْيَانِ
هُنَا صَوْتٌ يُنَادِينِي تَقَدَّمْ أَنْتَ سُودَانِي

سَأَمْشِي رَافِعَاً رَأْسِي بِأَرْضِ النُّبْلِ وَالطُّهْرِ
وَمِنْ تَقْدِيسِ أَوْطَانِي وَحُبٍّ فِي دَمِي يَجْرِي
وَمِنْ ذِكْرَى كِفَاحِ الأَمْــــــسِ مِنْ أَيَّامِهِ الغُرِّ
سأجعل للعلا زادي وأقضي رحلة العمر
هنا صوت يناديني تقدم أنت سوداني

فيا وطني سلمت غدا نحقق مشرق الأمل
سنجعل أرضنا خلدا بهيجا وارف الظل
فباسمك يعمل الصانع والفلاح في الحقل
وإن تبذل جهود فتى فخيرك غاية البذل
هنا صوت يناديني تقدم أنت سوداني

مضى عهد مضى ليل وشق الصبح أستارا
فلا ذل ولا قيد يكبلنا ولا عارا
نصون لأرضنا استقلالها ونعيش أحرارا
هنا صوت يناديني تقدم أنت سوداني

هذه الموجة

تنساح دائماً موجة التحرر إلى مدى أبعد

هذه الموجة من هذا الخضم فيضان زاخر بين الأمم
ومن الموجة فاضت لجة تكسح الذل وتجتاح الرمم
بين صيحات تعالت مثلما يقذف البركان أشلاء الحمم
والتقى التيار وانساح كما تحضن العالم أمواه الخضم
من دجا العسف بدا مولدها كانبعاث الفجر من كهف الظلم
شهد التاريخ كم من فاتح لطخ الأرض وعادى وانتقم
من جنون العسف يمشي ثملاً فاجر الإحساس تياه القدم
يغرس الشر ويسقي غرسه يظلم الحق ويدني من ظلم
ما الذي يجنيه من بركة دم غيـر بغض الشعب ما دام عزم
قد بدا من ثغره فيض السنى وطغت لجته ثم التطم
فمضى ثم مضت آثاره وكما ينهزم الليل انهزم
ومشى المحكوم نشوان الخطى يملأ الأرض حياة بالنغم
وتخطت أرضه أفراحه لشعوب ظامئات وأمم
نسمة لو مس بيداً نفحها نضر النبت ثراها وابتسم
ستظل الأرض ما دامت لها جنة الفكر ومرقاة الهمم
وإذا عانق روحا عطرها عاش للخير وتقديس القيم
أنت مني أنت إنسان إذا غمرتنا وكلانا محترم
حسب هذا العصر روح زحمت رحبة النفس وآفاق القلم
كلما امتدت فحيت أمة هتف الفتيان لبيك نعم
إنها حرية دافقة تنشر الأقطار من لحد العدم
صعدت تخشع في الدنيا لها نفس حر قدست هذا الحرم
طرب الشرق وغنى عرب وشدا الجالس في ظل الهرم
إنه حر وحريته نعمة من فيضها كل النعم
وتغنى حر أوربا بها وشعوب من بعيد وأمم
ثم دوى الطبل في إفريقيا فشجا حرا بأمريكا النغم
نغمات صعدت وامتزجت فهى لحن واحد فيه ضرم
عزف السودان لحنا خالدا من صدى الفرحة في رفع العلم
وأفقنا في سنى الصبح على طرب العيد وتجسيد الحلم
ومشى الشعب طليقا داخلا رحبة التاريخ فالقيد انحطم
بعثت فيه حياة حرة وسمت فيه وقالت لا تنم
هذه النفحة مهما حبست فهى تسري مع أنفاس النسم

إن الذي بمماته هجر الحياة وسحرها
وحياته بالحب قد كانت تمازج غيرها
يولي المحبة قومه منحوه أو بخلوا بها
ببلاده قد عاش حتى مات ينشد خيرها
ويشب نار جهادها دهراً ويرفع قدرها
يكفيه نبلاً أنه أدى الرسالة وانتهى

ألقيت في حفلة أقيمت لتكريم المجاهدين الذين سجنهم الإنجليز بالسودان في أيام اشتعال الحركة الوطنية لتحرير البلاد.

قلوب في جوانبها ضرام يفوق النار وقداً واندلاعا
يظن العسف يورثنا انصياعا فلا والله لن يجد انصياعا
ولا يوهي عزائمنا ولكن يزيد عزيمة الحر اندفاعا
سنأخذ حقنا مهما تعالوا وإن نصبوا المدافع والقلاعا
وإن هم كتموه فليس يخفى وإن هم ضيعوه فلن يضاعا
طغى فأعد للأحرار سجنا وصير أرضنا سجنا مشاعا
هما سجنان يتفقان معنى ويختلفان ضيقا واتساعاً

أصوات ترعد مدوية في نفير الجهاد

أشعلوها فلن نهون وليكن بعد ما يكون
صيحة الحر صيحة تتداعى لها السجون
في قلوب الشباب نـــــــ ـار وفي عزمه أتون
فالجهاد الجهاد ما دام في السرح غاصبون
رب يوم تظل تشـ ـدو بأصدائه القرون
كلنا عزمة فأما الأماني أو المنون

نسمة الحرية

برلمان البلاد يصرخ في وجه الاحتلال

شعب يغني يوم عيد فخاره بأجل لحن رن في قيثاره
لحن يفيض حماسة فكأنما تتناثر النيران من أوتاره
غنى به الحادي فكان نشيده وشدا به العزاف في مزماره
واليوم آمال البلاد تجمعت وتوحدت في البرلمان وداره
هتفت تطالب بالجلاء وعزمها متدافع كالسيل في تياره
لترد للوطن العزيز كرامة ديست وتمسح عنه وصمة عاره
لاحت تباشير الخلاص وأشرقت وضاءة كالفجر في أنواره
ورؤى الغد المأمول تطرب أمة عانت من المحتل واستعماره
فاليوم يطرب كل حر في الثرى رغم الفروق ورغم بعد دياره
هو عيدنا المأمول عيد كفاحنا وبداية المرجو من أثماره
هو عيدنا بل كل شعب عيده فك المصفد من قيود أساره

وداع المحتل

كلما اليوم طاح في دماء الشفق
عند تلك البطاح وتبدى الغسق
أثخنتني جراح عند ذكرى الأول
من صريع السلاح في سفوح الجبل
دمنا قد جرى وازدهى الفاتحون
جثموا في الثرى سادة يحكمون
يسلبون الورى خير ما يملكون
وقفوا مسدلين في الصباح الظلام
هدهدوا النائمين ليطيلوا المنام
أرض تلك الفلاة والربوع الفساح
تركوها موات لسوافي الرياح
أين منها النبات ونضير الوشاح
تركوا بيننا ذكرا كالقتام
وجلوا من هنا بعد طول المقام
خطوهم في التراب موشك أن يزول
أنكرته الرحاب لفظته العقول

