للدروز العرب، ومنهم نصف مليون مهددون بأخطار حالية في الشمال والجنوب السوريين بشكل خاص، علاقة قديمة بالسعودية، تعود إلى زمن مؤسسها الملك عبدالعزيز، فقد كان له مستشار شهير منهم، هو اللبناني فؤاد حمزة، الكاتب والدبلوماسي والباحث الذي بدأ في 1926 مترجما للملك، ثم أصبح وزيره وأول سفرائه ومستشاره حتى وفاته بعد 26 سنة في بيروت.

أحدث من ذكروه، هو الكاتب الكويتي سامي النصف في مقال جدير بالاحترام عن الموحدين الدروز، كتبه بعنوان “إياكم وبني معروف” ونجده بعدد اليوم الأحد من صحيفة “الأنباء” الكويتية، ويمكن لقارئ “العربية.نت” مطالعته اليوم أيضا في موقعها الذي نشرته فيه.

نقرأ في نهاية المقال أن الدنيا عندما ضاقت على ثوار الشام آنذاك بقيادة الأمير سلطان باشا الأطرش “فتح لهم الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه أبواب بلده، لذا عقدوا مؤتمرهم في النبك بوادي سرحان بالمملكة عام 1928 وبقي الثوار 5 سنوات بالمملكة، وكان أول سفير سعودي ومستشار الملك والقائم على شؤون الخارجية السعودية هو السعودي من أصل لبناني فؤاد حمزة، وهو من دروز لبنان”.

ومن هذه العبارات استمدت “العربية.نت” فكرة العودة إلى أرشيفات ما كتبوه عن فؤاد حمزة كأحد أشهر “بني معروف” علاقة بالسعودية في تاريخها، لتكتب عنه أيضا، خصوصا بعد المجزرة التي لحقت بالطائفة، حين قتلت “جبهة النصرة” 20 من شبانها ليل الأربعاء الماضي في قرية “قلب لوزة” بمحافظة إدلب في الشمال السوري.

حين كان الملك سلمان أميرا للرياض قبل 7 سنوات استقبل أحد أبناء فؤاد حمزة، وهو الدكتور عمر، وقلده وساما

وأصبح المترجم وزيرا وأول سفير

كانوا يسمونه فؤاد بك حمزة، وللمقربين هو “أبو سامر” إلا أن اسمه الكامل كان فؤاد بن أمين بن علي حمزة، المولود في 1899 بقرية “عبيه” القريبة من مصيف “عاليه” الجبلي في لبنان، وهو من عائلة درزية يصفونها بعريقة من أصل قحطان، عرب الجنوب.

وكان حمزة معلما في مدارس حكومية بالقدس ودمشق، وملما باللغة الإنجليزية، ولهذا السبب قدمه شكري القوتلي، قبل أن يصبح رئيسا لسوريا فيما بعد، إلى الملك عبدالعزيز، فاختاره ليعمل لديه مترجما خاصا، إلا أن المترجم تولى سريعا أعمال مديرية الشؤون الخارجية، وبعدها وكيلا لها، وتلاها بتقدير خاص من الملك الذي منحه الجنسية السعودية مع لقب سفير، وكان أول منصب سفير للمملكة الناشئة.

بعدها عينه الملك وزير دولة، ثم وزيرا مفوضا في باريس، وبالمنصب نفسه فيما بعد بأنقرة، ثم شغل المنصب الأهم، وهو مستشار للملك الذي أوفده في مهمات دبلوماسية عدة بالخارج، منها إلى أوروبا والولايات المتحدة “للتعريف بسياسة المملكة ومنهجها” على حد ما طالعت “العربية.نت” عنه في موقع “ويكيبيديا” المعلوماتي، وطابقته بمعلومات منشورة متفرقة في وسائل إعلام سعودية بشكل خاص.

وأوصى بمكتبته لدارة الملك عبدالعزيز

من المعلومات الأرشيفية أيضا أن فؤاد حمزة، المؤلف لثلاثة كتب عن #السعودية ، شارك برئاسة الملك عبدالعزيز في مؤتمر “لوبن” للتفاوض مع عاهل العراق، الملك فيصل. كما تولى مفاوضات وصاغ اتفاقيات ونفذ مهمات خاصة، إلى درجة أصبح معها ملما بالصورة الحقيقية لشخصية الملك ومشاريعه وما ينويه، وتطورت علاقته به لتتفرع إلى علاقات وثيقة أقامها مع أمراء البيت السعودي.

واعتل فؤاد حمزة بمرض القلب الذي حمله على طلب العلاج في بيروت، وفيها عام 1951 توفي بعمر 52 سنة، في وقت كان ينهي فيه كتابا ألفه عن الآثار في السعودية، فدفنوه في قرية “عبيه” بعد أن أوصى بتقديم مكتبته التي كانت تحتوي على 1257 كتابا، وتضم مجموعات نادرة من المؤلفات هدية إلى مكتبة دارة الملك عبدالعزيز، إلا أنه ترك أيضا وثائق مهمة وصوراً ومذكرات.

بعض صور فؤاد حمزة في السعودية ومخطوطاته، ومنها مذكراته التي قدمها ابنه لدارة الملك عبد العزيز

لقاء الابن بالملك سلمان حين كان أميراً للرياض

وقبل7 سنوات، حين كان الملك سلمان أميراً للرياض ورئيساً لمجلس إدارة “دارة #الملك_عبد_العزيز ، زاره في مكتبه أحد أبناء فؤاد حمزة، وهو الدكتور عمر الذي قدم إليه في مارس 2008 ما تركه والده من وثائق ومذكرات “ترتبط كمصادر بتاريخ الملك عبدالعزيز والمملكة”، وفق خبر طالعته “العربية.نت” منشورا ذلك العام بصحيفة “الاقتصادية” السعودية.

وشكره أمير الرياض آنذاك على مبادرته، وقال له: “إن ما قدمته أسرة فؤاد حمزة يعد امتدادا لما بذله، رحمه الله، للوطن، وإضافة مهمة لمصادر المعلومات التاريخية في دارة الملك عبدالعزيز، وستجد كل العناية والاهتمام من مركز الوثائق والمخطوطات في الدارة”، على حد تعبير الأمير الذي نراه في الصورة التي تنشرها “العربية.نت” وهو يقلده وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى تقديراً له ولأبيه.