نشيد العلم السوداني

أنت حر فامش حراً تحت خفق العلم
كالمنى أنت طليق كانبعاث النغم
أنت حر فامش حرا صاعدا في القمم
ثائرا قيدك أشلاء طليق القدم
أنت حر فامش حرا تحت خفق العلم
بالفداء بالدماء بالإخاء بيننا
قد صمدنا في النضال ننشد استقلالنا
أقبل الصبح المفدى بالحياة والمنى
أنت حر فامش حرا تحت خفق العلم
ظلمت أرضك والخلد تراءى في ثراها
راية تشمخ في الآفاق رفافا سناها
خفقها رجع قلوب نسجتها من مناها
وانتفاضات شباب يتسامى في حماها
أنت حر فامش حرا تحت خفق العلم
رفرفت فوق ضفاف كل ما فيها يروع
وربوع سال فيها صاخب الموج دفوع
ذروة للطير إن مر حواليها خشوع
صورت وثبة شعب فيه للفجر نزوع
أنت حر فامش حرا تحت خفق العلم

نضال لا ينتهي

من وحي الذكرى الأولى لعيد الحرية

ومن الشطآن هبت نسمة وإلى حرية أفضت بنا
طرب طاغ وحس مفعم وأناشيد تدوي كلنا
وبدا بين عيون ثرة ورياض زاهيات غدنا
نحن في العالم شعب طامح ومضى عام على فرحتنا
وتولى نصف قرن قبله ما جنينا منه إلا بؤسنا
بدماء وكفاح برزت من قتام الأمس حريتنا
وهى ليست حلية نلبسها بل حياة لبني أمتنا
والذي سال دم من أجله إنه أقدس قدس عندنا
أفسحوا الطرق لحريتكم تجدوا الجنة في ساحتنا
أمل الأجداد في أجداثهم لو بدا في ساحة العيد هنا
والألى قد صرعوا في كرري وأياديهم إلى صم القنا
والألى قد أطلقوا بركانهم وجحيم الظلم يعوي بيننا
غرسوا النخوة في تاريخنا بدماهم وجنينا غرسنا
جئت يا عيد بألوان الجنى والنضارات إلى سرحتنا
وتدفقت حياة فأضف هذه الكأس إلى نشوتنا
إنها الكأس التي ما ذاقها طالب النشوة إلا أدمنا
نشوتي من سكر قومي وعلت كل ما يرهق حسي من ضنى
رفرفت في كل قلب بهجة تشبه الخفاق في ذروتنا
لك نرجو كل يوم ظفرا في حياة الناس يا رايتنا
نحن قوم ما تراءى بيننا حسن إلا نشدنا الأحسنا
بدت الغابة فلننشيء لها مثلا قومية تدفعنا
كل معيار لدينا معلم للذي يضمره الغيب لنا
فاجعلوا التقدير منصبا على مثل تحرس مستقبلنا
إنها جند إلى أجنادنا وسلاح لحمى نهضتنا
إصدحي يا نفس في فيض السنى وانسجي سحر المرائي حولنا
نحشد اليوم لذكرى ظفر كم دم سال له من حشدنا
وسيجني كل بيت ثمرا مثلما ضحى له في أمسنا
أمس صوت القوم دوى ههنا ليدوي الطرق في مصنعنا
ولكى يجري بماء دافق ونضير النبت في أربعنا
ولديننا يمحي الخوف بها ولعلم ولمجد يبتنى
يرجع الغازي بسخط ودم ولقد عدنا بما يسعدنا
وسلاح الحق أمضى هكذا قال ما دوت به جارتنا
يومنا ذكرى كفاح ومنى تحشد البهجة في حاضرنا
وسنمضي وسنمضي قدما وسننفي كل ما يثقلنا
عد إلينا أيها العيد غدا بالذي ننشده في غدنا

جنوب الحرب

قد كان مسقط رأسها بالغاب في أولى السنين
وترعرعت لما تغذت من دماء الأولين
والآن تكلؤها وترعاها علوم المحدثين
تبدو بوجه تقشعر له جسوم الناظرين
عكست ملامحه الخرائب والضحايا الهامدين
وجه يبث من الكآبة كا إحساس دفين
صدمت دمامته وقسوته نفوس الآمنين
أخذت على الناس الطريق فقابلوها محنقين
من كل أهل الأرض من كل الشعوب وكل دين
ولسوف تصرعهم إذا لم يصرعوها مسرعين
برز الخطيب منفخا أوداجه مستكبرا
قال اعلموا يا قوم أنا خير من وطيء الثرى
خوضوا المعارك فاتحين ودوخوا من أنكرا
بثوا المخافة وارفعوا بالسيف هذا العنصرا
إنا نعد لكل من يرتاب موتا أحمرا
إنا خلقنا قاهرين وغيرنا مستغفرا
وانساب موج الجيش والتقت الجحافل بالجحافل
حتى إذا انحسر الوغى عاد الجنود بغير طائل
ما خلفوا غير الضحايا واليتامى والأرامل
غير المشوه والحزين وغير أطلال المنازل
وإذا نظرت نظرت للمرأى الكئيب وأنت ذاهل
نظر المظفر للدماء وللخرائب وهو ساكر
قال ارجعوا يا قوم بالأمجاد إن النصر باهر
ولقد ملكتم غيركم بين البطولة والمفاخر
شتان شتان الألى صاروا لقومهم فداء
ليخلصوا أوطانهم من كل ذل أو شقاء
للعيش في حرية وليرفعوها للسماء
والخائضين الحرب من أجل المطامع والدماء
ليس الخراب بطولة إن البطولة في البناء

نشيد لجامعة الخرطوم

أغمري الوهاد والنجاد والمهاد بالسنى
يا منار العلم والعلم حياة شعبنا
في هدى الفكر ادفعي الجيل لنبني غدنا
أنت للشرق وللدنيا كما أنت لنا
إن في الأعماق صوتا صاح يا حر تقدم
أنا حر ودمائي من حماس يتضرم
وسأبني مجد قومي هاهو القيد تحطم
يا حمى الفكر وفي الفكر حياة وخلود
رمز إنسانية لم تدر ما معنى الحدود
حرري الأجيال من أغلال جهل وجمود
وارفدي من فيضنا مجمع أنهار الوجود
خرجي في كل فن وابعثيهم رسلا
وانشدي للوطن الباقي ازدهارا وعلا
جمعت آماله فيك فصارت أملا
غمرتنا هذه الدار إخاء وسلاما
ألفت بين عقول تمنح الفكر احتراما
وروت من خلق العلم نفوسا تتسامى
تكبر البحث وتمشي في هدى العلم دواما
ولدت كالفجر في مولد سودان جديد
وستحيا وسيحيا هو حرا في صعود
فاسعدي يا موطن العلم ويا أرض الجدود

رحلة النيل

النيل الخالد في رحلته نحو المصب عبر المدن والمغاني والعصور

النيل من نشوة الصهباء سلسله وساكنو النيل سمار وندمان
وخفقة الموج أشجان تجاوبها من القلوب التفاتات وأشجان
كل الحياة ربيع مشرق نضر في جانبيه وكل العمر ريعان
تمشي الأصائل في واديه حالمة يحفها موكب بالعطر ريان
وللخمائل شدو في جوانبه له صدى في رحاب النفس رنان
إذا العنادل حيا الليل صادحها والليل ساج فصمت الليل آذان
حتى إذا ابتسم الفجر النضير لها وباكرته أهازيج وألحان
تحدر النور من آفاقه طربا واستقبلته الروابي وهو نشوان
تدافع النيل من علياء ربوته يحدو ركاب الليالي وهو عجلان
ما مل طول السرى يوما وقد دفنت على المدارج أزمان وأزمان
ينساب من ربوة عذراء ضاحكة في كل مغنى بها للسحر إيوان
حيث الطبيعة في شرخ الصباولها من المفاتن أتراب وأقران
وشاحها الشفق الزاهي وملعبها سهل نضير وآكام وقيعان
ورب واد كساه النور ليس له غير الأوابد سمار وجيران
ورب سهل من الماء استقر به من وافد الطير أسراب ووحدان
ترى الكواكب في زرقاء صفحته ليلا إذا انطبقت للزهر أجفان
وفي حمى جبل الرجاف مختلب للناظرين وللأهوال ميدان
إذا صحا الجبل المرهوب ريع له قلب الثرى وبدت للذعر ألوان
فالوحش ما بين مذهول يصفده يأس وآخر يعدو وهو حيران
ماذا دهى جبل الرجاف فاصطرعت في جوفه حرق وارتج صوان
هل ثار حين رأى قيدا يكبله على الثرى فتمشت فيه نيران
والنيل مندفع كاللحن أرسله من المزامير إحساس ووجدان
حتى إذا أبصر الخرطوم مونقة وخالجته اهتزازات وأشجان
وردد الموج في الشطين أغنية فيها اصطفاق وآهات وحرمان
وعربد الأزرق الدفاق وامتزجا روحا كما مزج الصهباء نشوان
وظل يضرب في الصحراء منسربا وحوله من سكون الرمل طوفان
سار على البيد لم يأبه لوحشتها وقد ثوت تحت ستر الليل أكوان
والغيم مد على الآفاق أجنحة ونام في الشط أحقاف وغدران
والليل في وحشة الصحراء صومعة مهيبة وتلال البيد رهبان
إذا الجنادل قامت دون مسربه أرغى وأزبد فيها وهو غضبان
ونشر الهول في الآفاق محتدما جم الهياج كأن الماء بركان
وحول الصخر ذرا في مساربه فبات وهو على الشطين كثبان
عزيمة النيل تفني الصخر فورتها فكيف إن مسه بالضيم إنسان
وانساب يحلم في واد يظلله نخل تهدل في الشطين فينان
بادي المهابة شماخ بمفرقه كأنما هو للعلياء عنوان

وفد البيان

ألقيت في تكريم وفد الصحافة السوداني ببيت السودان بالمبتديان بالقاهرة في أيام استعار الحركة الوطنية.

ياوفد حياك الربيع وطالما أسر المشاعر زاهياً مترنما
ملأ الخمائل والشواطيء والربى شعرا وأطرب بالنشيد وألهما
ما هز أعواد المنابر قائل أو مس أوتار الشعور وهوما
إلا حكى لحن الربيع وسحره أو كان عن سحر الربيع مترجما
أنا ما نظمت الشعر يوم لقائكم لكنما طربي طغى فتكلما
حيتك يا وفد البيان خواطر نشوى تطوف حول ركبك حوما
يهفو لمقدمك الشباب مرددا لحنا بقيثار النفوس منغما
وهج الجهاد يشع من أقلامكم فيزيد من عزم الشباب تضرما
وإذا الحوادث أرعدت وتلبدت سحبا وأغطش ليلها وتجهما
إني لأبصر في ضياء وجوهكم فجرا ينير لنا الطريق المعتما
باغ يظن قواه توهن عزمكم ساءت مآربه وساء توهما
كم وقفة ميمونة كانت لكم دوى صداها بين أرجاء الحمى
وطنية سنعد من نيرانها للمعتدين على الحقوق جهنما

السودان

ثابت الأقدام يمشي في وثوق للحياة للحياة
الجلال الحق والعزة تمشي في خطاه في خطاه
صارم العزم أبي صوته صوت الإله الإله
صيحة الحر صداه
والحياة والخلود ملك من يمضي فداه للحياة للحياة
قف تأمل هاهو الظافر يجتاز السدود
رددت أنغامه الدنيا وحياه الوجود
تنثر العلياء في أقدامه أبهى الورود
صيحة الحر صداه والحياة والخلود ملك من يمضي فداه للحياة للحياة
موكب الآمال يحدوه إلى جيل سعيد
وابتسامات الغد المشرق تبدو من بعيد
إنه السودان يخطو في سنى العهد الجديد
صيحة الحر صداه
والحياة والخلود ملك من يمضي فداه للحياة للحياة

أنت إنسان

أنت إنسان بحق وأنا بين قلبينا من الحب سنى
كل يوم صور عبر الطريق تزحم النفس بها ثم تفيق
ليس ما هزك حسا عابرا إنه في الصدر إحساس عميق
هو إنسانية قد وصلت كل نفس بك في ربط وثيق
إن رأيت الشيخ يرعاه السقم أترى في النفس شدوا من نغم
أم إلى صدرك يمتد الألم أنت إنسان بحق وأنا
وإذا ما اندفع الطفل اللعوب لعنق الأم من بعد وثوب
أولا يغمرك الحس الطروب أنت إنسان بحق وأنا
هذه النفحة تسمو في نفوس الأنبياء
وهى في المصلح تنساب حياة في الدماء
وهى للخير طريق وهى للحب نداء
وإذا ما سقط الطير الجريح وهو مخضوب على الأرض طريح
يضرب الأرض بريش ويصيح حوله زغب من الطير تنوح
وتلمست بجنبيك الجروح فبحق أنت إنسان وروح

فجر من الصداقة

أنت إنسان وهذا نسبي وسنحيا في إخاء دائم
بدمائي أشرقت حريتي وبعون من شعوب العالم
وهى ليست لى وحدي إنها لحمى العدل ودفع الظالم
إن أصن حريتي في وطني صنت غيري من طماح الداهم
قد توحدنا معا في حلم يغمر الأرض بفجر باسم
في مدى أرقى وسلم راسخ تلتقي آمال كون حالم
وطريق المجد في أن نبتني ليس في تحطيم صرح قائم
بسمة الفجر اسفري عن عالم تتآخى فيه آمال الشعوب
عالم يبغض أطماع القوى والدم المسفوح في ساح الحروب
يصل الناس بحب شامل ويبث الأمن في كل القلوب
همه دفع القوى لا هدمها كلما استجمع شعب للوثوب
إنه ليس بدنيا شاعر طاف في واد من الوهم رحيب
إنه الآمال قرت في الثرى لنراها وقعا غير مشوب
حيت الأرض تباشير له تبعث البهجة في الحسن الطروب
لحياة يشرق البشر بها ولدنيا تمحي فيها الكروب
عالم يشهد فيه المعتدي غضبة تسري إلى كل مكان
والذي ينشده من مغنم كله يمضي ويطويه الزمان
ساد رأي الناس فيه إنه في حياة الناس ظل للأمان
عادل إن خضع الكون له رفرف السلم عليه كل آن
ما يريد الكون من تجربة ترجع الإنسان دهرا للوراء
فالذي يبذله من طاقة مستحيل لدمار ودماء
وصداقاتي وإنسانيتي تتوارى في خراب وعداء
نظرة للأمس تبدي صورا تثقل الحس بسفك الأبرياء
حسبنا تلك المآسي ولنكن عالما متجها نحو النماء
من ضمير الناس دوت صيحة أمم العالم عيشي في رخاء

روح السودان

وطن روحه من معان وضياء
طهره كالسنى أرسلته السماء
يدفع الناس نحو العلا والمضاء
في طريق الخلود طريق البناء
روحه اعتصرت من شذى من سناء
من بطولات أمس جرى في الدماء
صحف بالرجولة فاضت ملاء
وأماني غد حافل بالنماء
من كمال الإباء ونبل الوفاء
وجمال الإخاء وحب الفداء
وسمو ولكن بغير انتهاء
عكست فيه إنسانية الأنبياء
مزجت فيه وانبثقت كالضياء
وطن روحه للترقي حداء
وصفات العلا منحته النقاء
وإذا المارقون كفروا بالنقاء
ومشوا يلبسون صفحات الهجاء
إنهم غيره وهو منهم براء
هم وجوه احتلال طواه العفاء

الفجر المرتقب

ألقيت القصيدة بالمهرجان الأدبي بالأبيض سنة 1945 وأحرزت جائزته وضاع جزء كبير منها.

أمة للمجد والمجد لها وثبت تنشد مستقبلها
رو نفسي من حديث خالد كلما غنت به أثملها
من هوى السودان من آماله من كفاح ناره أشعلها
أيها الحادي انطلق واصعد بنا وتخير في الذرى أطولها
نحن قوم ليس يرضي همهم أن ينالوا في العلا أسهلها
وقريبا يسفر الأفق لنا عن أمان لم نعش إلا لها
إنه الفجر الذي يصبو له كل ملهوف تمنى نيلها
لكأني بالعذارى نهضت وبناء الجيل أمسى شغلها
بهوى السودان غنت لحنها وأدارت باسمه مغزلها
نهضة نادت فتاة حرة وفتى كى يحملا مشعلها

صوت الجزائر

يهتز وقعك في المشاعر ياصوت أحرار الجزائر
لحن إذا مس الشعوب فكل من في الأرض شاعر
صوت تجمع في انبعاث دويه صوت الضمائر
هم والقوى وبصفكم كل الجموع فمن يكاثر
حشدت قلوب إنما جيش القلوب أجل ناصر
غضب تعالى جارفا عبر المدائن والدساكر
جثموا بأرضك غاصبين ومهدوها للمهاجر
ماذا يقال لهم وحقك كانبلاج الصبح سافر
أين المباديء أين ما غنى به أمس الأكابر؟
هم في سبيل بقائهم عقوا أبوة كل ثائر
هيهات للمحتل أن ينزاح إلا وهو صاغر
إن يقمعوا فدوي لحنك في القلوب له قياثر
وإذا تكاثفت الخطوب فللخلاص هى البشائر
إن العروبة في العروق دم لهذا الخطب فائر
لان الحديد خبا اللهيب أمام عزمك فهو قاهر
ما دام ملء الصدر إيمان فما الطغيان قادر
تحرير أرضك منه عندك من مقدسة الشعائر
نحتوا الضغائن في القلوب لتسلموها للأواخر

في وجه العدوان

بي ما بصدرك يا مصريّ من لهب وشجية الحق والتاريخ والنسب

عم البلاد ذهول لا تحدده حدود أرض ومشبوب من الغضب

هذا الدم الفائر المهتاج نبعثه ناراً ونحرق منه كل مغتصب

بدا على مشهد من كل ذي خلق ظلم صريح وحق غير محتجب

لا عيش للناس في دنيا طرائقها من شرعة الغاب لا من شرعة الكتب

إن الحقوق حمى تحمي قداسته مشاعر الناس من عاد ومنتهب

فعالم اليوم جسم واحد وسرى فيه الأسى سريان الحس في العصب

شب الصراع ولولا حكمة بقيت في الكون لامتد في الدنيا سرى اللهب

وحكمة الكون مادامت مسيطرة لا حرب أخرى فذكر الأمس لم تغب

فيها دمار وجهد ضائع ودم وما تشاء من الأهوال والريب

يا مصر بددت أحلام الغزاة ضحى وخايلت وهمهم أمنية الغلب

قداسة الحق داسوها بأرجلهم حتى جرى دمها في كل منسرب

وكم دم تصدم الدنيا بشاعته فيجرف الناس في سيل من الغضب

يحمي الحياة لهذا الجيل فيك وفي كل الشعوب ويضفي السلم في حقب

والناس رغم فروق الجنس كلهم للحق أجناد جيش صاخب لجب

إن يحكم الأرض رأي الناس لست ترى بها مكاناً لظلم لا ولا رهب

أتى لنصرك شتى حسبهم صلة بغض لظلم وإنسانية النسب

نازلت يا مصر من راموك واعتسفوا ونحن بين شديد السخط والعجب

كل العروبة لما مس إخوتهم بأس المغير سعوا في نخوة العرب

وهز ما رسب التاريخ في دمهم من البطولة والأمجاد في الحقب

عروبة وحدة الإحساس تجمعها كما التقت في اتحاد الأصل والحسب

ونحن يا مصر شعب من خلائقه بغض التجني ورثناه أباً لأب

وكم يد لك في ماضي الكفاح بنت لنا الحياة فما ننساك في كرب

وبورسعيد نشيد ملء صفحته بطولة وحماس دافق عربي

وكل ساكنها أجناد معركة وطفلها في الوغى ينقض كالشهب

ما راعها زاحف يصلي شوارعها ولا الردى هابطاً من مربض السحب

ولا البوارج فوق البحر تقذفها والنار تنصب من بعد وعن كثب

ولا حياض دم المستشهدين بها وما تبدى من الأطلال والعطب

ما راعها بل أثار النار في دمها فأوردت ظالميها شر منقلب

وكل أرض تراءت بورسعيد بها وانتاب ساكنها قاس من النوب

لو أدركوا قيمة الإنسان ما جمحت بهم لمقتل حر نزوة الأرب

وما يساوي الذي تحوي خزائنهم مجرى دم واحد في الأرض منسكب

وشعلة الحق من ينفخ ليخمدها يزد توهجها وقداً ولا يصب

بنو الفداء بنو مصر وما سكنوا يوماً لضيم وحيا المجد كل أبي

وخير ما ورث الآباء في وطن بالأرض حرية الأوطان للعقب

لحن الفداء

نشيد للجنود السودانيين

إذا ردد القوم لحن الفدا وثبنا سراعا وكنا صدى

وسرنا صفوفاً نلاقي الردى ولو كان حوض الردى موردا

أعاهد قومي وهذي يدي على أن أذود وأن أفتدي

حماى المقدس من مولدي حرام به قدم المعتدي

جرى في دمائي ثبت الجدود وحب الردى تحت خفق البنود

كسور وقفنا لنحمي الحدود كفانا من الفخر أنا جنود

إذا الأرض دوت بقصف اللهب تذكرت في موجها الملتهب

بطولات قومي وراء الحقب فأذكى دمي وقدها الملتهب

بلادي التي عشت في ظلها حياتي وحبي وعزمي لها

بصدري ألاقي العدى قبلها وأستقبل الموت من أجلها

وأدفع عن أرضها كل شر ليشرق فيها الغد المنظر

رجال ولسنا نهاب الخطر وفي وجهنا لمحات الظفر

وما كان يوماً هوانا الدم ولكن نحارب من يظلم

إذا رام ساحتنا مجرم رأى الموت من حيث لا يعلم

الشعر والحياة

الشعر من نبع الحياة ووحيه من كل حي زاخر بوجودها

صور الوجود خميلة في شوكها في أغصن تمتد خلف حدودها

والوحل فيها والجداول ثرة والماء يجري في نضارة عودها

وأكف أوراق يصافحها السنى في نشوة والشعر نفح ورودها

يحيا طليقاً والحياة طلاقة ورسالة الشعراء حطم قيودها

لقاء القاهرة

أالقاك في سحرك الساحر منى طالما عشن في خاطري

أحقاً أراك فأروي الشعور وأسبح في نشوة الساكر

وتخضل نفسي بمثل الندى تحدر من فجرك الناضر

تخايلني صور من سناك فأمرح في خفة الطائر

تخايلني خطرة خطرة فما هى بالحلم العابر

ويحملني زورق الذكريات الى شاطيء بالرؤى عامر

غداً نلتقي وغداً أجتلي مباهج من حسنك الشاعري

وأصغي فأسمع لحن الحياة في الروض في فرحة الزائر

وفي ضجة الحي في زحمة الطريق وفي المركب العابر

وفي القمر المستضام الوحيد تخطئه لمحة الناظر

تطالعني بين سحر الجديد تهاويل من أمسك الغابر

وتبدو خلاصة هذا الوجود من عهد مينا إلى الحاضر

سألقاك في بسمات الربيع وما شاء من حسنه الآسر

يقسم بهجته في النفوس ويطلق أجنحة الشاعر

وينفخ من روحه جذوة تشع في مجتلى الناظر

ويسمعني نبضات الحياة في الطل في الورق الثائر

صنعت البشاشة من روضك البهيج ومن نفحه العاطر

وصغت من الزهر من طيبه سجايا من الخلق الطاهر

شباب شمائله كالمدام توقد في القدح الدائر

وتكمن في روحه قوة كمون التوثب في الخادر

تمايل من طرب مركبي وجاشت منى قلبه الزاخر

وقد جد يطوي إليك السهول ويعلو وينصب من حادر

يسير وطيفك في خاطري يقصر من ليله الساهر

وبي فيه من لفحات الحنين كما فيه من لهب مائر

يسايرني النيل إلا لماماً فيفلت من بصر حائر

ولكن مع النيل يجري شعوري ويطفح في موجه الفائر

وتهزج روحي له ساجياً وتعنو لتياره الهادر

ظلمات وشعاع

إذا مت لا تحزني إنني تراب يعود إلى بعضه

لقد جعلتني ليالي العذا ب ألذ الممات على بغضه

وما كان عيشي هنيئاً فأذ كر ما كان بالأمس من غضه

ولكن في النفس معنى الرجو لة يحتمل المر من محضه

وفلسفتي في الظلام الكثيـ ـف ترى لمحة من سنى ومضه

في ركاب الأمل

أقلت الطائرة صاحب الديوان من الخرطوم إلى القاهرة فألفها وهو في الطائرة.

أملي وهبت لى الحياة وكنت في سجن الألم

أطبق جناحك قد بلغت فهذه أرض الهرم

حلقت بي متهادياً وبدت رؤى هذا الحرم

وأراك تجري في الشعور وتستحيل إلى نغم

وبدا صباح فيه تمتزج الحقيقة والحلم

وتحجبت عني الحياة بعيدة حتى ابتسم

لم يدنها شعري ولا لهب بجنبي اضطرم

ما ضعضعت عزمي الخطوب ولا تهالك وانقسم

وأكاد أحسبه كعزمك حين يقذف بالحمم

للبحر يقذف بالعدو وان تشبث واعتصم

لم ننس أيام الكفاح وما أزحت من الألم

يا مهجراً للأنبياء وقبر سائر من ظلم

هذا ركابي قر فيك ولست غير فتى برم

والأرض أفسح ما تكون لم تحل به النقم

طريق الحياة

نمشي على الدرب الطويل ولا يطيب لنا مدى

إن الحياة بسحرها نغم ونحن لها صدى

من مات فيه جمالها فمقامه فيها سدى

كم عاشق لسعادة ضل الطريق وما اهتدى

نزعوا إلى الحيوان يلتمسون منه سنى الهدى

هي فيك وهى رضاك عنك ففيم تبحث أبعدا

خلود الشعر

كم قصور قد كن سحر المآقي ورياض مخضلة الأوراق
وملوك كانوا على الأرض جبارين والجالسون في إطراق
وجيوش تلاحمت والتقى الأبطال بين الإرعاد والإبراق
وكؤوس قد أترعت بسلاف في لقاء العشاق بالعشاق
ألهمت كل هذه شاعر الأمس فغنى كازاخر الدفاق

أين سحر القصور والجيش والجبار أين الندمان أين الساقي

قد محا كل هذه موكب الأزمان حتى الصخر المشيد الراقي

سحق الدهر كل ما ألهم الماضين شعراً وهاهو الشعر باقي

خالد الشعر ما توثق بالنفوس ومد الجذور في الأعماق

وهو ابن الحياة والحس لم يمنح خلوداً لصنعة وطباق

الشرق يتذكر

ملحمة للمد العربي

ألقيت في المهرجان الأدبي في الخرطوم سنة 1943

خطوات الزمان في الأحقاب ساحر وقعها بتلك الرحاب
رن في نفسه صداها فغنى بنشيد من اللحون العذاب

صوت من وراء القضبان

عـلى الخطب الـمـريعِ طـويتُ صدري وبحتُ فلـم يفدْ صمتي وذكري

وفـي لُـجج الأثـيرِ يذوب صـوتي كـساكب قطرةٍ فـي لُجّ بحـــــر

دجى لـيلـي وأيـامـي فصولٌ يؤلّف نظـمُهـا مأسـاةَ عـمــــــري

أُشـاهد مـصرعـي حـيـنـاً وحـيـناً يـخـايلنـي بـهـا أشباحُ قبري

وفـي الكـون الفسـيح رهـيـنُ سجنٍ يلـوح بـه الردى فـي كلّ شِبر

وأحـلامُ الخلاصِ تشعّ آنـاً ويـطـويـهـا الردى فـي كلّ سِتــر

حـيـاةٌ لا حـيـاةَ بـهـا ولكنْ بقـيّةُ جذوةٍ وحطـامُ عـمـــر

خطـوبٌ لـو جهـرتُ بـهـا لضقت بـهـا صـورُ الـبـيـانِ وضـاق شعري

جهـرتُ ببعضهـا فأضف بثّي بـهـا ألـمـاً إلى آلام غــــيري

كأنـي أسمع الأجـيـالَ بعدي وفـي حَنَقٍ تُردّد هـولَ أمري

يـقـلّبنـي الفِراشُ عــــــــــــــلى عذابٍ يـهـزّ أسـاه كلَّ ضمـــــــــــــيرِ حُرّ

تطـالعـنـي العـيـونُ ولا تـرانـــــــــي فشخـصـي غـيّرتْه سنـيـنُ أســـري

يصـمّ صلـيلُ هـذا القـيـدِ سمعــــي وفـي الأغلال وجـدانـــــي وفكري

وأيـن الأمـنُ حتى مـن حـيـاتــــــي فقـد فـنـيـتْ ومـا خطبـــي بسِرّ

وتسلـبنـي الكرى إلا لـمـامــــــاً يـدٌ مـن حـــــــــيث لا أدري وأدري

وفـي جنـبـيَّ إنســانٌ وروحٌ وحـبُّ النـاسِ فـي جنـبـيَّ يســــــري

وقـاكِ اللهُ شـرّاً يـا بـــلادي سـرتْ نـيرانُه لـحصـاد عـمــــري

يـنـازعـنـي الـحـيـاةَ وفـي ضلـوعــي هـوًى ضجّتْ بـه خـفقــتُ صدري

وأيـامـي تَسـاقط مـن حـيـاتـــي كــأوراقٍ ذوتْ والريــحُ تذري

تَطـامـنَ دوحُهـا وهــوى مُكِبّاً وأجفـــلَ عـنــه تـيّارٌ بنهـــــر

وهُدِّمَ مؤنسُ الأعـشـاشِ فـيه فلـم تهـزج له أنغــامُ طـــــير

ولستَ تـرى حـوالـيه رُواءً ولكـنْ وحشةً وذبـولَ زهــر

يغالـب محنـتـي أملٌ مُشِعٌّ وتحـيـا فـي دمـي عَزَمـاتُ حُرّ

أنت إنسان

أنـت إنسـانٌ بحقٍّ وأنـــــــــــا بـيـن قـلـبـيـنـا مـن الـحــــــــبّ سنى

كلَّ يـومٍ صـورٌ عبرَ الطريــــــــــقْ تزحـم النفسَ بـهـا ثُمَّ تفـيـــــــــــــقْ

لـيس مـا هـزّكَ حِسّاً عـــــــــــــــابراً إنه فـي الصدر إحسـاسٌ عـمـيــــــــــــق

هـو إنسـانـيّةٌ قـد وصلــــــــــــــــتْ كلَّ نفسٍ بكَ فـي ربطٍ وثـيــــــــــــــــق

إن رأيـتَ الشـيـخَ يرعـاه السقــــــــــمْ أتـرى فـي النفس شَدْواً مــــــــــــن نَغَم

أم إلى صدركَ يـمتدّ الألـــــــــــــــمْ أنـتَ إنسـانٌ بحقٍّ وأنـــــــــــــــــــا

وإذا مـا اندفعَ الطفلُ اللعـــــــــــوبْ لعـنـاق الأمِّ مـن بعـد وثـــــــــــــوبْ

أَوَ لا يغمـركَ الـــــــــــــــحِسُّ الطروبْ أنـتَ إنسـانٌ بحقٍّ وأنـــــــــــــــــــا

هـذه النفحةُ تسمو في نفـوس الأنـبـيـاءْ وهي في المصلح تنسـاب حـيـاةً فـي الـدمـاء

وهـي للخـير طريـقٌ وهـي للـحـبّ نداء وإذا مـا سقط الطـيرُ الجـــــــــــــريحْ

وهـو مخضـوبٌ عــــــلى الأرض طريحْ يضرب الأرضَ بريشٍ ويصـــــــــــــــيحْ

حـوله زُغْبٌ مـن الطـير تـنـوح وتَلـمّستَ بجنـبـيكَ الجــــــــــروحْ

فبحقٍّ أنـتَ إنســـــــــــانٌ وروحْ

نومة الراعي

فـي مـرقـدٍ طـافت بـهِ الْــــــــ أحـلام ُمشـرقةَ الصــــــــــــــــــــورْ

للنـوم قـد أسلــــــــــــــــــــمتَ رَأْسَكَ مطمئنّاً للقــــــــــــــــــــــــدر

سـال الشعـاعُ مـن الغُصـــــــــــــــــونِ عـلى جـبـيــــــــــــــــــنكَ والخدر

وغرقتَ فـــــــــــــــــــــــي نَسَمٍ تَعَوْوَدَ حـمـلَ أنفـــــــــــــــــــاسِ الزَّهَر

أغنـامُكَ الـمـرحـاتُ تَقْـــــــــــــــــــفزُ فـي الروابـي والــــــــــــــــحُفر

كـم وَقّعتْ أقـدامُهــــــــــــــــــــــا فـي الأرض أنغامَ الــــــــــــــــــمطر

هـي كلُّ هـمّكَ فـي الـحـيــــــــــــــــاةِ، وجُلّ مـا لكَ مـــــــــــــــــــن فِكَر

وإذا صحـوتَ عـمدتَ لِلْـــــــــــــــــــــلَهْوِ الـبسـيـطِ وللسَّحــــــــــــــــــر

مزمـارُكَ الـمسحـور يَنْــــــــــــــــــــفثُ مـا بنفسكَ مـــــــــــــــــــن أثرِ

وهـنـاك مـوسـيـقى الخَرِيـــــــــــــــــرِ، تَرفّ خـالـدةَ الــــــــــــــــــبُشَر

فـاسمعْ لأنغام الطبـيــــــــــــــــــــعةِ، مـازجتْ لـحنَ الـــــــــــــــــبَشَر

والزهـرةُ العذراء تَنْـــــــــــــــــــــظرُ للـتدفّق فـــــــــــــــــــــي خَفَر

هـو عـالـمٌ عـــــــــــــــــــــن حسنهِ يـوحـي الجـمـالَ الــــــــــــــــمبتكر

مُتجـدّدٌ فـي خـــــــــــــــــــــــاطري رغمَ الـمعـادِ مـن الصـــــــــــــــــور

دنـيـا يشـيع بـهـا الرضـــــــــــــــا وتكـاد تجهل مـــــــــــــــــــا الخطر

ونزعتُ أحـيـانـاً لهــــــــــــــــــــا لكـن بجنـبـيَّ الـــــــــــــــــــــحضر

وبخـاطري مـثلُ الجهــــــــــــــــــــادِ، ومـا قـرأتُ مـــــــــــــــــن السِّيَر

ورأى السعـادةَ فـي كِفــــــــــــــــــاحِ العـمـرِ ضنَّ أو ازدهــــــــــــــــــر

ولى المساء الواله المحزون في جـوف الضباب
و أنا اهيئ زيـنتـي و اعد مفتخـر الثياب
آمـلا لقياك الحبـيـب و يصـدنـي زهو الشباب

أمسـي مـضـى بين التحسر والأنـين
و وسـادتي بـلـلتـها بالدمـع و الدمـع السخـيـن
مـع تباشير الصبـاح و بسمة الفجر الأميـن
غنـيـت مـثـل الطـيـر
فـرحا فـي ريـاض العـاشـقيـن

تـسرى النسائم عذبة و أنا اهيم بلا ملال
و تقودني الآمال في دنيا المباهج و الخيال
وهناك أرقد في الرمال ولا أرى غير الرمال

غدا أذوب مهجتـي في حر أنفاس الغرام
ارنو اليك وا لوعتي ظمأ تأجج في ضرام
و أبيت أعشق في الدجى طيفا ينادى في منام
أنا لن أعيش (..) بحبه أنا غـيـر أحبابي حطام

غدا نـكون كـما نـود و نـلتـقي عـند الغروب
غـدا تجـف مـدامـعـي و تزول عن نفسي الكـروب
غدا تعود مـبـاهجـي
غـدا حـبـيـبـي حـتـما يعـود!

بخت الرضا

ماذا اري ابدت ديارك ام بدى امل النفوس على ذراك مشيدا ؟
تم اللقاء ونلت ما اصبو له وغدوت افرح ما اكون واسعدا
اما الديار فقد ملكن مشاعري ورايت فيهن الجلال مشيدا
لله اياما كان عهـودها زهر تمدد فى جوانبه الندى
ابقت لنا ذكرى نشاهدها رؤى فى موكب الماضي ونسمعها صدى
ايام كنت اعيش فى ربوعها حر الفؤاد ولا اعيش مقيدا
يا قبلة الوطن العزيز ومعهدى هل كنت الا للهداية معهدا
بالمجد فزت وانت فى شرخ الصبا بشراك بالمستفبل الزاهى غدا
بالفخر والشرف الذي احرزته قام الجميع مهنئا وممجدا
يا مرحبا بالمهرجان فانه يوم سيبقي فى النفوس مخلدا
سارت به الركبان فى طرقاتها وانساب لحنا فى الشفاه مرددا
مستلهما همم الرجال وعزمهم حتى اقام الوافدين واقعدا
يا معهدا علم الجهاد بكفه اليمنى وباليسرى مصابيح الهدى
كنز البلاد هنا هنا ابناؤها والعاملون غدا اذا حق الغدا
اكبادها تمشي على وجه الثرى جائت اليك بهم لترجعهم غدا
خفت اليك وفوضت اليك امرهم لما رات فيك الحكيم المرشدا
ابناؤك الغر الكرام شهرتهم فى وجه عادية الزمان مهندا
جائت تحييك الوفود فحيهم مدت اليك يدا فمد لها يدا
جائتك من طول البلاد وعرضها وسعت لارضك عندما روى الندى
فانظر لعيدك كيف قرب بيننا عدنا اليك وعاد فيك المنتدى
لسنا جنودك وحدنا كل الذى شد الرحال اليك صار مجندا
ما كنت موقوفا علينا وحدنا فالنيل انت وكلنا يشكو الصدى

في ربيع الحب

فى ربيع الحب كنا نتساقى ونغنى
نتناجى ونناجى الطير من غصن لغصن
ثم ضاع الأمس منى
وانطوى بالقلب حسرة

اننا طيفان فى حلم سماوى سرينا
واعتصرنا نشوة العمر ولكن ما ارتوينا
انه الحب فلا تسأل ولا تعتب علينا
كانت الجنة مأوانا فضاعت من يدينا
ثم ضاع الامس منى
وانطوى بالقلب حسرة
أطلقت روحى من الأشجان ما كان سجينا
أنا ذوبت فؤادى لك لحنا وأنينا
فارحم العود اذا غنوا به لحنا حزينا
ثم ضاع الامس منى
وانطوى بالقلب حسرة
ليس لى غير إبتساماتك من زاد وخمر
بسمة منك تشع النور فى ظلمات دهرى
وتعيد الماء والأزهار فى صحراء عمرى
ثم ضاع الامس منى
وانطوى بالقلب حسرة

شاء الهوى

شاء الهوى أم شئت أنت
فمضيت في صمت مضيت
أم هز غصنك طائر
غيري فطرت إليه طرت
وتركتني شبحاً أمد
إليك حبي أين رحت
وغدوت كالمحموم لا أهذي
بغير هواك أنت
أجر .. أفر .. أتوه .. أهرب
في الزحام يضيع صوت
واضيعتي أأنا تركتك
تذهبين بكل صمت
هذا أوانك يا دموعي
فاظهري أين اختبأت
فإذا غفوت لكي أراك
فربما في الحلم جئت
في دمعتي في آهتي
في كل شيء عشت أنت
رجع الربيع وفيه
شوق للحياة وما رجعت
كوني كنجم الصبح
قد صدق الوعود وما صدقت
أنا في انتظارك كل يوم
ها هنا في كل وقت

رسالة من إدريس جماع الى التيجاني يوسف بشير

بـِا ْسم مَن سوَّاك موَّار المشاعر
وبرَى نفسَـك للأنواء ِ والطـُّرق العواثِـر
باسْمِهِ الرَّحمن ِ أبدا ْ
بالرَّحيم ِ البرِّ جبَّـار الخواطِـرْ
وعلى طه صلاتي وسلامي
ثــُمَّ مِـن بعدُ التحيَّـة
عدَّ ما حنَّ إلي الإطلاق ِ سائر
وإلى الحِبِّ انصرفْ
مِتْ فإنَّ الموتَ من باب ِ الشـَّرفْ
حينَ يبقى المرءُ مرهونـًا لعقلٍ
لا يُـفكـِّر أو تناوشْـهُ الظـُّـنون
إنَّ شكـَّــًا مثلَ شكـِّـك يُوردُ المرءَ اليقين
نـَمْ قريرَ العين ِ بينَ الخالدين
فهُناك الحزنُ بابٌ يُدخل البلد الأمين
وسِعتْ رحمة ربِّي كلَّ شئ ٍ مالهُم أهلُ السَّرف
قمرٌ جنـَّت ؟
وهل عالمنا إلا جُـنون
حين يبقى المرءُ من دون ِ رسالة
سائمًا يرعى مع الأمل ِ الطـَّويل
يا شجيَّ القلب ِ كم قتلتْ من النـَّـاس الشـُّجون
آهِ يا ويلك من ذاك الخلِي
ويحَ قلبٍ دمُـه الدفـَّاق تنسدُّ عروقـُه
ويُعاني الظـُّـلم جهرًا من أتون لأتون
ما الذي ترجوهُ غير الفقر والإدقاع والشـَّظف المُهين
هكذا يا مُبدع َ القوم مصيرُ المُبدعين
جسدٌ يذوي
وروحٌ في أعاليها تـُحلـِّق وأنين
كنتَ في حُـزنك أبهَى
نحن مِتنا قبل أن نرحل عنها
حين كـُنا في جسوم ٍ لم نكـُنها
ونفوس ٍ كم تعبنا من خواطِـرها ومنها
ما حياة ُ المرء دونَ الآخرين
أو حياة العقل من دون ِ سؤال ِ
إنَّ نفسـًا تتسامَى للأعالي
توقـُها أبدًا إلى خلق ِ الجمال ِ
سوف يُصلِـيها جُحود الجاحدين
سبْحُها اللـَّهمَّ إن كنت طِلابي لا أبالي
لي من المأمول ِ في الإنسان ِ ما فاق خيالي
غير أنَّ الحرَّ يبقى نيـِّرًا
ينشر الإبداع َ من جوف السُّـكون
يتلظـَّى في أتون النفس ِ حينـًا
ويُعاني ما يعانِـي
ثم يخبُو وتضئ الأرضُ من ومض ِ المعاني
وكذا كـُنت التـِّجاني
يا سموَّ ًا فوق هاتـِيك الصَّغائر
قلبك الوثــَّـاب نورٌ وبصائر
أيها الصُّوفيُّ والجرمُ المُعذ َّب
شكــُّـك المُـؤلم من خلف ِ السَّـتائر
يتراءَى ويغيب
حين يبقى الله أقرب لكَ من حبل ِ الوريد
ثم تسمُو وتزيد
ثم يأتي أمرُ ربِّى
تلكـُمُ الساحاتُ أرحبْ
فادخلوها بسلام ٍ آمنين
إنـَّما الله السَّـلام
إن تسلْ عنـِّي فإنـِّي غبتُ عن دنيا الأنام
والتزمتُ الصَّمت قفزًا من مقام ٍ لمقام
هِـمتُ بالإنسان ِ واستبقيتُ عينـًا لا تنام
ترقـُب الآفاقَ هل يأتي زماني
أو يجئ ُ الحِبُّ فجَّـاجُ الزِّحام
غبت عمدًا حين لم يُجدِ الكلام
وتقيـَّدت بصمتي ما على الرَّاسف في القيد ِ ملامة
عشتُ عبرَ الصَّمت موفورَ الكرامة
لم يروا منـِّي سوى رسم ٍ وقامة
وانطوى عنـْهُمُ سرِّي
طينة البؤس ِ استخفـَّـتها من الطـِّـفل ِ ابتسامة
وغشتها نار وجدٍ نسأل الله السَّـلامة
من حريق ِ العُمر في الزَّمن القتامَـة
ما على الإنسان لو صافـَى إلى يوم القيامة
وعلى الدَّرب استقامْ
أمنياتي في الختام
أن يُغاث النـَّاس عامًا بعد عام
أن تضئ َ الأرض ينقشع الظـَّلام
لك منـِّي أمنياتي يا تجاني
صحبة الأخيار والنـَّـفر الكرام
لك منـِّي ما يفوق الحصر حبَّــًا
ويفوق العدَّ من باب السَّـلام

نظرة

أعلى الجمال تغار منّا ماذا عليك إذا نـــظرنا

هي نظرة تنسي الوقار وتسعد الروح المعنّى

دنياي أنت وفرحتي ومنى الفؤاد إذا تمنّى

أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنّا

هلا رحمت متيماً عصفت به الأشواق وهنّا

وهفت به الذكري فطاف مع الدُجى مغناً فمغنا

هزته منك محاسن غنّى بها لما تغنّى

آنست فيك قداسة ولمست اشراقاً وفنّا

ونظرت في عينيك آفاقاً وأسراراً ومعنى

وسمعت سحرياً يذوب صداه في الأسماع لحنا

نلت السعادة في الهوي ورشفتها دنّاً فدنّا


****************
ولد الشاعر ادريس محمد جماع بحلفاية الملوك عام 1922
صدح وغنى ولاكنة عجز عن الوصول الى هدفة وغايتة فمحبوبتة صارت الى غيرة وخيم علية الحزن والياس الى درك صعب الاحتمال وشن هجوما على نفسة وهو الذى كان يسمو ويحدق فى سماوات الحب وكان يقول لمحبوبتة

فى ربيع الحب كنا نتساقى ونغنى…. نتناجى ونناجى الطير من غصن لغصن
ثم ضاع الامس منى ….. وانطوت فى القلب حسرة

وشاعرنا لة ديوان شعر وحيد وهو مجموعتة الشعرية التى جمعت بعد وفاتة
واسمة لحظات باقية

***********

رحلة النيل
إدريس جماع

النيلُ من نشوة الصهباءِ سَلْسلُهُ
وساكنو النيلِ سُمّار ونُدْمانُ
وخفقةُ الموجِ أشجانٌ تُجاوبها
من القلوب التفاتاتٌ وأشجان
كلُّ الحياةِ ربيعٌ مشرق نَضِرٌ
في جانبيه وكلُّ العمرِ رَيْعان
تمشي الأصائلُ في واديه حالمةً
يحفّها موكبٌ بالعطر ريّان
وللخمائل شدوٌ في جوانبهِ
له صدىً في رحاب النفسِ رنّان
إذا العنادلُ حيّا النيلَ صادحُها
والليلُ ساجٍ، فصمتُ الليلِ آذان
حتى إذا ابتسم الفجرُ النضيرُ لها
وباكرتْه أهازيجٌ وألحان
تحدّر النورُ من آفاقه طَرِباً
واستقبلتْه الروابي وَهْو نشوان

****
تدافع النيلُ من علياء ربوتهِ
يحدو ركابَ الليالي وَهْوَ عجلان
ما ملَّ طُولَ السُّرى يوماً وقد دُفنِتْ
على المدارج أزمانٌ وأزمان
ينساب من ربوة عذراءَ ضاحكةٍ
في كلّ مغنًى بها للسحر إيوان
حيث الطبيعةُ في شرخ الصِّبا ولها
من المفاتن أترابٌ وأقران
وِشاحُها الشَّفقُ الزاهي وملعبُها
سهلٌ نضيرٌ وآكامٌ وقيعان
وربَّ وادٍ كساه النورُ ليس لهُ
غيرُ الأوابدِ سُمّارٌ وجيران
وربّ سهلٍ من الماء استقرَّ بهِ
من وافد الطيرِ أسرابٌ وَوُحْدان
ترى الكواكبَ في زرقاء صفحتهِ
ليلاً إذا انطبقتْ للزهر أجفان

****
وفي حِمى جبل الرجّافِ مُختلَبٌ
للناظرين وللأهوال ميدان
إذا صحا الجبلُ المرهوبُ رِيعَ لهُ
قلبُ الثرى وبدتْ للذعر ألوان
فالوحشُ ما بين مذهولٍ يُصفّدهُ
يأسٌ وآخرُ يعدو وَهْوَ حيران
ماذا دهى جبلَ الرجّافِ فاصطرعتْ
في جوفه حُرَقٌ وارتجّ صَوّان
هل ثار حين رأى قيداً يكبّلُهُ
على الثرى فتمشّتْ فيه نِيران

****
والنيلُ مُندفِعٌ كاللحن أرسلَهُ
من المزامير إحساسٌ ووجدان
حتى إذا أبصر «الخرطومَ» مُونقةً
وخالجتْه اهتزازاتٌ وأشجان
وردّد الموجُ في الشطّين أغنيةً
فيها اصطفاقٌ وآهات وحرمان
وعربد الأزرقُ الدفّاق وامتزجا
روحاً كما مزج الصهباءَ نشوان
وظلَّ يضرب في الصحراء مُنْسرباً
وحولَه من سكون الرملِ طُوفان
سارٍ على البِيد لم يأبه لوحشتها
وقد ثوتْ تحت سترِ الليلِ أكوان
والغيمُ مَدَّ على الآفاق أجنحةً
ونام في الشطّ أحقافٌ وغُدران
والليلُ في وحشة الصحراءِ صومعةٌ
مَهيبةٌ وتلالُ البيدِ رهبان

****
إذا الجنادلُ قامتْ دون مسربهِ
أرغى وأزبد فيها وَهْوَ غضبان
ونشّرَ الهولَ في الآفاق مُحتدِماً
جمَّ الهياجِ كأنّ الماءَ بركان
وحوَّل الصخرَ ذَرّاً في مساربهِ
فبات وَهْو على الشطّين كُثبان
عزيمةُ النيلِ تُفني الصخرَ فورتُها
فكيف إن مسّه بالضيم إنسان
وانساب يحلم في وادٍ يُظلّلهُ
نخلٌ تهدّل في الشطّين فَيْنان
بادي المهابةِ شمّاخٌ بمفرقهِ
كأنما هو للعلياء عنوان

شاهد أيضاً

المصمك يستقبل 17 ألف زائر في شعبان

استقبل متحف المصمك التاريخي بمدينة الرياض، ما يقارب 17 ألف زائر، من ضيوف الدولة، وأعضاء …

تعليق واحد

  1. ابداع يفوق الجنون ….
    أعلى الجمال تغار منا .. ماذا عليك إذا نظرنا
    هي نظرة تنسى الوقار .. وتسعد الروح المعنّى
    دنياي أنت وفرحتي .. ومنى الفؤاد اذا تمنّى
    أنتَ السماءُ بدتْ لـنا .. واستعصمتْ بالبعدِ عنا